عاد مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا ليطفو على السطح من جديد، حيث يجري الحديث حاليا عن التحضير لإطلاق مشروع "جسر جوي مروحي" يربط بين مدينتي طنجة والأندلس في أقل من 15 دقيقة. ومن المنتظر أن يكون هذا المشروع بديلا حقيقيا لفكرة "الجسر البحري"، التي كانت محط دراسات قبل سنوات، في عهد الملك الإسباني السابق خوان كارلوس.
وكانت تقارير إعلامية قد أكدت أن الإستعدادات لربط القارتين قد شهدت مراحل متقدمة، بعدما اقتُرحت فكرة "نفق جبل طارق" الرامية إلى ربط المغرب بإسبانيا بواسطة نفق للسكك الحديدية، على غرار نفق بحر المانش، الذي يربط الأراضي الفرنسية بالمملكة المتحدة، وهو ثاني أطول نفق تحت البحر في العالم بعد نفق سيكان في اليابان.
وعلى الرغم من أن النفق الحديدي يبدو الفكرة الأنسب، إلا أن عمليات التخطيط دخلت طيّ النسيان، بعدما كشفت دراسات أن ضغط المياه في أعماق مضيق جبل طارق، يصل إلى 500 طن في المتر المربع الواحد، مما يستدعي وضع محطة ضخ مُلائمة، وفق ذات المصادر.
كما يعدُّ المضيق منطقة معرضة لخطر الزلازل، الشيء الذي أثار مخاوف اللجنة المكلفة بدراسة المشروع من إمكانية وقوع زلزال قوي مثل الذي دمر هذا الجزء من جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية عام 1755.
كما درس فريق من المهندسين الأمريكيين والبريطانيين فكرة إنجاز جسر معلق فوق مضيق جبل طارق على طول 14 كيلومترا، وهي المسافة التي تفصل بين الضفاف الجنوبية لإسبانيا وبين السواحل الشمالية المغربية، إلا أن الفكرة استُبعدت عام 1995، بسبب عمق البحر الذي لا يتجاوز 300 متر، وبالتالي يستحيل زرع الأعمدة التي تتطلب ارتفاعا لا يقل عن 900 متر، علاوة على وجود مخاوف من حدوث أي تداخل مع الملاحة البحرية وخطر الاصطدام بالسيارات.
وشهدت سنة 2006 إنجاز دراسة أخرى حول بناء نفق تحت أرضي بعمق 28 كيلومترا إلا أن تنفيذ الفكرة أضحى مستحيلا، نظرا لتطور النقل البحري وظهور بواخر ضخمة بنفس العمق.
وكانت أول دراسة حول مشروع النفق القاري قد أُنجزت سنة 1989، وهمّت بالأساس الجانب التقني والإقتصادي.
يشار إلى أن فكرة هذا "المشروع الفرعوني" كانت قد طُرحت لأول مرة عام 1979، خلال أول زيارة قام بها العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس الأول للمغرب، حيث اجتمع مع الملك الراحل الحسن الثاني، ما أسفر عن توقيع الدولتين لاتفاقيتين عامي 1980 و1989، بهدف دراسة مشتركة بين الطرفين المعنيين بالربط القاري بين أوروبا وأفريقيا عبر مضيق جبل طارق.
وأُنجزت بعد توقيع الإتفاقيتين عدة دراسات من أجل وضع تصور تقني لتشييد جسر أو نفق يربط البلدين، لكن سرعان ما عرفت فتورا نظرا للخلافات التي عرفتها العلاقات بين المملكتين في السابق.