يدرك قصر الإليزيه بباريس أن ردود فعل قصر المرادية بالجزائر، التي أعقبت إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون مشروعية سيادة المغرب على صحرائه، ليست ذات قيمة بصفة مطلقة، و أنها مجرد ردود فعل انفعالية آنية، لذلك لم تهتم باريس بقرار سحب السفير الجزائري من باريس، ولم تول أهمية للتهديدات التي أطلق لها العنان وزير الخارجية الجزائري في تصريحات صحافية. خلال شهر مارس من سنة 2022 قرر قصر المرادية سحب السفير الجزائري عقب إعلان رئيس الحكومة الإسبانية دعم بلاده لمبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع في إطار السيادة المغربية ، و قرر بعد ذلك بمدة وجيزة تعليق معاهدة الصداقة و التعاون مع إسبانيا .لكن بعد شهور قليلة ، و دون أن يتراجع رئيس الوزراء الإسباني قيد أنملة عن موقفه ، طأطأ حاكم قصر المرادية رأسه ،و بصيغة جد مذلة تقرر تعيين سفير جديد للجزائر في مدريد و عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل) الجذبة الجزائرية(، و سارعت وزارة الخارجية الجزائرية بتعيين سفيرها السابق في مدريد سفيرا لها في باريس ، الذي تعلن اليوم عن سحبه من باريس لنفس السبب الذي غادر به مدريد .
وقبل ذلك أدلى الرئيس ماكرون بتصريحات اعتبرها قصر المرادية مسيئة إلى الجزائر ، وسارع إلى دعوة سفيره بباريس للضغط على ماكرون، والذي حدث مرة أخرى، أن قصر المرادية أعاد السفير دون أي اهتمام من الرئاسة الفرنسية.
ديبلوماسية هاوية، لا هي قادرة على اتخاذ مواقف صائبة و لا هي قادرة على الدفاع عن المواقف التي تعلنها، و ديبلوماسية)الجذبة( التي تلطم وجهها اعتقادا منها أنها تنتفض . لذلك لا أحد يهتم بها، و يعاملها بمنطق المريض النفسي الذي لم يتناول دواءه في التوقيت المناسب.
بالنسبة إلينا، لدينا حاليا شاهدان اثنان على الأقل في ما تدعيه الجزائر ، بأنها ليست معنية بالنزاع المفتعل في الصحراء المغربية ، و هما إسبانيا و فرنسا بعد ردود فعل النظام الجزائري حول قرارات سيادية تهم قضية يقول قصر المرادية إنه ليس طرفا فيها .