أعلن رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز اليوم إن المجلس سيجتمع يوم الثلاثاء لتقييم نتائج تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال شولتز للصحافيين «قرر البرلمان الاجتماع في العاشرة من صباح الثلاثاء (بالتوقيت المحلي) لتبني قرار يقيّم نتائج الاستفتاء ويحدد الخطوات الضرورية المقبلة». وأضاف إنّه «سيتعيّن على الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد وعددها 27 مناقشة كيفية تطويره»، مشيرا إلى أن «الدول التسعة عشرة الأعضاء في منطقة اليورو على وجه الخصوص تحتاج لمناقشة سبل حماية نفسها في الأشهر المقبلة التي ستشهد فترات مضطربة على الأرجح».
من جهة ثانية، أشارت وكالة موديز للتصنيف الائتماني اليوم الى أن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا وتصنيفات المصدرين الآخرين لأدوات الدين في البلاد. وقالت الوكالة في بيان «هذه النتيجة تحمل في طياتها فترة طويلة من الضبابية بشأن السياسات ستفرض ضغوطا على الأداء الاقتصادي والمالي للمملكة المتحدة». وأضافت: «زيادة الضبابية ستقلص تدفق الاستثمارات والثقة على الأرجح بما يضغط على آفاق النمو في المملكة المتحدة وهو ما يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني للديون السيادية و(ديون) المصدرين الآخرين للسندات في المملكة المتحدة». والمملكة المتحدة حاصلة على تصنيف يقل درجة واحدة عن AAA من وكالة موديز مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وانهارت الأسواق الأوروبية عند الافتتاح اليوم إذ لم تكن تتوقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتحذو بذلك حذو الأسواق الآسيوية والجنيه الاسترليني الذي تراجع الى أدنى مستوى له منذ العام 1985. وتراجعت بورصة باريس بنحو 10% وفرانكفورت ب10% تقريبا ولندن باكثر من 7%. ووقع الصدمة شبيه بالأضرار التي نجمت عن إفلاس مصرف «ليمان براذرز» الاميركي في العام 2008 مع تاثر القطاع المصرفي بشكل خاص. وسجل مصرف «دويتشه بنك» تراجعا باكثر من 16% مثل «بي ان بي باريبا» بينما تراجع «سوسييتيه جنرال» باكثر من 25%. وأشار الكسندر باراديز المحلل لدى «اي جيه فرانس» الى أن «الأسواق لا تصدق ما حصل وتفاجأت بالنتائج غير المتوقعة والأمر مثل العدوى التي تنتشر». وقال المحلل في مجموعة «اي تي اكس كابيتال» جو راندل إنها «واحدة من أكبر الصدمات في الأسواق في التاريخ»، وأضاف إن «كل العالم سيشعر بالانعكاسات». وتابع: إن «حجم الأضرار يصعب تقييمه لكنه سيكون الأكبر على الأرجح منذ إفلاس مصرف ليمان براذرز في 2008». ومنذ بدء حملة الاستفتاء كانت الأسواق تخشى خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وما يمكن ان يترتب عليه من انعكسات كارثية على الاقتصاد الاوروبي والعالمي وايضا على عالم المال. وبعد ان ارتفع الجنيه الاسترليني الى اكثر من 1.50 دولار عند إغلاق مراكز الاقتراع، عاد وتراجع في البدء الى ما دون 1.45 دولار ثم الى 1.40دولارا قبل ان يواصل انهياره الى مستويات غير مسبوقة منذ العام 1985 ليصل الى 1.3229 دولار ليفقد أكثر من 10% من قيمته خلال النهار. وعند افتتاح الأسواق كان سعر الجنيه يقارب 1.3686 دولار. في موازاة ذلك، سجلت القيم المرجعية مثل الين واونصة الذهب ارتفاعا كبيرا بينما تهافت المستثمرون على سوق السندات. وارتفع الذهب الى أعلى قيمة له منذ عامين. وسجلت سندات الدين الالمانية نتيجة سلبية كما كان معدل الاقتراض على عشر سنوات في فرنساوبريطانيا عند ادنى مستوى تاريخي له بينما اهمل المتعاملون سندات ديون الدول الاكثر هشاشة. وأعلن المصرف المركزي البريطاني استعداده ل«ضخ 250 مليار جنيه استرليني» (326 مليار يورو)، على غرار نظيره الياباني الذي ابدى في وقت سابق «استعداده لضخ السيولة» بالتشاور مع المصارف المركزية الاخرى للحد من الاضرار في الاسواق المالية. وحول الأسواق المالية الآسيوية، بدات بورصة طوكيو مع تحقيق ارباح معتدلة قبل ان يتغير هذا الميل بشكل مفاجئ بعد ساعة لتتراجع بنحو 8% عند الاغلاق. كما خسر عملاقا تصنيع السيارات اليابانيان «تويوتا» و«نيسان» اللذين لديهما مقرات في بريطانيا اكثر من 8%. أما بورصة هونغ كونغ فتراجعت باكثر من 5% في النصف الثاني من جلسة التداول. وكان مصرفا «اتش اس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» الاكثر تضررا مع تراجع باكثر من 10% و11% تباعا. بالنسبة الى البورصات الأخرى في منطقة آسيا المحيط الهادئ، فقد تراجعت سيدني وسيول بأكثر من 3% وشنغهاي بأكثر من 1%. وتأثر النفط أيضا بالأجواء العامة، مع تراجع بأكثر من 6% في التبادلات الإلكترونية في آسيا. وعلق المحلل لدى «سي ام سي ماركتس» في سيدني لوكالة «بلومبورغ» إن «النفط يتاثر بالفوضى التي تسود الأسواق بعد التصويت». وسيشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي انتقالا نحو المجهول لاقتصادهم مع تباطؤ النمو وارتفاع نسبة البطالة. وعلاوة على الانعكاسات المباشرة على البلاده وسواها، فإن الخروج من الكتلة الاوروبية، يمكن ان يؤدي الى عواقب سلبية على المدى الطويل كما كانت حذرت المؤسسات الكبرى من صندوق النقد الدولي الى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية قبل التصويت. وبعد تصويت الناخبين البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي جرى أمس، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه سوف يستقيل من منصبه بحلول تشرين أول/أكتوبر المقبل. وقال كاميرون خارج مقر إقامته بالعاصمة لندن إن "إرادة الشعب البريطاني هي أمر يتعين تنفيذه". وأضاف "اعتقد أن البلاد بحاجة إلى قيادة جديدة للذهاب بها في هذا الاتجاه". وذكر كاميرون إنه يتعين على رئيس الوزراء المقبل أن يتخذ القرار الرسمي بشأن موعد البدء في عملية خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية بموجب الفقرة الخمسين من معاهدات الاتحاد الأوروبي. وكانت لجنة الانتخابات البريطانية أعلنت صباح اليوم إن النتائج النهائية للاستفتاء الذي جرى أمس أظهرت اختيار الشعب البريطاني الانسحاب من الاتحاد الاوروبي بعد 43 عاما من الانضمام اليه. وحقق مؤيدو الانسحاب نسبة فوز بلغت 51.9بالمئة ما يمثل اكثر من 17.4 مليون صوت وبفارق اكثر من 1.3 مليون صوت عن مؤيدي البقاء بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والذي حصل على نسبة تأييد بلغت 48.1 بالمئة ما يمثل اكثر من 16.1مليون صوت. وذكرت لجنة الانتخابات ان نسبة المشاركة العامة بلغت 72.1بالمئة وبمجموع فاق 33.2 مليون ناخب وهي نسبة اكبر بكثير من نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي وأعيد على اثرها انتخاب كاميرون لولاية ثانية تنتهي عام 2020.