تنحدر من المغرب العميق، من عائلة تعاني الفقر والهشاشة، لم تطأ مقاعد الدراسة يوما، ولم تعرف لمعنى الحياة الكريمة سبيلا، وفوق هذا وذاك تعرضت لاغتصاب بشع قبل أن تسلم الروح إلى بارئها في ظروف وصفت ب”الغامضة”.. كانت هذه بعض الخطوط العريضة التي وسمت حياة فتاة شابة تدعى “عالية العباسي”. ما من وصف يمكن به عنونة قصة الشابة “عالية”، البالغة 24 ربيعا والتي كانت تقطن بدوار “المرة”، الواقع بنواحي ميسور؛ فبالعودة إلى تفاصيل ما عاشته يختلط الوضع الاجتماعي الصعب بالاستغلال والإهمال. في هذا الصدد، يحكي محمد العباسي، أن شقيقته كانت ذات يوم من أيام شهر يونيو من السنة الفارطة على موعد مع مزاولة نشاطها المعتاد والمتمثل في رعي الغنم بإحدى الأراضي الواقعة بدوار “المرة”، إلا أن أحدهم هجم عليها فاغتصبها، مضيفا، أن العائلة لم تعلم بالواقعة إلا بعد مضي ما يزيد عن ثلاثة أشهر، وذلك بعدما اشتكت الفتاة من مغض شديد ألم بها، وأمام ازدياد حدته، ارتأوا عرضها على طبيب، فاصطحبتها والدتها إلى المسشفى، وهناك كان وقع الصدمة قويا حينما أخبرت الأم بأن ابنتها حامل في شهرها الثالث. حملت الأم الخبر ونقلته إلى باقي أفراد العائلة، يروي شقيقها محمد، في حديث مع موقع “الأول”، فلم يكن أمام الهالكة من خيار سوى البوح بحادث الاغتصاب الذي تعرضت له ورواية شريط أحداث ذلك اليوم المشهود، ولو على مضض، بالنظر إلى طبيعة أسرتها المحافظة. وأفاد محدثنا، الذي كان التأثر واضحا عليه، بأن الجاني المتحدر من نفس الدوار، كان قد وعد شقيقته بالزواج منها، إلا أنه لم يف بالتزامه، وأمام شيوع الخبر وتناقله بين ألسنة ساكني الدوار، تدهورت الوضعية الصحية ل”عالية” وتأزمت حالتها النفسية بشكل ملحوظ حتى أنها هددت بالانتحار درءا “للفضيحة”. وذكر محمد العباسي، بأنه قام بمعية عائلته بمواجهة من تتهمه عالية العباسي باغتصابها، إلا أنه نفى نفيا قاطعا أن يكون هو المسؤول عن الحمل، مما دفعهم إلى رفع دعوى قضائية عليه، فتم اعتقاله وعرض على أنظار العدالة بتاريخ فاتح نونبر الماضي، لكن المثير هو أنه لم يمض أسبوعين فقط، حتى خرج بكفالة قدرها 10 آلاف درهم ليصبح حرا طليقا، يقول محمد. شقيق عالية، الذي كان يجيب عن أسئلتنا بنبرة تعلوها الأسى والخيبة، حتى أنه توقف مرات عديدة ليلتقط أنفاسه، أكد أنه جرى نقل شقيقته إلى المستشفى الإقليمي بميسور منتصف شهر يناير الماضي، وظلت هناك حوالي 10 أيام ليتم إحالتها على المستشفى الجامعي “الحسن الثاني” بفاس، بغرض تمكينها من إجراء عملية قيصرية، غير أن القدر كانت له كلمة أخرى، إذ لفظت أنفاسها أثناء عملية الوضع أول أمس الثلاثاء 05 فبراير الجاري بسكتة قلبية. وتجهل عائلة الهالكة مصير الجنين، بحسب ما أكده جواد العباسي، قريب ”عالية” في تصريح لموقع “الأول”، مشيرا إلى أن المستشفى الجامعي بفاس، سلمهم شهادة وفاة “عالية” فيما أخفى عنهم جثة الجنين وباقي الوثائق الطبية المتعلقة بالملف، بالرغم من مطالبتهم إياه بها، واصفا ما حدث لقريبته ب”الجريمة”، فيما رجح إمكانية تعرضها لإهمال طبي، الأمر الذي يستوجب فتح تحقيق قضائي في النازلة وترتيب الجزاءات القانونية في حق كل من سيثبت تقصيره. على حد تعبيره. وتطالب عائلة “العباسي”، من جهة بأن يعاد فتح الملف من جديد كي ينال المتهم عقابه، ومن جهة أخرى أن يفتح تحقيق قضائي مع المستشفى كي يقفوا عند حقيقية ما وقع بالضبط، إحقاقا للحق وإنصافا لروح هذه الشابة التي غادرت الحياة في ظروف يكتنفها الغموض. ذهبت لتضع جنينها فعادت مسجاة في تابوت، هكذا إذن انتهت قصة المسماة قيد حياتها “عالية العباسي”، التي لم يكتب لها أن تحيى حياة كريمة، وحتى موتها لم يقل “تراجيديا” عن ماعاشته، حيث إن مصاريف الكفن وتكاليف نقل جثمانها إلى مسقط رأسها، تم بمساعدة بعض المحسنين نظرا لقلة ذات يد العائلة.