جيل مضى يعرف الصديق معنينو كنجم تلفزيوني في زمن ولادة التلفزيون المغربي، ولما كان هذا الجهاز يدخل كل بيوت المغاربة في سنوات الصراع السياسي، فإن الصحافي فيه تحول إلى شاهد قريب جدا من قلب صنع القرار في البلاد، وهكذا كان معنينو قريبا من الحسن الثاني في محطات مفصلية من تاريخ المغرب، وكان الملك يعتبر التلفزة سلاحه الخاص للانتصار لسياساته ضد المعارضة اليسارية التي كان سلاحها هو الصحافة المكتوبة. في هذا الحوار المطول، الذي ننشره عبر حلقات، يقربنا الصديق معنينو، الذي وصل إلى منصب مدير الإعلام والكاتب العام لوزارة الإعلام على عهد ادريس البصري، من أجواء الماضي التي ماتزال ترخي بظلالها على الحاضر، ويطوف بنا على الأجزاء الأربعة من مذكراته "أيام زمان".
ضابطان واختيار لقطات شريط عملية إعدام ضباط محاولة الانقلاب
هاتفني المدير العام وطلب مني الحضور بسرعة، وجدت في مكتبه ضابطين يحملان شريطا، يتضمن لقطات عن إعدام الضباط الذين اتهموا بالمسؤولية في محاولة الانقلاب، كان قرار الإعدام قد أخذ حسب تصريح الحسن الثاني أثناء انعقاد مجلس حربي مساء يوم الأحداث، في عين المكان، أي في ميدان المعركة، وخلال هذا المجلس صدر الحكم بالإعدام على الضباط المتهمين بالتورط في عملية الانقلاب.
طلب مني مدير التلفزة أن أرافق الضابطين إلى قاعة المونطاج لإعداد شريط حول عملية الإعدام، وفعلا توجهت صحبتهما، شاهدنا الشريط من بدايته إلى نهايته، وتكفل الضابطان باختيار اللقطات، كانت كلها لقطات عابرة وعامة، فقد كانا يزيلان اللقطات القريبة حتى لا تبدو الوجوه وملامحها، وعند النهاية قاما بجمع ما تبقى من الشريط الأصلي وانصرفا. والحقيقة أن ما أنجزناه لم يكن روبرتاجا مهنيا ولكنه عبارة عن لقطات سريعة لا تنسيق بينها.
كانت الإذاعة أكثر حظا، حيث حضرت عملية الإعدام، وقدمت ربورتاجا فيه مؤثرات صوتية لإطلاق النار، كان يسمع صياح الجنرال حمو وهو يردد:عاش الملك، عاش الملك»، وعلق المذيع على هذا الصياح بما يفيد لماذا لم تقل هذا من قبل.
أخذت نسخة من ربورتاج الإذاعة وحاولت جمعها مع اللقطات التي سمح لنا بتلفزتها، ولكن ذلك بدا مستحيلا، فبقدر ما كان ربورتاج الإذاعة مهنيا وحيا، بقدر ما كانت لقطات التلفزة باهتة وارتجالية، ومع ذلك قدمنا الشريط مصحوبا بمضمون قصاصة «وكالة المغرب العربي»، وفي المساء صدرت الأوامر بالاكتفاء بذلك دون إعادة بثه من جديد.