يبدو أن حلم التنسيق وبداية التأسيس لتحالف مستقبلي بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية من جهة، وحزب العدالة والتنمية بقيادة أمينه العام عبد الإله بنكيران من جهة ثانية، باتت في مهب الريح بعد الحرب الكلامية المستعرة بين الجانبين بسبب إصلاح مدونة الأسرة المرتقب. بعد الهجوم الكاسح الذي شنه بنكيران أمس على الحزبين اليساريين وقيادتهما، خرج رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، للرد على زعيم الإسلاميين في "تدوينة" اعتبر فيها تصريحاته "الأخطر على مجتمعنا المغربي وتجربتنا الديمقراطية الناشئة". وقال حموني إن تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بخصوص مدونة الأسرة، "تصريحاتٌ متهجِّمَة وأخلَّت، بشكلٍ صارخ، بواجب الاحترام الواجب بين القيادات والأحزاب السياسية". وأضاف حموني أن "تصريحات الرجل، الذي تَحَمَّلَ يومًا ما مسؤولية رئاسة الحكومة المغربية بما كان يُفترَضُ أن يجعل منه رجل دولة، هي تصريحاتٌ مُحرِّضَةٌ على الفتنة والانقسام المجتمعي، وتنطوي على تهديدٍ صريح ب'الانتفاض' ضد أيِّ إصلاحٍ تحديثي لمدونة الأسرة". واستدرك القيادي في "حزب الكتاب" قائلا: "من حق الرجل، من منطلقِ الاختيار الديمقراطي الذي أقَرَّ الدستور أنه لا رجعة فيه، أنْ يُعبِّر عن مواقف غارقةٍ في المحافَظة إزاء قضية المساواة أو أيِّ قضية مجتمعية أخرى، حتى لو كانت خلفية ذلك محاولةُ استعادة أمجادٍ غابرة، علماً أن التاريخ لا يُعيدُ نفسه سوى بشكلٍ كاريكاتوري. لكن الذي ليس من حق السيد ابن كيران هو الافتراءُ والتحريف، بل والتحريض الصريح، في حق مواقف أحزابٍ سياسية وطنية تشتغل في إطار المرجعية الدستورية الوطنية وثوابت الأمة، منذ عشراتِ السنين، وفي حق مؤسسة وطنية دستورية أساسية هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان". وزاد السياسي ذاته تفاعلا مع خرجة بنكيران أن الرجل "أطلق العِنان لاتهاماتٍ كاذبة وعبثية لا أساس لها إلا في ذهنه، وبلَغَ به الانسياقُ الكلامي إلى حدّ إخراج كلِّ مَن له مرجعيةٌ تحديثية من دين الإسلام الحنيف، وإلى تقسيم العالَم إلى بلاد الإسلام وبلاد الكفار، وتصنيف المغاربة على أساس فهمٍ شخصي منه للإيمان، من خلال إيهام الناس بأن من هو ضد المحافَظَة هو ضد الإسلام والقرآن الكريم!!". ولم يقف حموني عند هذا الحد، بل قال متسائلا: "أليس هذا تكفيرٌ صريحٌ ودعوةٌ إلى التطرف والمسِّ بأحد المرتكزات الأساسية التي تعضد مجتمعنا المغربي، وهو مرتكز التعددية الفكرية والسياسية الذي اختاره المغربُ منذ الاستقلال!؟".