وصف رئيس فريق التقدم والاشتراكية رشيد حموني، تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، بخصوص مدونة الأسرة، بكونها "الأخطر على مجتمعنا المغربي وتجربتنا الديموقراطية الناشئة"، مضيفا أنها "تصريحات متهجمة وأخلت، بشكل صارخ، بواجب الاحترام الواجب بين القيادات والأحزاب السياسية".
وأضاف حموني، في تدوينة عبر فايسبوك، أن "تصريحات الرجل، الذي تحمل يوما ما مسؤولية رئاسة الحكومة المغربية بما كان يفترض أن يجعل منه رجل دولة، هي تصريحاتٌ محرضة على الفتنة والانقسام المجتمعي، وتنطوي على تهديد صريح ب"الانتفاض" ضد أي إصلاح تحديثي لمدونة الأسرة".
وخاطب حموني، ابن كيران، قائلا: "إذا أردتَ أن تختلف، وأن تكون مواقفُك جامدة، وفهمُك للمجتمع محافظا، فالدستور يتيح لك ذلك، والتعددية السياسية تسمح لك بذلك، والاختيار الديموقراطي يُعطيك الإمكانية إلى ذلك"، مستدركا: "لكن لا حق لك أبدًا في تكفير من يخالفُك الرأي، ولا في تبرير مواقف سياسية بتأويلك الخاص لدين الدولة والمجتمع، ومحاولة إضفاء طابع القدسية على آراءك التي قد تكون مُخطئة وقد تكون مُصيبَة".
وأوضح أن "الأمر هنا يتعلق بتصريحات أمين عام حزب سياسي، لذلك من المفروض أن نكون بصدد نقاش سياسي بين أحزاب سياسية، نقاش يحتمل الاختلاف في المقاربات والتصورات، وليس بصدد نقاش فقهي له مجاله وأهله واختصاصه…ومؤسساته"، مشددا على أن الدستور هو من نحتكم إليه جميعا، ومراجعة مدونة الأسرة هو ورشٌ أطلقه جلالة الملك بتأطيرٍ واضحٍ، والالتزام بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا هو مبدأ دستوري.
وتابع "ليس من حق السيد ابن كيران الافتراءُ والتحريف، بل والتحريض الصريح، في حق مواقف أحزابٍ سياسية وطنية تشتغل في إطار المرجعية الدستورية الوطنية وثوابت الأمة، منذ عشراتِ السنين، وفي حق مؤسسة وطنية دستورية أساسية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان".
وقال حموني، إن ابن كيران "أطلق العِنان لاتهاماتٍ كاذبة وعبثية لا أساس لها إلا في ذهنه، وبلَغَ به الانسياقُ الكلامي إلى حد إخراج كل مَن له مرجعية تحديثية من دين الإسلام الحنيف، وإلى تقسيم العالَم إلى بلاد الإسلام وبلاد الكفار، وتصنيف المغاربة على أساس فهمٍ شخصي من الرجل للإيمان، من خلال إيهام الناس بأن من هو ضد المحافَظَة هو ضد الإسلام والقرآن الكريم!!".
وتساءل حموني، "أليس هذا تكفيرا صريحا ودعوة إلى التطرف والمسِّ بأحد المرتكزات الأساسية التي تعضد مجتمعنا المغربي، وهو مرتكز التعددية الفكرية والسياسية الذي اختاره المغربُ منذ الاستقلال!؟".
وكان عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قد لوح بإعادة سيناريو الاحتجاجات المليونية للإسلاميين ضد التعديلات التي تمس المرجعية الإسلامية، مثل ما كان سنة 2000 لحظة احتجاجهم رفضا لخطة إدماج المرأة في التنمية.
وأكد ابن كيران خلال مهرجان خطابي حول المدونة أمس الأحد بالدار البيضاء، أن الشعب لا يقبل الإصلاحات الحداثية الجديد، مشددا على ضرورة التحرك للتعبير عن رفضه لها حتى لو احتاج الأمر إلى مسيرة مليونية.
وبعد أن حذر من الانسياق وراء المطالب التي تدعو إلى القطع مع المرجعية الإسلامية، اعتبر ابن كيران أن المشكل في التعديلات الأخيرة يتعلق بالمرجعية، وليس الأحكام القانونية، مضيفا أن هذه الحرب الجديدة اشتعلت بعدما قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي إن هذا الإصلاح سيكون محافظا، بسبب غياب المساندة.
ووجه بنكيران، انتقاداته لحزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وقال إنهما وبعد اختلافات طويلة قررا الاتفاق حول موضوع إصلاح المدونة، وشرعا في عقد الاجتماعات، مخاطبا لشكر وبنعبد الله "ردو البال بينكم وبين الله.. وسأحترمكم إذا قلتم للمغاربة مابغيناش القرآن والمذهب المالكي، وإن كنتم تقولون هذا الأمر بطريقة مغلفة، حينما تتحدثون عن "المحافظة"، وهذا كتاب الله تريدون تغيير احكامه، والمجتمع لا يتفق على ذلك، فأين الديمقراطية".
وحول مطالب اقتسام أموال وممتلكات الأزواج بعد الطلاق، نبه ابن كيران إلى أن تحقيق هذا المطلب سيؤدي إلى نفور الرجال من الزواج كما هو الحال بالنسبة لبعض الأثرياء في البلدان الأجنبية الذين يفضلون العيش مع صديقاتهم دون الزواج خوفا من اقتسام ثرواتهم حال الطلاق.
كما انتقد ابن كيران الأصوات الداعية إلى تقاسم النفقة بين الزوجين وإلغاء الصداق، مشددا على أن هذا الأخير له أهمية رمزية تمثل التزام الزوج ونيته الحسنة تجاه الزواج.