لهذه الأسباب أخفق جنرالات قصر المرادية في جميع معاركهم ضد المصالح المغربية جددت فرنسا، أول أمس الاثنين، دعمها لمخطط الحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب باعتباره "أساسا للنقاش، جادا وذا مصداقية"، من أجل تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
المتحدثة باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، أكدت أن موقف فرنسا من قضية الصحراء "ثابت لصالح حل سياسي عادل، دائم ومقبول لدى الأطراف، وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومن هذا المنظور، فإن مخطط الحكم الذاتي المغربي يشكل أساسا للنقاش جادا وذا مصداقية".
تماهي الموقف الفرنسي من وحدة المغرب الترابية مع نظيره الاسباني يتيح للدبلوماسية المغربية زخما إيجابيا و موقع قوة محفز في الترافع و الدفاع عن مصالح المغرب الحيوية لدى مجموع دول الاتحاد الأوروبي التي رحبت مفوضيتها ببروكسيل في نفس اليوم بما وصفته بالمرحلة الجديدة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، و أشادت بالتطور الإيجابي بين دول الاتحاد الاوروبي والمغرب في علاقتهما الثنائية، والذي من شأنه أن يكون مفيدا للشراكة الأوروبية المغربية ككل تؤكد المتحدثة باسم المفوضية، نبيلة مصرالي .
الوضع المريح للمملكة و حجم و مستوى المكاسب الدبلوماسية التي راكمتها خلال الأسبوع الجاري يوازيه في المقابل حرج وورطة و تخبط غير مسبوق لدى نظام الجارة الجزائر الذي ما زال عناده المرضي يدفع به الى اقتراف المزيد من الأخطاء و الزلات التي لا تسهم في آخر المطاف و ضد إرادة و نوايا قصر المرادية الى في تقوية و اسناد مصداقية ووجاهة الطرح المغربي في العديد من القضايا الإقليمية .
الجزائر الرسمية التي رفضت السبت الماضي موقف مدريد المساند للوحدة الترابية المغربية و استدعت سفيرها بإسبانيا للتشاور في انتظار موقف لن يرقى على الأرجح الى زلة لعمامرة قبل أسابيع حين سحب سفيره بباريس احتجاجا على تصريح للرئيس الفرنسي ماكرون انكر فيه وجود أمة جزائرية قبل استقلال هذه البلاد .
الجزائر باعلامها و مؤسساتها صعدت حربها الكلامية ضد ماكرون , لكتها أعادت سفيرها الى العاصمة الفرنسية صاغرا و دون أي تنازلات أو مكاسب أو تعهدات من باريس .
مشكلة النظام العسكري الجزائري أنه يتفنن و لا يتوقف عن فتح جبهات الصراع مع العديد من الأطراف , بهدف التسويق الإعلامي الداخلي فقط و للتغطية على المآسي الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية و الأمنية التي تشهدها البلاد , وحين تفشل مناوشاته المجانية في تحقيق النصر السياسي المبتغى , يخرج ساسته و إعلامه لإبراز العين الحمراء في مواجهة الخصوم و الأصدقاء , و تتعمد دبلوماسيته الهاوية الى نقل حلبة المواجهة الى جبهات أخرى مما يتسبب مع تكرار و تجدد هذا السلوك المتذبذب الى فقد الثقة دوليا و إقليميا في مصداقية و جدية النظام الجزائري و الشك في قدرته على احترام التزاماته و تعهداته .
بعد فشل المناورات و الاجندات الجزائرية قبل سنتين في محيط الكركرات و بالمناطق العازلة جنوب و شرق الحزام الأمني المغربي بالصحراء المغربية , حاول قصر المرادية استعمال سلاح الغاز لإرهاق المغرب اقتصاديا و اجتماعيا و تخويف و تحذير اسبانيا و عبرها المجموعة الأوروبية من مغبة الاستمرار في مباركة التدخل المغربي الذي ظهر المعبر الحدودي الدولي اقصى جنوب المملكة .
مدريد و واشنطن تدخلتا حبيا لدى الجزائر لإعادة تشغيل أنبوب الغاز الاورومغاربي العابر للمغرب تحسبا لتداعيات أزمة الطاقة التي سيفرزها الاجتياح الروسي لاوكرانيا .الجزائر رفضت بالمطلق الاستجابة للمطلب الاسباني الأمريكي الملح معتقدة أنه سيوفر امتيازا سياسيا " مجانيا " يقوي الموقع المغربي .
التعنت الجزائري دفع حكومة مدريد الى البحث عن تأمين احتياجاتها من الغاز من خارج السوق الجزائرية التي تمارس الابتزاز السياسي و الدبلوماسي المكشوف .
المعطيات تؤكد أن شحنات الغاز التي ضختها الجزائر نحو الجنوب الاسباني منذ نونبر الماضي تقلصت بشكل كبير و متعمد و لم تحترم حتى الالتزامات المضمنة في عقود صفقات التموين المبرمة مع اسبانيا التي لجأت الى البديل الطاقي القطري و الأمريكي لتفادي تبعات أي نزوة مفاجئة لحكام الجزائر .
الجزائر التي تتألم من تبعات ما تزعم أنه مؤامرة مغربية اسبانية تقوض معالم الأجندات الجزائرية التي ظلت تقايض المحروقات الجزائرية بالمواقف المناهضة للحق المغربي المشروع و التاريخي في سيادته الترابية الكاملة , تلعب اليوم بايعاز من الجنرالات النافذين آخر ما تبقى لها من خطط و مناورات لإنقاذ ماء وجه الدبلوماسية الجزائرية , التي جنت على الوضع الداخلي الجزائري الكثير من العواقب و الويلات حتى أضحت الوحدة الترابية للجزائريين مهددة بفعل التعنت و عدم نضج و مسؤولية المواقف الخارجية لنظام بلادهم .
هل يمكن حكومة دولة تعيش عزلة إقليمية خانقة و حدودها البرية مسيجة بالأزمات و التهديدات و مع ذلك لا تقبل الإقرار بأن خططها المعادية للمصالح المغربية قد فشلت في تحقيق أهدافها طيلة أزيد من نصف قرن من الجوار المعادي و المتشنج ؟
النظام الجزائري الذي يغدي طواعية و بسبق إصرار و ترصد شرارة الانفصال بجزء من التراب المغربي و يتحمل نتيجة ذلك عبئا اجتماعيا و أمنيا و ماليا مكلفا جدا بصحراء لحمادة غير بعيد عن مركز تندوف , يواجه اليوم حركة انفصالية مسلحة اسمها حركة تحرير جنوبالجزائر تطالب باستقلال الصحراء الجزائرية و نفدت قبل أيام قليلة هجوما مسلحا استهدف نقطة للجيشالجزائري بموقع تيمياوين نقطة التماس الحدودي مع مالي و قتلت ثلاثة جنود جزائريين نعاهم رسميا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دون أن يمتلك شجاعة توضيح ظروف مقتلهم .
قصر المرادية يعتبر البلاد و نظامها غير معنيين بمثل هذه التهديدات الأمنية المتفاقمة بجنوب و شرق الجزائر و مع ذلك لا يعدم الأموال و الخطط و المناورات للضغط على مدريد للتراجع عن دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية , و لو استدعى الأمر المغامرة بحجب الغاز الجزائري عن جنوب اوروبا و فتح قنوات التعاون و التنسيق مع أطراف أخرى مناوئة لتوجهات الاتحاد الأوروبي من قبيل ايران و الصين و حتى ميليشيات فاغنر الروسية التي تنشر الموت بقلب الساحل الافريقي .
عبد العزيز رحابي الدبلوماسي الجزائري السابق بلغت به الوقاحة قبل يومين الى حدود مطالبة حكومة بلاده بتوظيف عشرات الاف المهاجرين ذوي الأصول الافريقية المتواجدين فوق التراب الجزائري , كدروع بشرية لترهيب و ابتزاز المجموعة الاوربية .
في الخلاصة بدءا من موقعة الكركرات و اعتراف الرئيس ترامب و مرورا بجبهات الاتحاد الافريقي و الجامعة العربية و انتهاء بالحلبة الاوربية و ملف الغاز أخفقت الجزائر في جميع جولات صراعها الدبلوماسي مع المملكة المغربية , بل و تقوى موقع الرباط و ارتفعت أسهم مصداقيتها في اوربا و الشرق الأوسط و الامريكيتان .
بعد كل هذه النزوات و المعارك الفاشلة لا يمكن انتظار الا مغامرات و حماقات جديدة من الجانب الجزائري الذي تحول الى مجرد كومبارس في الساحة الدولية يؤدي مجبرا رقصة الديك المذبوح بعد أن فشلت سياسة و نهج العين الحمراء في تحقيق أهدافه و أجنداته .
في المحصلة نزوات جنرالات قصر المرادية لم تزد الشعب الجزائري الا شتاتا و ضعفا و السمعة الجزائرية تبخيسا و نفورا داخليا و خارجيا لينطبق عليها المثال العربي المأثور " على أهلها جنت براقش ".