(و.م.ع) عمر الروش رغم مسافة 17 ألف كيلومتر التي تفصل بينهما، فإن المغرب وأستراليا يتقاسمان قيما واهتمامات مشتركة تتيح إمكانات هائلة للفاعلين في البلدين من أجل الإنخراط بشكل أكثر فعالية في تطوير التعاون، وتعزيز الشراكة الإقتصادية الثنائية. ومع حجم تجارة ثنائية لم تتجاوز قيمته 97 مليون دولار في عام 2018، فإن الإمكانات المتوفرة تبقى أبعد بكثير من هذا الأداء، وبالتالي هناك الكثير مما يتعين القيام به. وفي هذا الأفق تندرج زيارة وفد مغربي، برئاسة عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ،إلى البلد-القارة من 4 الى 13 فبراير الجاري. وبدأ الوفد المغربي هذه الزيارة من ملبورن، عاصمة ولاية فيكتوريا، لينتقل بعذ ذلك الى كل من أديلايد، عاصمة ولاية جنوبأستراليا، قبل أن يحط الرحال بعاصمة كويزلاند، ثم سيدني، عاصمة ولاية نيو ساوث ويلز، ليختتمها في كانبيرا عاصمة فيدرالية أستراليا. وبين اجتماعات رسمية، ولقاءات مباشرة بين الفاعلين، وزيارات ميدانية، أشرك برنامج الزيارة الفاعلين المؤسساتيين والاقتصاديين والمهنيين في إطار رؤية شاملة متعددة القطاعات تهدف الى إطلاق دينامية لتعزيز التعاون الاقتصادي ،لاسيما وأن العلاقات الممتازة بين الرباطوكانبيرا تتيح إطارا ملائما وإيجابيا ،أخذا بالاعتبار فتح السفارة الأسترالية في المملكة خلال السنة الماضية. وتتجلى هذه الدينامية أيضا في إنشاء مجلس الأعمال المغرب-أستراليا، الذي تكمن مهمته في تعزيز المبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الرائدين في منطقتيهما. “إن أستراليا تدرك الأهمية الإسترتيجة للمغرب كبوابة بين أوروبا وإفريقيا، وكرائد على المستوى الافريقي”، بحسب وزير التجارة الأسترالي ،سيمون بيرمينغهام، الذي أكد أيضا أن هذا الموقع “يشكل قاعدة صلبة لانخراط استراتيجي وتعاون فعال في العديد من القطاعات، وخاصة على المستوى الاقتصادي”. وفي السياق ذاته، استعرضت مباركة بوعيدة، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، الإمكانات المتعددة التي يتوفر عليها المغرب، بحيث أكدت أنه بالإضافة إلى سوق محلي متطور، فإن المغرب بحكم موقعه الاستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا، واتفاقات التبادل الحر مع العديد من البلدان، يمكن أن يتيح العديد من المنافذ للمنتجات الأسترالية. وفي الواقع، فإن المغاربة معروفون بانفتاحهم على المنتجات الأجنبية، وخاصة إذا كانت قادمة من هذا البلد-القارة، بينما علامة “صنع في المغرب” تلقى التقدير والاعجاب من لدن المستهلكين الأستراليين. وأكدت بوعيدة أيضا أن تعاون ثلاثي مغربي-إفريقي-أسترالي يمكن الشروع فيه، خاصة وأن المملكة أقامت العديد من الشراكات الثلاثية حول إفريقيا. وهناك العديد من العوامل التي تبشر بمستقبل واعد بالنسبة للتعاون الإقتصادي المغربي- الأسترالي ،الذي يوجد في بدايته بدون شك ،غير أن جميع المؤشرات تفيد بأنه سيتعزز لا محالة في المستقبل القريب. وفي هذا الإطار ، قال أخنوش إن قطاعي الفلاحة والصيد البحري يمكن أن يشكلا بداية لتعاون نموذجي، باعتبار أن المغرب مهتم بالتجربة المتميزة لأستراليا في هذين القطاعين، وخاصة ما يتعلق بجانب البحث والإبتكار، داعيا الأوساط العلمية الأسترالية إلى مواكبة التحول الرقمي للقطاع الفلاحي المغربي خلال العشر سنوات المقبلة. وفي هذا الأفق، قام الوفد المغربي بزيارات عدة الى الجامعات، والاستغلالات الزراعية، والمرافق اللوجيستية، والشركات المتخصصة في التكنولوجيات وتدبير المساحات الكبيرة للري، والشركات المتخصصة في التكنولوجيات وأنظمة الأحياء المائية، وهي زيارات كانت تليها اجتماعات مباشرة بين الفاعلين والمهنيين الأستراليين. ومن خلال هذه الزيارة، بات من البديهي أن “أستراليا تتيح سوقا واعدة بالنسبة للفاعلين المغاربة في إطار استراتيجية المملكة الرامية الى تنويع شركائها الإقتصاديين”، وفق عمر مورو، رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات. وقال مورو إن أستراليا، التي شهد إقتصادها على مدى 26 سنة نموا متواصلا، وتعد البلد الوحيد في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية الذي لم يعرف حالة ركود خلال الأزمة المالية، ولديه أحد معدلات النمو المرتفعة جدا ضمن البلدان المتطورة، كل ذلك يجعل منها سوقا ذات قيمة مضافة عالية بالنسبة للمنتجات المغربية. وتابع أنه ” يتعين علينا تحسين تنافسية منتجاتنا للدخول لهذه السوق ذات المعايير العالية”، داعيا الى الإستفادة من العلاقات الدبلوماسية المتميزة بين الرباطوكانبيرا لضمان موقع في هذه السوق. وتوجت هذه البعثة الاقتصادية بالخصوص بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين غرفة التجارة والصناعة العربية-الأسترالية ومجلس الأعمال المغرب- أستراليا،من أجل تعزيز التعاون بين أوساط الأعمال المغاربة والأستراليين، وإقامة تواصل دائم حول الإمكانات الاقتصادية في البلدين. وهكذا ،فإن هذه الزيارة، التي اختتمت أمس الأربعاء بمقر البرلمان الأسترالي، أقامت جسرا جديدا بين الرباطوكانبيرا، وسلطت الضوء على الفرص المتاحة “التي لا تهم فقط المبادلات التجارية ،بل يمكن أن تجعل من بلدينا محفزا حقيقيا لمزيد من التعاون في منطقتينا على التوالي”، وفق وزير التجاري الأسترالي، سيمون برمينغهام.