"نعم يوجد أحمديون في كل مكان بفضل الله تعالى، يمكنك أن ترسل عنوانك لنزودك بعناوينهم"، كان هذا جوابا موجها إلى مغربي كافيا ليشير إلى وجود مغاربة يعتنقون الديانة الأحمدية في المملكة، بعدما طرح أحدهم سؤالا على مشرف من داخل "الجماعة الإسلامية الأحمدية" بقوله: "هل توجد الجماعة الأحمدية في بلدي المغرب خصوصا؟ أي هل هناك مسلمون أحمديون مغاربة؟ وهل هناك خصال وسمات للتعرف عليهم؟!" جاءت مثل تلك الأسئلة لتؤكد وجود أحمديين مغاربة، وفق تقرير سابق لهسبريس كشف عن اعتناق مواطنين مغاربة لعقيدة تؤمن بوجود رسول ثانٍ مبعوث للمسلمين بعد الرسول محمد ﷺ، يدعى "ميرزا غلام أحمد"، الذي توفي عام 1908، يعتبرونه "المسيح الموعود والمهدي المنتظر"، بالرغم من احتفاظهم بكافة العبادات والمعتقدات الإسلامية، بما فيها نظام "الخلافة". وبعدما أمسك تقرير هسبريس برأس الخيط بوجود عدد قليل من الأحمديين في بعض المدن المغربية، الذين يعتقدون بالديانة الأحمدية بشكل فردي دون القيام بالتعبئة لها أو نشرها وسط المجتمع المغربي، ويمارسون طقوسهم سرا ويشتغلون في الخفاء، بداعي التوجس الأمني والخوف من الاعتقال من لدن السلطات المغربية بتهمة "زعزعة عقيدة المسلمين" و"إنشاء جمعية والانتماء إلى جماعة غير مرخص لها قانونيا"، ظهر بالملموس أن هؤلاء بدأوا في التلميح بالظهور، عبر كتابات لبعض منهم تكشف خبايا الأحمديين بالمغرب. "العربي الفخاض"، أحد هؤلاء المغاربة الذي سرد قصته مع اعتناق الأحمدية، كاشفا أنها بدأت في صيف 2008 حين مشاهدته، على إحدى الفضائيات التي تبثها الجماعة على قمر "هوت بورد"، وقائع "البيعة العالمية على يد الخليفة الخامس للمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، سيدنا ميرزا مسرور أحمد" ببريطانيا، وأضاف: "بدأت أتابع القناة بكل شغف فأدمنت على برامجها، حتى إنني كنت أتابعها ثمان ساعات كل يوم أو أكثر، إلى درجة أنني حرمت زوجتي وطفلتي الصغيرتين من مشاهدة ما يحبون أثناء وجودي بالبيت". وقال الأحمدي المغربي، على إحدى المنصات الالكترونية الرسمية للجماعة، إن "بداية الرحلة" انطلقت مع هذه القناة، و"تبين لي أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تمسك في يدها اليمنى معولا تنسف به العقائد المسيحية، وفي اليد الأخرى مطرقة صغيرة تهشم بها بعض المسلمات في الفكر الإسلامي من قبيل معلوم من الدين بالضرورة"، مضيفا: "أستمع إلى تلك المقتبسات من كتابات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام من كتاباته وشعره، فتنتابني الدهشة والقشعريرة وترتعد فرائصي لسماع هذا الأسلوب. في نهاية المطاف قررت الانعطاف إلى تصديق كلام الإمام عليه السلام لما وجدت فيه من قوة البرهان وانشراح". ويسرد المغربي ذاته كيف أنه قبل اعتناق الأحمدية كان "إنسانا عاديا، أصلي أحيانا وأترك أحيانا، أدخن، وأبحث عن إيجاد أي فرصة كيفما كانت لكي أعيش (...) الفكر الذي أحمله يحثني على كره كل مخالف لي في المعتقد والسلوك، وأتصور نفسي أنني على صراط مستقيم"، وأنه كان يرى في أمريكا "الدجال التي تجعل أي دولة تدور في فلكها تعيش حياة الجنة، وأي دولة خالفتها تلقيها في الجحيم"، ليكشف تردد أحمديين مغاربة على منزله "الذين يأتون قصد إقامة صلاة الجمعة، فلا ترى منهم إلا الخير والمودة والرحمة، وهذا هو السبب في مبايعتي للجماعة". وفي لحظة مركزة، يروي العربي تفاصيل أول اتصال له بالجماعة بالقول: "تعرفت على صديقين أحمديين بواسطة السيد مصطفى بن عبيل بارك الله له حينما اتصلت بالمكتب العربي في لندن، كانا يقطنان بجواري فأصبحا يأتيان عندي بين الفينة والأخرى فيقرآن لي من كتب الإمام المهدي عليه السلام، ومن التفسير الكبير لسيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد رضي الله عنه"، كاشفا أن أحدهما يسمى "محمد قطبة" والآخر "ماموني بوغابة"، مضيفا أن زميلا له ذا توجه سلفي "يكن لي وللجماعة الاحترام والتقدير والإعجاب"، وأن زميله الملحد هو من كان يبحث له في مواقع الأنترنت عن استمارة البيعة للانضمام إلى الجماعة الأحمدية. وتبقى الخطوة الحاسمة، بحسب الأحمدي المغربي، حين "أرسل إليّ الإخوة بالمكتب العربي، بناء على طلبي عبر الهاتف، السيد مصطفى أبو شيماء؛ فأخذ مني البيعة وأعطاني كتابين هما: القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح ونور الحق، بالإضافة إلى عدد من مجلة التقوى"، مضيفا: "قررت أن أستخير ربي وصمدي، فبدأت بصلاة التهجد والصلاة على النبي محمد، ثم أختم بركعتي التهجد، وأطلب من الله أن يخبرني في أمر غلام أحمد القادياني أهو صادق أم كاذب. فاستخرت بفضل الله ثلاث جمع، فجاءني الجواب وزال الارتياب وكان صوتا تكرر ثلاث مرات وأنا مستيقظ". وأورد "العربي الفخاض" بأن حالة من التغيير طالت حياته الخاصة، "ما زادني إيمانا وشوقا هي تلك الرؤى التي تواترت عليّ في بداية بيعتي، ومن بينها وأغلاها على قلبي رؤية الخليفة الخامس سيدنا أمير المؤمنين ميرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز؛ إذ رأيته في رؤيتين متطابقتين متكاملتين"، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن إحدى تلك المنامات رأى فيها "الرسول المهدي" وهو يلعب كرة القدم "هذه الرؤيا تحثني على ضرورة المجاهدة والرياضة والتقدم في الروحانيات"، على حد تعبيره. ويدعي المتحدث ما ألمح إلى أنها "معجزات السيد المهدي"، موردا أنه فقد البصر بالعين التي كان يرى بها منذ صغره؛ إذ "أجريت عملية ولكنها لم تكلل بالنجاح، كان هذا قبل مبايعتي بسنة؛ أي سنة 2007"، مضيفا: "أسرعت بالكتابة إلى حضرته كي يدعو الله أن يزيل ما بي من أمراض، وما هي إلا شهور معدودة حتى أجريت عملية جراحية على العين الأخرى فكللت بالنجاح فصرت أبصر أكثر من الأول، وأزال عني مرض الحساسية الذي عانيت منه لشهور". وكشف "الفخاض" أنه كان لا يصلي مع المغاربة في المساجد، خاصة صلاة الجمعة والعيدين، "لم أكفر أحدا ولكن لا أصلي وراء إمام لا يؤمن بالإمام المهدي عليه السلام الذي بعثه الله في آخر الزمن"، فيما قال إن أحمديا فرنسيا التقى به ولقنه الطريقة الأحمدية في العبادة والاعتقاد، "أتى الله بأمير جماعة فرنسا السيد أشفق رباني، فقام بتربيتنا وحثنا على ضرورة إقامة صلاة الجمعة، والانخراط في نظام التبرعات". ولم يفوت المغربي المذكور الفرصة دون الإفصاح عن انضمام مغربيين اثنين إلى الجماعة الأحمدية على يده، وقال: ""لي صديقان بشرتهما بنزول المسيح الموعود عليه السلام، وأريتهما القناة فبايعا بإذن الله، وطلبا مني أن أكتب لهما رسالة إلى الخليفة أيده الله بنصره العزيز"، مضيفا أنهما حاصلان على شهادات عليا، "لم يتمكنا من الحصول على العمل منذ تخرجهما قبل عشر سنوات، فراسلت الخليفة المستجابة دعوته فرزقهما الله الوظيفة التي عز الحصول عليها في تلك الأيام"، مضيفا أنهما بعد ذلك "أصبحا مخلصين لنظام الجماعة بأداء التبرعات وحضور صلاة الجمعة واللقاءات".