من عبد الواحد الطالبي -( عالم اليوم بريس) لم يتبق غير قليل وينتهي مهرجان التصويت لتدشن الفضائح موسمها الجديد على مدى ست سنوات بملفات فساد سياسي ومالي وأخلاقي وإداري تعزز أرشيف الفساد في البلاد الذي راكمته الممارسة التمثيلية في المجالس المنتخبة في ظل تجميد المقتضى الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة. وينذر هذا الموسم بجيل منطور ومتحور من الفضائح التي وسمت مهام الانتداب الديمقراطي في كل التجارب التي مر منها المغرب وقليل من ملفاتها وصل القضاء دون بلوغ محطة الفصل النهائي للأحكام وتراوحت قضاياها بين رشوة وتبديد المال العام وخيانة الأمانة وتزوير في محاضر ومقررات رسمية وأيضا الخيانة الزوجية والتحرش وممارسة الفساد في مكاتب عمومية... ويتوقع أن تشهد مدة الانتداب القادمة مستوى من الفضائح غير مسبوق يحطم الرقم القياسي في قضايا الفساد لاسيما وأن كثيرا من الذين طالعت اللوائح الانتخابية الناخبين بأسمائهم وصفاتهم وتجاربهم ... مطعون في ذممهم بما قدموا به أنفسهم في احتيال وانتحال وكذب ونصب وزور وبهتان إضافة إلى الآخرين الذين تورطت غالبيتهم في قضايا فساد وسرقة وخيانة الأمانة إما في المسؤوليات التي تحملوها في الجمعيات والمؤسسات المدنية أو في المجالس والوظائف التي شغلوها. وما تزال الانتخابات في المغرب فرصة لتحسين الوضع الاعتباري للأشخاص مادام الوطن غفورا رحيما ومادامت المساطر ترواح مكانها في التدقيق والتحقيق والمتابعة وإصدار الأحكام وتنفيذها، يتخذ منها المواطنون وسيلة للاغتناء غير المشروع في استغلال بشع للنفوذ من موقع المسؤولية التي قادتهم إليها باسم الديمقراطية صناديق الاقتراع. والصناديق هذه المرة ستقود الى المكاتب والمجالس عددا زائدا من النساء في إطار حصيص المناصفة التي تراجعت فيها المعايير النضالية للتنافس على مقاعد التمثيل الجماعي والتشريعي لفائدة الصفات الجسمانية وهيئات اللباس والحركة... فالمرأة حضرت في هذه الانتخابات على غير ما تعود الناخبون حضور المناضلات فيها بصورة المرأة التي تتكلم لغة الرجال، بل تميز حضورها بالغنج والدلال وبالإثارة التي بلغت أحيانا حد الشبق في بعض الصور المبثوتة والمنشورة والموزعة في إطار الدعاية الانتخابية. ولا أخوف سوى من هذا الحضور اعتبارا لمستوى تمثيل هذه الفئة في اللوائح الانتخابية التي تتبارى في الميدان على المقاعد في مجلس النواب ومجالس الجهات والجماعات والمقاطعات، أن يكون له ما بعده في تحويل هذه المؤسسات الى ما يشبه الحياة العامة المألوفة لدى شريحة من المترشحات والمترشحين الذين سدوا الفراغ والنقص عند الأحزاب من المناضلين والنخب الذين هجروا السياسة وعزفوا عن الانتخابات واستنكفوا اللعب القذر بالديمقراطية. إن الاستعمال البشع من أجل استمالة الناخبين واستدرار أصواتهم لصورة المرأة في الدعاية الانتخابية بجمالها ومفاتنها، يجسد أدنى درجات الانحطاط السياسي والانحدار الأخلاقي في الممارسة الانتخابية ببلادنا تم فيه استغلال الغرائز والشهوات وكل ما هو إيروتيكي في تقديم المرأة كجسد وليس ككيان فكري وثقافي وهوية سياسية وحزبية. وواقع الحال ناطق في كل مشاهد الحملات الانتخابية وما رافقها من ردود أفعال رواد التواصل الاجتماعي ومستعملي تطبيقات التراسل الفوري وتعليقاتهم عن مترشحات يكسبن القلوب ويأسرن العواطف ويقيدن المشاعر والأحاسيس بصورهن التي تفتن العيون وتخلب الألباب وتجمد كل مطلب في المترشحة مما يفترض ان يكون فيها من شكيمة نضالية وكفاءة مهنية وتأطير سياسي وتكوين إيديولوجي ... فالرضى منها والابتسام والقبول يغني قليل منه عن كل ما عداه من شروط التمثيل الديمقراطي في أصله. والرهان لا شك سيكون على مؤسسات تمثيلية جميلة فاتنة مغرية شهوانية وليس على مؤسسات قوية ديمقراطية.