حاورنا زعيم الشيعة المغاربة وزعيم المسيحيين المغاربة وغيرهما، وفي هذا الحوار نجد عالما آخر، سنستمع للمغربي عصام الخامسي وهو يعدد المخاطر التي يتعرض لها أتباع الجماعة الأحمدية في العالم ما بين السجن و الرجم و القتل، وفي نفس الوقت يقبل الظهور المكشوف كزعيم للجماعة الأحمدية بالمغرب ليقول: "إن المهدي المنتظر قد بعث فينا وهو مرزا غلام أحمد القادياني عليه الصلاة والسلام". ليضيف: "إننا أغنى جماعة إسلامية في العالم"، وليسرد بإسهاب الطريقة التي ينتمي بها الأحمديون للإسلام ومواقع الاختلاف مع الاسلام غير الأحمدي، ووقائع وتفاسير وتأويلات جد مثيرة نترك القراء الكرام فرصة اكتشافها وسلطة الحكم عليها". كما ننشر هذا الحوار مقسما إلى 3 أجزاء سننشرها بالتتابع. من هو عصام الخامسي؟ مواطن مغربي من مواليد 1966 بمراكش، متزوج ولي ثلاثة أبناء. حاصلى على شهادة الدكتوراه في الصيدلة من كلية الطب والصيدلة، جامعة محمد الخامس بالرباط.
أنت "زعيم" الجماعة الأحمدية بالمغرب.. متى اعتنقت أفكارها؟ تعرفت على الجماعة الإسلامية الأحمدية سنة 1996 عن طريق التلفاز واعتقدت بها سنة 1999، وبايعت على يد الخليفة الرابع مرزا طاهر أحمد رحمه الله سنة 2000.
من كان سببا في التحاقك بالجماعة الأحمدية؟ زوجتي. لقد تعرفت على الجماعة عن طريق التلفاز، وكانت تحدثني عنها ليلا، عندما أعود من العمل. في أول الأمر كنت أعارضها وأطلب منها أن تترك هذه الأفكار الغريبة، وفي الأخير أنا الذي تأثرت بها. فوراء كل رجل ... امرأة.
كم استمر مسارك التنظيمي داخل الجمعية التي تؤطركم؟ هي ليست جمعية بل جماعة إسلامية.
وكيف أصبحت مسؤولا عن الجماعة في المغرب؟ عندما تعرفت على الأحمدية، كانت جماعة المغرب تحت وصاية جماعة إسبانيا بحكم القرب الجغرافي. كان يسهر على تسييرها أحمدي مقيم بطنجة. وفي سنة 2006 تم ترشيحي من طرف أمير جماعة إسبانيا لتولي مسؤولية تسيير الجماعة بالمغرب. وفي سنة 2007 عينني مرزا مسرور أحمد، خليفة المسيح الخامس أيده الله بنصره العزيز، مسؤولا عن جماعة المغرب إلى غاية اليوم. في سنة 2010 تحولت الوصاية من جماعة إسبانيا إلى جماعة فرنسا بحكم اللغة، وفي سنة 2011 أصبحت جماعة المغرب مستقلة.
حدثنا عن الطائفة الأحمدية ونشأتها في المغرب؟ حسب وثائق الجماعة، أول أحمدي مغربي كان في عهد مرزا غلام احمد، الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، كان من علماء القرويين الذين سمعوا بدعوة مرزا غلام أحمد القادياني وراسلوه. توصلى ببعض الكتب وحث طلبته على قراءتها. في ثلاثينيات القرن الماضي ذهب أحد المغاربة إلى الحج، وفي طريق العودة، عرج على القدس، تعرف على الجماعة ومكث بقرية تسمى الكبابير ضواحي حيفا، وهي بالمناسبة مركز الجماعة الإسلامية الأحمدية بالديار المقدسة، أسندت إليه مهمة تعليم القرآن للأطفال، توفي ودفن هناك. أول لقاء موثق بين أحمدي ومغربي على أعلى مستوى كان سنة 1953 في الأممالمتحدة بنيويورك. كان السيد ظفر الله خان، أحمدي ومن صحابة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، وزيرا لخارجية باكستان. كان رحمه الله يدافع عن استقلال الدول العربية ومن بينها المغرب. عندما تم نفي المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، طلب السيد ظفر الله خان من أحد الدبلوماسيين المغاربة، واسمه "بلقزيز"، أن يطرح قضية المغرب أمام الجمعية العامة، إلا أن السلطات الفرنسية بحكم أن المغرب تحت حماية فرنسا ولا يحق لأي مواطن مغربي أن يأخذ الكلمة أمام الجمعية العامة دون موافقتها، فما كان من السيد ظفر الله خان إلا أن مكن السيد "بلقزيز" من جواز سفر دبلوماسي باكستاني، استطاع أن يتناول الكلمة بواسطته في الجمعية العامة، فطرح قضية استعمار المغرب ونفي السلطان وعائلته آنذاك أمام المنتظم الدولي.
على حد علمي كانت لبعض رموز جماعتكم لقاءات مع الراحل الحسن الثاني؟ بعيد الاستقلال، وفي سنة 1962، استقبل المغفور له الحسن الثاني السيد ظفر الله خان في القصر الملكي بالرباط وقال في حقه : "لا نقدر أن نجازيك بشيء على الخدمة التي أسديتها للمغرب وعائلتنا الملكية، ولكن إذا قبلتَ منا هذا الوسام تذكارًا لسعادتنا بك وصداقتنا معك فسيكون ذلك مدعاة لسعادتي وسروري". ثم في نفس السنة، زار العاهل المغربي -الحسن الثاني- الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث دُعي إلى اجتماع المندوبين الإفريقيين والآسيويين، وكان المندوب الباكستاني سيرأس هذه الجلسة، وهو آنذاك محمد ظفر الله خان، أخذ الكلمة المغفور له الملك الحسن الثاني فبدأها بقوله: "أيها السادة، إن هذه الجلسة مصدر فرحة وسرور خاص لي، إذ سنحت لي الفرصة لأنقل باسمي وباسم الشعب المغربي آيات الشكر والامتنان للشخصية الكريمة التي ترأس الآن جلسة المجموعة الآسيوية والإفريقية، وذلك على خدمتها لنا في وقت عصيب جدا. لقد أبديت له مشاعري هذه في الرباط أيضا، غير أنني كنت أريد أن أقولها له أمامكم أنتم أيضا. كان أصدقاؤنا يكادون يُعَدّون على أصابع اليد عندما طُرحتْ قضية المغرب على طاولة الأممالمتحدة، غير أننا عندما كنا نسمع محتوى خطابات ظفر الله خان في الأممالمتحدة عبر الراديو أو نقرأها في الصحف كانت قلوبنا تمتلئ طمأنينة، ويحدونا الأمل في أن يكون النجاح حليفنا يوما ما لأن قضيتنا بيد محام محنك وقدير". وفي سنة 1980 استقبل جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله بمعية جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ولي العهد آنذاك، البروفسور عبد السلام، أول مسلم يتحصل على جائزة نوبل في الفيزياء، ووشحه بوسام ملكي وهنأه على فوزه بهذه الجائزة. وفي نفس السنة 1980 استقبل الملك الحسن الثاني رحمه الله البروفسور عبد السلام مرة أخرى وعينه عضوا مشاركا في أكاديمية المملكة المغربية للعلوم بظهير شريف مازالت الجماعة تعتز به وتعرضه بمسجد بيت الفتوح بلندن. ويمكن أن نقرأ في الصفحة الثالثة منه: "وتقديرا منا لشخصكم وللأعمال الجليلة التي ما فتئتم تبذلونها، في مجال تخصصكم، لأمتكم وللإنسانية جمعاء، فقد وافقنا، مبتهجين، على تعيينكم عضوا مشاركا في أكاديمية المملكة المغربية. ولنا كامل اليقين وبالغ الثقة في أن إسهامكم القيم في نشاط هذه المؤسسة العليا وجهودها سيكون له الأثر الحميد في تحقيق الأهداف التي توخيناها من تأسيسها، كما ستكون مشاركتكم حافزا قويا لتوطيد أواصر الإخاء والتعاون بين بلدكم والمملكة المغربية". وكما سبق وأشرت إلى ذلك، سيرت جماعة إسبانيا جماعة المغرب إلى غاية 2010، ثم بعدها جماعة فرنسا، وفي سنة 2011 أصبحت جماعة المغرب مستقلة.
تختلفون عن المسلمين في إيمانكم بأن مرزا غلام أحمد هو الإمام المهدي، من يكون غلام أحمد، مؤسس الجماعة الأحمدية؟ دعه يعرف نفسه بنفسه. يقول مرزا غلام احمد القادياني معرفا باسمه ونسبه في كتاب التبليغ: "اسمي غلام أحمد، واسم أبي غلام مرتضى، واسم أبيه عطا محمد، وكان عطا محمد ابن گُل محمد، وگُل محمد ابن فيض محمد، وفيض محمد ابن محمد قائم، ومحمد قائم ابن محمد أسلم، ومحمد أسلم ابن محمد دلاور، ومحمد دلاور ابن إله دين، وإله دين ابن جعفر بيگ، وجعفر بيگ ابن محمد بيگ، ومحمد بيگ ابن عبد الباقي، وعبد الباقي ابن محمد سلطان، ومحمد سلطان ابن ميرزا هادي بيگ المورث الأعلى. فذلك اسمي وهذه أسماء آبائي، غفر الله لنا ولهم وهو أرحم الراحمين". يتبين للقراء أن أجداده مسلمون، يقال لنا إننا نتبع رجلا هندوسيا. وعن دعواه يقول ما تعريبه: "إن المهمة التي قد أقامني الله تعالى للقيام بها هي أن أقوم بإزالة ذلك الخلل الحاصلى بين الله وخَلْقه، وأرسي بينهما صلىة المحبة والإخلاص ثانية، وألغي الحروب الدينية بإظهار الحق مُرسِيًا دعائم الصلىح، وأكشف الحقائق الدينية التي قد اختفت عن أعين الناس، وأقدم نموذجًا للروحانية التي صارت مدفونة تحت ظلمات النفوس، وأكشف، بالعمل لا باللسان فحسب، تلك القوى الربانية التي تسري إلى داخل الإنسان وتتجلى فيه نتيجة إقباله على الله تعالى أو نتيجة دعائه، وفوق كل هذا، أن أغرس في القوم من جديد غراسًا خالدًا للتوحيدِ الخالص النقي اللامع الخالي من أي شائبة من شوائب الشرك. بيد أن هذا كله لن يتم بقوتي أنا، بل بقدرة ذلك الإله الذي هو رب السماوات والأرض".
يبدو أنكم غير مقتنعين بالإسلام؟ الجماعة الإسلامية الأحمدية هي الإسلام الحقيقي. لقد أسسها مرزا غلام أحمد القادياني مصداقا لنبوءات آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول(ص). فهل تعتقد أن الله ورسوله يبشران بمبعوث يدعو لغير الإسلام؟ ونحن نقرأ في القرآن: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه". قد نختلف على شخص مرزا غلام أحمد القادياني هل هو ذلك المخلص الموعود أم لا. ولكن لا يمكن لأي مسلم، من أي طائفة كانت، أن يتنكر لعقيدة الإمام المهدي. التنكر لهذه العقيدة هو تكذيب للقرآن ولنبي الإسلام عليه أزكى الصلاة والسلام. لقد ذهب بعض علماء السلف إلى حد إخراج من الملة من ينكر عقيدة الإمام المهدي، واعتبروا هذه العقيدة "معلوما من الدين بالضرورة".
علماء المسلمين أجمعوا على أنكم خارج الملة؟ التهمة القديمة الجديدة، أن الأحمدية خارجة عن ملة الإسلام، لم تعد تنطلي على أحد، خصوصا في عهد الأنترنيت، حيث أصبح العالم قرية واحدة. الجماعة متواجدة في أكثر من 200 دولة عبر العالم تنشر الإسلام وتدعو إلى أداء حقوق الله وحقوق العباد، وهي الجماعة الأكثر انتشارا في العالم. نحن نتحدى أي شخص يبرز جماعة تضم أعضاء جاؤوا من جميع الخلفيات الدينية والأعراق المتواجدة في العالم وهي تحت يد وقلب رجل واحد، وهذا الرجل يحمل لقب خليفة. يقول مؤسس الجماعة بنفسه في كتاب "نور الحق" الصفحة الرابعة: "نحن مسلمون، نؤمن بالله الفرد الصمد الأحد، قائلين لا إله إلا هو، ونؤمن بكتاب الله القرآن، ورسولِه سيدنا محمد خاتم النبيين، ونؤمن بالملائكة ويوم البعث، والجنة والنار، ونصلىي ونصوم، ونستقبل القبلة، ونحرّم ما حرّم الله ورسوله، ونُحِلُّ ما أحَلَّ الله ورسوله، ولا نزيد في الشريعة ولا ننقص منها مثقال ذرة، ونقبل كل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنْ فهِمْنا أو لم نفهَم سِرَّه ولم نُدرك حقيقته، وإنّا بفضل الله من المؤمنين الموحّدين المسلمين". بالمناسبة جميع كتب مرزا غلام احمد القادياني وخلفائه وكتب علماء الجماعة منشورة على موقع الجماعة الإسلامية الأحمدية. الجماعة ليس لها شيء تخفيه.
... (مقاطعا).. لكن ألا تعتقد بأن ما تبحثون عنه في الأحمدية موجود أيضا في الإسلام السني الذي يعتنقه أغلب المغاربة وتقوم على أساسه إمارة المؤمنين؟ نعم كلامك سيدي صحيح، الجماعة الإسلامية الأحمدية لم تأت بأي جديد، فهي كما قلنا عين الإسلام، وهي كذلك تصدق ما جاء في القرآن والسنة. ولكن ما نقدمه غير موجود في المسلمين وليس الإسلام. الإسلام قوي بعقائده محفوظ في كتابه وسنة رسوله، ولكن حال المسلمين هو الذي يبعث على الشفقة. فإن كنا نحن المسلمين نشفق على حالنا، فكيف بالله سبحانه وتعالى الذي ارتضى لنا هذا الدين. هل تعتقدون أن الله سيبقى مكتوف الأيدي وهو يرى أمة حبيبه المصطفى، الذي من أجله خلق الأفلاك، منقسمةإلى 73 ملة كل يحارب الآخر وكل يهدر دم الآخر دون أن يميز الخبيث من الطيب. هل تعتقد سيدي الكريم أن الدعاء الذي يرفع في مكةالمكرمة خلال خلال شهر رمضان وخطب الجمعة والأعياد، وتضرع وبكاء المؤمنين الذين يرجون نصرة الله وعزة الإسلام قد ذهب سدى. إن كان هذا ظنكم بربكم فنحن في الجماعة الإسلامية الأحمدية نعتقد أن الله سبحانه وتعالى بمجرد أن ضاعت الخلافة التركية بعث من يحيي الخلافة من جديد وعلى منهاج النبوة تحقيقا لنبوءة الرسول (ص)، لكن للأسف قلوب الناس غافلة عن هذا. جميع المسلمين متفقون على أن حال الأمة الإسلامية حاليا لا يليق بخير أمة أخرجت للناس. وجميع طوائف الإسلام تطالب بتوحيد الصفوف بما فيهم القادة السياسيون. لقد اجتمع قادة الدول الإسلامية سنة 1974 بمكةالمكرمة بدعوة من الملك فيصلى رحمه الله، لكي يوحدوا صفوف الأمة تحت لواء الخلافة ولكن لم يفلحوا في ذلك. الجماعة الإسلامية الأحمدية تطرح حلا ناجعا لتوحيد الأمة تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وليس هذا اجتهادا منها بل هو الحل الذي ارتضاه الله ورسوله لأمة الإسلام عندما يذهب ريحها. فالذي يبحث عن حل لوحدة أمة الإسلام خارج ما اقترحه الله ورسوله فهو واهم. ولقد جرّبت جميع الحلول. أسّست جماعات وقيادات سياسية ولكن للأسف لم يكن النجاح حليفها. النتيجة اختلاف تلو اختلاف وتقسيم للأمة الإسلامية. لقد تنبأ المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن أمة الإسلام ستفترق إلى 73 ملة، ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: " مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ". هذا وعد رباني صادق، وكل مسلم يجب أن يعتقد به. فمن أصدق من الله قيلا. ولكن السؤال كيف سنميز الخبيث من الطيب؟ يجيب سبحانه وتعالى في نفس الآية: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ". طيب إذا كان الله لا يطلعنا على الغيب، فكيف إذن سنميز بين الخبيث والطيب؟ يتابع سبحانه وتعالى ويطمأن قلوب عباده، وفي نفس الآية: "وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ". إذن الله يجتبي رسلا يعلمهم الغيب من عنده، وهؤلاء الرسل يرشدون المؤمنين إلى الطيب وينهونهم عن الخبيث. ونحن نعلم من القرآن أن الغيب لا يعلمه إلا الله ومن ارتضى من رسول. أطلب من القراء الكرام أن يتفكروا في قوله تعالى "يجتبي"، هذا فعل مضارع. وكما يعلم القراء الكرام، فإن المضارع يستعمل للحال والمستقبل. فسبحانه وتعالى لم يقل "اجتبى" في الماضي ولم يعد يفعل ذلك، بل "يجتبي" بمعنى لن ينفك يجتبي الرسل ليعلمهم الغيب ليميزوا الخبيث من الطيب ويبلغوا رسالة ربهم إلى عباده المؤمنين كلما تطلب الأمر ذلك. ملاحظة أخرى من فضلك، في آخر هذه الآية من سورة آل عمران يقول تعالى: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ". وهذا يذكرنا بقوله صلى الله عليه وسلم في حق الإمام المهدي: "بايعوه ولو حبوا على الثلج".
ما موقفكم من إمارة المؤمنين في المغرب ؟ ليس هناك أي تعارض بين ما تدعو إليه الجماعة الإسلامية الأحمدية وإمارة المؤمنين بالمملكة المغربية. إن حاكم البلاد اختار لنفسه لقب "أمير المؤمنين"، ولقد صرح جلالته خلال زيارته لمدغشقر بأنه أمير لجميع المؤمنين المغاربة. ونحن في الجماعة الإسلامية الأحمدية نعتبر أنفسنا مسلمين ومؤمنين، وشرف لنا أن يجعلنا جلالة الملك تحت إمرته. وهذا قولنا، قول صادق مثله مثل ما يصرح به إخوتنا المسيحيون والبهائيون المغاربة، لأن هذا من صميم تعاليمنا جميعا. صحيح أن تاريخ المسيحية ينافي هذا، ولكن تعليم عيسى ابن مريم يصدقه، فهو الذي قال: "لقيصر ما لقيصر ولله ما لله". بعد مراجعات قامت بها المسيحية عادة والحمد لله لهذا التعليم الجميل. أعيد وأؤكد، الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تنازع الحكم أصحابه، فهذه وصية الله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ"، ووصية رسوله الكريم الذي حثنا على طاعة ولي الأمر وألا ننازعه فيه ولو كان عبدا حبشيا رأسه كزبيبة، فما بالك بحاكم جده هو النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن عندما نقول جلالة الملك "نصره الله"، فهذا ليس تقية أو نفاقا، بل هو روح الإسلام. الجماعة الإسلامية الأحمدية تحترم الألقاب التي اختارها الحكام لأنفسهم. فعندما راسل الخليفة الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ملك السعودية خاطبه بلقب "خادم الحرمين الشريفين"، وأنت تعلم أن هذا اللقب ليس عليه إجماع في الأمة الإسلامية. بالإضافة لذلك، إن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي جماعة دينية روحية، هدفها جمع جميع سكان العالم تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وليس لها دخل في السياسة. أنت تعلم أن ما فرّق الأمة الإسلامية هو استغلال الدين في السياسة. نحن ندعو إلى أن يكون الدين لله والولاء للوطن. على الحاكم أن يمنح المواطنين، على السواء، حقوقهم المعترف بها والمتوافق عليها وطنيا ودوليا، وعليه أن يسن قوانين تحدد للمواطن ما له وما عليه، وكل مخالفة لهذه القوانين يتم زجرها بقوة القانون. أما فرض الرأي الواحد والمعتقد الواحد فقد حرمه الله ورسوله "لا اكراه في الدين". "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِين". فحري بنا نحن عباد الله الضعفاء ألا نكون أكثر غيرة من الله على دينه.
كم عددكم تقريبا في المغرب ؟ بين 600 و700. ونحن ولله الحمد في تزايد مستمر، فقط في هذا الشهر التحق بصفوفنا أربعة جدد.
كيف اقتنعوا بأفكاركم ؟ يمكن أن أجزم أن جميع الأحمديين المغاربة تعرفوا على الجماعة من خلال القناة التلفزية التي تبث عبر قمر النايل سات MTA3 أو عبر الموقع الرسمي للجماعة الإسلامية الأحمدية على الأنترنيت. كل من تعرف على الجماعة ويريد أن يزيد من معلوماته يتصلى بالمركز المتواجد بلندن عبر الهاتف أو الفايسبوك أو الموقع فتحول بياناته لنا في المغرب ونحن نتابع معه، إذا اقتنع نوثق بيعته امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم "بايعوه ولو حبوا على الثلج".
لماذا توثيق البيعة؟ أليس الإيمان محله القلب؟ قولك صحيح.. توثيق البيعة يراد منه ترجمة موقف روحاني إلى مادي، فعندما يوقع الإنسان أي وثيقة يصبح ملتزما بفحواها ماديا على غرار المجال الروحاني. وثيقة البيعة هي كذلك ورقة لها قوة قانونية تحمي المبايع. في وثيقة البيعة والانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية عشرة شروط فقط، يلتزم بها المبايع، وكل أمر خارج عن هذه الشروط العشرة وصدر من تنظيم الجماعة فالمبايع غير ملزم به. وعند الرجوع إلى الشروط العشرة للبيعة نجد فحواها روح الإسلام الذي جاء به خير الأنام عليه أزكى الصلاة والسلام. قال لي أحد الأمنيين الذين يتابعون معي ملف الجماعة بالمغرب: لو طبق المغاربة هذه الشروط لكان رجال الأمن في عطلة دائمة.
هل لديكم هيكلة تنظيمية قانونية بالمغرب؟ نعم عندنا هيكلة تنظيمية.
يعني معترف بكم من طرف السلطات ؟ ليست قانونية، السلطات المغربية لا تعترف بتنظيم اسمه "الجماعة الإسلامية الأحمدية". وسبق أن قمنا بعدة محاولات لتسجيل هذا التنظيم تحت قانون الحريات العامة واخترنا له اسم "أنوار الأحمدية" ثم اسم "منتدى الحوار والتواصلى"، كما طلبنا من السيد والي صاحب الجلالة على ولاية مراكش سنة 2015 أن يختار هو الاسم لهذا التنظيم، لكن للأسف لم يتم التجاوب مع مطالبنا هذه، وشخصيا أتفهم موقف السيد الوالي وجميع المسؤولين القائمين على هذا الملف، فهو جد حساس ولا أحد يريد أن يتحمل هكذا مسؤولية.
يبدو أنكم تتقاسمون مع الأقليات نفس المصير؟ أظن أن الأحمدية والمسيحية والشيعة والبهائية، أي جميع الأقليات الدينية وغير الدينية في المغرب، يجب أن يصدر القرار في حقهم من أعلى سلطة في البلاد، ويجب على المنتمين لهذه الفرق أن يكشفوا بشكل واضح لا لبس فيه عن نواياهم تجاه النظام القائم بالمملكة وأنهم لا يتبعون أجندات خارجية ولا يرغبون في زعزعة الأمن الداخلي للبلاد. نحن في الجماعة الإسلامية الأحمدية نؤكد أننا جماعة روحية وليس لنا أي توجه سياسي، وتاريخنا الذي يمتد على مدى 128 سنة يشهد على ذلك، ليس في المغرب فقط بل في جميع دول العالم. مؤخرا كانت هناك حملة اعتقالات ومحاكمات غريبة في حق الأحمديين في الجزائر. السلطات الجزائرية مثلها مثل المغربية تعرف كل كبيرة وصغيرة عن الجماعة وأعضائها، وهي على علم بكل تنقلاتنا وأنشطتنا، كما نخبر مسبقا هذه السلطات بكل برامجنا. صراحة لم نفهم هذا التغيير المفاجئ من طرف السلطات الجزائرية. وإذا قيمنا الأحكام الصادرة ضد الأحمديين في الجزائر، فهي ليست لها علاقة بالمعتقد رغم أن القاضي يسأل الإخوة عن معتقداتهم، ولكن لها علاقة بالتجمع وقانون الجمعيات، وهذه التهم يمكن أن توجه للمواطنين في أعتى الديمقراطيات العالمية. صراحة نحن نستغرب هذا الأمر، وندعو الله ألا تحذو السلطات المغاربية حذو السلطات الجزائرية، خصوصا بعد التقدم الملموس الذي شهده المغرب في مجال حقوق الإنسان منذ أن اعتلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله الحكم.