لم تشهد بلادنا منذ الاستقلال إجراء اختبارات في مثل هذا التوتر الذي شهدته بكالوريا هذه السنة . فقد انطلق التوتر والتوجس قبل أسابيع من هذه الاختبارات ، إذ أعلن بلمختار عن سلسلة من القوانين والإجراءات لزجر الغش ، ساهمت في نشر المزيد من الخوف والهلع في أوساط المترشحين وأوليائهم وكذا الأساتذة . ماهو شعور تلميذ لم يتعد سنه الثامنة عشرة من عمره ، يغادر بيته للمشاركة في اختبارات الباكالوريا ليعاين محيط مركز الامتحان ، وقد تحول الى مركز للطواريء ، رجال شرطة ومخابرات وسيارات أمن ؟ شعور الخوف هذا سيرافقه لا محالة خلال الامتحان . وإذا كان لابد للحراسة من أجل زجر الغش ، فإن حراسة هذه السنة كانت مشوبة بالمبالغة ، ذلك أن المكلفين بالحراسة كانوا تحت ضغط وزارة التربية ، مما جعلهم يتصرفون بطرق يغلب عليها الطابع الأمني أكثر من التربوي . وفي غمرة هذه الاختبارات ، وقعت تعثرات وانزلاقات تنظيمية خطيرة سببها المراكز الجهوية التي فشلت في ضبط وتنظيم العديد من العمليات ، وهي تعثرات ظهرت خلال التصحيح تتعلق باللجان والأوراق ومعايير التنقيط . والغريب هو ماعلمنا عنه أخيرا ومفاده أن الوزارة ستعدل تاريخ إجراء الدورة الاستدراكية بعد أن فطن المسؤولون أنها مصادفة لعيد الفطر ، سبحان الله ، ما أذكى هؤلاء المسؤولين . وفي انتظار ما ستسفر عنه النتائج ، تضع كل الأسر أيديها على قلوبها خشية تعثرات جديدة قد تعصف بآمال أبنائها المرشحين ، مما قد تكون معه الضربة القاضية لمصداقية البكالوريا المغربية على يد الوزير بلمختار . من يتحمل مسؤولية شحن أجواء الباكالوريا بكل هذا التوتر والترهيب ؟ دون شك ان أطرافا كثيرة تتحمل المسؤولية ، غير أن القسط الأكبر تتحمله وزارة بلمختار . وزارة بلمختار فشلت في تدبير الاختبارات وتعددت زلاتها وتعثراتها انطلاقا من مواسم سابقة ، وعوض مراجعة أخطائها والتعامل مع هذه الاوضاع بطرق تربوية اختارت اللجوء الى لغة الزجر والترهيب ، وحولت مراكز الامتحانات الى مخافر تعج برجال الأمن والمخبرين ، مما ادخل الرهبة والخوف في نفوس المترشحين ، ومعظمهم أبرياء من الغش والتزوير . فشل الوزارة في تدبير اختبارات الباكالوريا ساهم في معاكسة التوجه نحو إعادة الاعتبار للتعليم العمومي ، وضرب مصداقية هذه الشهادة المفصلية في التعليم ،فهل وضع بلمختار في حسابه إعادة النظر في طريقة التدبير وإصلاح الأخطاء ،إذا ما تجددت ولايته على هذه الوزارة - لا قدر الله - في الحكومة المقبلة .