الجارة الشرقية أجهضت زيارة رسمية للوزير الأول الفرنسي للجزائر وأعلنت مراجعة اتفاقاتها مع مدريد: أسبوعا بعد استدعاء سفيرها بمدريد احتجاجا على الموقف التاريخي لإسبانيا المؤيد لخطة الحكم الذاتي التي يطرحها المغرب كحل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية قالت صحيفة الشروق المقربة من النظام أن الجزائر بصدد إجراء مراجعة لجميع الاتفاقات التي أبرمتها مع إسبانيا .
الموقف الانفعالي الجزائري جاء في تصريح للأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية بداية الأسبوع الجاري ، خلال زيارة له إلى العاصمة الإيطالية روما التي تراهن عليها الجزائر كبديل مرحلي دبلوماسي واقتصادي لمحور باريس، مدريد.
المسؤول الجزائري كشف في تصريحاته حسب ما تناقلته وسائل إعلام إسبانية و جزائرية أنه من الواضح أن بلاده المندهشة للغاية من التغيّير «غير المبرّر» لموقف مدريد من ملف الصحراء ستراجع كل الاتفاقات مع إسبانيا، في كافة المجالات".
تزامنا مع هذه الخطوة العدائية المتشنجة للغاية و غير محسوبة العواقب ، أكدت مصادر متواترة أن النظام الجزائري تعمد للمرة الثانية على التوالي في ظرف أقل من سنة اجهاض زيارة رسمية مبرمجة للوزير الأول الفرنسي جون كاستيكس للعاصمة الجزائرية قبل أسبوع و قدم مبررات واهية لقراره رفض استقبال المسؤول الفرنسي مفادها نأي الجزائر بنفسها عن التموقع في حسابات سياسية داخلية تهم الفرنسيين على بعد أسابيع من موعد الاقتراع الرئاسي .
وإذا كان النظام الجزائري لا يخفي تطلعه لفشل الرئيس ماكرون في سباق الرئاسيات الفرنسية المرتقبة، فإن مصادر إعلامية جزائرية كشفت ان دوافع النظام لإلغاء زيارة مبرمجة لرئيس الحكومة الفرنسية مرده يقين قصر المرادية بأن لباريس يدا في الموقف الاسباني الأخير المدعم للوحدة الترابية للمغرب، و بأن ماكرون ينسق مع مدريدوواشنطن لعزل الجزائر دبلوماسيا في ملف النزاع المفتعل , لذا تراهن الجزائر على فشله انتخابيا لابتزاز ساكن قصر الإليزيه المقبل مع بداية عهدته الرئاسية .
أسلوب الابتزاز الدولي الفاضح والمصلحي في ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية الذي يشكل عقيدة راسخة في سلوك و مواقف حكام قصر المرادية، يكشف في ضوء المستجدات الإقليمية المتسارعة و المتسمة بترجيح كفة المغرب في موازين القوى الدبلوماسية و الاقتصادية، سيكشف مجددا النفاق الرسمي الجزائري و زيف و كذب شعارات الحياد و صفات الطرف الملاحظ الذي ظلت الجزائر الرسمية ترددها في المحافل الدولية و تتخفى وراءها لتمرير أجندات مغرقة في الكذب و البهتان.
وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين الذي يفترض أنه حل أمس بالعاصمة الجزائرية المحطة الأخيرة لجولته المكوكية بالمنطقة بعد الرباط , تم تطويقه من حكام الجزائر قبل نزوله بمطار الهواري بومدين بالكثير من المحاذير والشروط وعلى رأسها التزام ادارة البيت الأبيض بالإعلان عن نقض قرار الرئيس السابق دونالد ترامب المعترف بسيادة المغرب على صحرائه في مقابل تعهد الجزائر بأخذ مسافات مرضية لواشنطن من الحليف الروسي في ملف الازمة الأوكرانية .
النظام الجزائري الذي أضحى يفتقر للمزيد من أوراق الضغط الدبلوماسي لإنعاش مشروعه الانفصالي بمخيمات تندوف يحاول الركوب على الحرب الروسية ضد أوكرانيا لابتزاز الغرب , وقد يصل مستوى غروره المرضي حدودا يقبل بموجبها وضع خزان محروقاته و ثرواته النفطية رهن إشارة العالم الغربي و القبول مبدئيا بالتطبيع المتدرج مع تل أبيب في مقابل التزام واشنطن بتجميد قرارها المدعم لخطة الحكم الذاتي ومغربية الصحراء و تراجع باريس و مدريد و حتى لندن عن خطوات التقارب التي سلكتها في اتجاه الرباط في ملف الصحراء...