لم يقتصر رد فعل الجزائر حيال التطورات الأخيرة المرتبطة بقضية الصحراء، على سحب سفيرها لدى فرنسا، في خطوة معارضة لقرار الأخيرة دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة، بل تعداه إلى التهديد باتخاذ إجراءات إضافية تصعيدية ضد باريس. وزير الخارجية الجزائرية أحمد عطاف، قال خلال مؤتمر صحافي في الجزائر العاصمة كشف فيه جزء من كواليس وظروف تغيير فرنسا لموقفها من النزاع المفتعل حول الصحراء: "سنقوم بالخطوات اللازمة التي سنعبر من خلالها عن رفضنا لإقدام فرنسا على خطوة خطيرة على المنطقة والجهود التي تبذل خصيصا في هذا الظرف لإيجاد حل سلمي وسياسي لقضية الصحراء الغربية". وفق تعبيره.
عطاف، اعتبر أن قرار الجزائر استدعاء سفيرها من باريس للتشاور ليس سوى خطوة أولى ستليها خطوات أخرى، لكنه لم يكشف عن طبيعتها، بينما يرجح بعض المراقبين أن يكون لهذا الوعيد علاقة بالاتفاقات الاقتصادية التي تجمع البلدين والتي قد تستعملها حكام الجارة الشرقية للضغط على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع العلم أن هذه المقاربة في التعامل مع أمر صار واقعا، سبق وأن اعتمدها "قصر المرادية" مع إسبانيا غداة إعلانها هي الأخرى دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء، لكنها لم تؤت أكلها، إذ سرعان ما أعادت الجزائر سفيرها الذي تم سحبه من مدريد.
وبخصوص استدعاء السفير الجزائري من فرنسا، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أحمد عطاف: "هذا ليس مجرد استدعاء سفير للتشاور، هذا تخفيض لمستوى التمثيل الدبلوماسي"، مضيفا: "إنها خطوة مهمة للتعبير عن إدانتنا واستنكارنا".
ولفت عطاف إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أبلغ نظيره الجزائري عبد المجيد تبون على هامش قمة مجموعة السبع في يونيو الفارط بإيطاليا، بالقرار الذي تعتزم باريس اتخاذه وهو اعتبار مخطط الحكم الذاتي في الصحراء "الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومُتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وحسب رواية الوزير الجزائري، فإن تبون رد وقتها على ماكرون "بشكل صارم وحازم ودقيق للغاية واعتبر الموقف الفرنسي الجديد ليس مجرد استنساخ للمواقف السابقة المعلن عنها، بل يتجاوزها بكثير".