الواضح أن رئيس الجمهورية الجزائرية السيد عبدالمجيد تبون تعمد توجيه رسالة واضحة من خلال تعيين سفير جديد للجزائر في باريس ، و لم يكن هذا السفير غير سفير الجزائر في مدريد الذي سارعت الخارجية الجزائرية إلى استدعائه من مدريد على عجل احتجاجا منها على موقف رئيس الوزراء الإسباني سانشيز من قضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية . الرسالة وصلت واضحة و مقروءة ، مفادها أن الجزائر ليست متحمسة إلى عودة العلاقات الديبلوماسية العادية مع إسبانيا ، و أنها تغيضها بنقل سفيرها بمدريد إلى باريس .
بغض النظر عما يكشف عنه الموقف الجزائري إزاء الجارة الإسبانية و علاقته بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية و تورط الجزائر في تفاصيله ، فإن نقل سفير الجزائر من مدريد إلى باريس يكشف بصفة جلية الارتباك الجزائري في علاقاتها مع دول الجوار و المحيط .
قبل شهور من اليوم أدلى الرئيس الفرنسي ماكرون بتصريحات خطيرة أنكر فيها الوجود التاريخي للدولة الجزائرية ، مما أثار غضب السلطات الجزائرية التي سارعت وزارة خارجيتها إلى استدعاء سفير الجزائربباريس ، و أكد الرئيس تبون آنذاك أن السفير لن يعود الى باريس قبل اعتذار الرئيس ماكرون عما صدر عنه . الذي حدث ، أن الحكومة الفرنسية لم تكترث لردة الفعل الجزائرية ، مما زاد من منسوب الاحتقار الفرنسي للحكومة الجزائرية ، قبل أن تؤكد الحكومة الجزائرية هذا الاحتقار و تقرر من تلقاء نفسها عودة السفير الجزائري إلى استئناف عمله بباريس دون اي اعتذار .
اليوم يعين الرئيس تبون نفس السفير الجزائري ، سفيرا لبلاده بفرنسا التي أدلى ماكرون بتصريحات اعتبرت حاطة من كرامة الجزائريين . إنها الجزائر الرسمية ياسادة ، تقبل بالإهانة و الاحتقار و الذل ، المهم بالنسبة إلى قاداتها هو تصريف حساباتها تجاه النزاع المفتعل في الصحراء المغربية .