إدريس زياد لعالم اليوم الدولية يظن البعض في سلطة الكراسي أن الناس تتطلع لكراسيهم ومواقعهم وسلطتهم، ولم يدركوا بعدُ أن لحم سلطتهم وخم لا يؤكل، وأن جلدها مهترئ لا يصلح لترقيع طبل، وأن لسانها لا يصطاد سمكة، فهي مجرد سلطة منفوخة كبطن حمار ميت مضى على موته بضع أيام، أعتقد جازماً أن اللوم في كل ما آلت إليه الأوضاع بالدرجة الأولى يقع على أغلبية الشعب الذين يصوتون على المفسدين ويعاودون التصويت عليهم في كل المحطات مقابل الفُتات، ترى المريدين يمجدون من سلط عليهم سيف الإقتطاعات والقوانين الجائرة وهم للأسف ينتمون إلى الطبقة المثقفة، لم نعد نفهم شيئاً في هذا الوطن، كنا في يوم ما نحمل أفكاراً جميلة حول السياسة ومستقبل الوطن، تبين لاحقاً أنها مغرقة في المثالية كجمهورية أفلاطون، أو أنها مجرد أضغاث أحلام… فالمطلوب اليوم هو الإستجابة إلى صوت الشعب المفقر، الذي ألهب ظهره سوط الغلاء، ونهب خيراته جشع المفسدين من أبناء جلدته، شعب لا يحلم بشيء سوى أن يعيش في وطنه كريماً آمناً محترماً كإنسان فقط، أما الكراسي والمناصب فقد أعرض عنها منذ مدة، وهو ما سجلناه اتجاه صناديق الإنتخابات من عزوف في السنوات الأخيرة، فالوطن اليوم أسمى وأغلى من أي منصب، وأولى من أي حزب أو جماعة، إنه وطن لمن يقدر معنى كلمة وطن… لا أتخذ أي موقف بالتبني ولا أعبر عن رأيي بناء على موقف حزبي أو نتيجة ما أسمع من الناس، أنا أتخذ موقفي وأعبر عن رأيي بناء على موقف شخصي وواقع معاش، موقف إنساني وأخلاقي في الأساس، لا أمدح ولا أذم شخصاً لشخصه، إنما الفكرة التي يمثلها هي ما يهمني، أقول ما اؤمن به فقط وأمثل نفسي وقناعاتي، عندي قناعة مطلقة أن بعض الأحزاب هم سبب تخريب المجتمع، وكل وجهة نظر شخصية هي صحيحة من الزاوية التي ينظر منها صاحبها، وتتغير هذه الصحة إذا ما تم النظر من عدة زوايا، حين تكون النظرة أوسع، ومن هنا يمكننا تبين سبب التعصب الأعمى للذات، إنه ضيق الأفق وسطحية الملاحظة عند تجار الذمم… أصبحت كل خطوة في هذا الإتجاه هي عبارة عن معركة، كل خطوة تحتاج شق طريق في صخور قاسية، فنحن نعيش في بلد محكوم بأمراض اجتماعية أهمها الظلم والتخلف الذي يسيطر على عقول الطبقات التي تدير وتنظم حياة الناس، من المؤسسات الصغرى إلى الكبرى، ومن كل القطاعات الحكومية وغير الحكومية والخاصة، كل خطوة معركة في حرب كبيرة ضد الظلم والتهميش والحݣرة، وفي مجتمعنا هناك بلطجية وسماسرة ومنافقون وشكامة، باتوا أعضاء في أحزاب ومسؤولين وصناع قرار، تراهم فارغين، تافهين، يستخدمون البهرجة ولغة التحايل وبيع الأوهام ونشرها والتجارة بها، وأصبحوا كالحمقى الذين يتنازلون عن شيء يمتلكونه اليوم مقابل وعدٍ بامتلاك شيء غيرهم في المستقبل.