تحول الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية إلى ما يشبه حكاية مبتورة ، فبعد كل لقاء كانت النتائج حسب تصريحات القياديين النقابيين فارغة، بدعوى أن الحكومة لا تفاوض بشكل جدي وتريد فرض سياسة الأمر الواقع من خلال محاولتها تمرير مشاريع قوانين إصلاحات مفصلية بشكل أحادي ، وآخرها مشروع قانون إصلاح التقاعد الذي تصدت له النقابات داخل لجنة المالية بمجلس المستشارين بشكل شرس، ما دفع الحكومة إلى توجيه دعوة للمركزيات النقابية من اجل استئناف الحوار الاجتماعي يوم 12 ابريل ، وفي خطوة قالت عنها المركزيات في بيان لها وهي الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتعليم العالي، أنها لإظهار النية الحسنة للنقابات من اجل الرجوع إلى طاولة الحوار بدل الاستبداد بالقرار تم تعليق المسيرة العمالية التي كانت مقررة يوم 10 ابريل ، وعقدت أمس الاثنين لجنة التنسيق المركزي بمقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بالدارالبيضاء اجتماعا للتحضير لجولة الحوار مع الحكومة ، بعد استجابتها لطلب الحركة النقابية بعقد لقاء ترتيبي بملحقة رئاسة الحكومة حيث تم تحديد جدول الأعمال والسقف الزمني. يشار إلى أن استئناف الحوار الاجتماعي لم تقرره الحكومة بشكل سلس في إطار اتفاق 26 ابريل 2011، بل جاء تحت ضغط الشارع وبعد برنامج نضالي مكثف سطرته النقابات ، بدأته بتنظيم تجمع عمالي في 8 دجنبر 2015 في ساحة فرحات حشاد في الدارالبيضاء، وتنظيم إضراب عام وطني في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية يوم 10 دجنبر2015، بالإضافة إلى اعتصام عمالي في مدينة الرباط يوم 12 يناير2016، ، وتنفيذها مسيرات جهوية وإضرابا وطنيا يوم 11 فبراير 2016حتى الإضراب العام يوم 24 فبراير. لتستأنف نضالها من خلال برنامجها الجديد وآخر محطة كانت الخروج للشارع يوم الأربعاء 30 مارس حيث نظمت النقابات الخمس وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان موازاة مع مناقشة إصلاح التقاعد في الغرفة الثانية حاملة شعار» الحركة النقابية ترفض تمرير المشروع الحكومي المشؤوم للتقاعد» إضافة إلى شعارات أخرى رددها المحتجون من قبيل «تقاعدي خط احمر» و»لا لتحميل كاهل الموظفات والموظفين إصلاحات صندوق النقد الدولي» وكذا «لا إصلاح دون محاسبة المفسدين» و «لا لضرب حق الإضراب عبر الاقتطاعات من أجور المضربين ولا لقمع التظاهرات الاحتجاجية السلمية واعتقال ومتابعة المحتجين» و غيرها من الشعارات الساخنة و المنددة بالإصلاح الحكومي لأنظمة التقاعد.. وموازاة مع استئناف الحوار الاجتماعي استقينا تصريحات من عدد من الموظفين باعتبارهم المعنيين الأساسيين بإصلاح أنظمة التقاعد، وكان التنديد الشديد بالإصلاح الذي تريده الحكومة لأنظمة التقاعد هو الطاغي على هذه التصريحات، باعتباره يجهز على نسبة مهمة من معاشاتهم ، وكذا إجبارهم على العمل فوق السن القانوني الذي تعاقدوا مع الدولة عليه وهو 60 سنة، كما استنكروا عدم مراعاة هذه الحكومة لاستحالة تطبيق هذا الإصلاح على فئات تعاني من اجل بلوغ الستين ويتعلق الأمر حسب هذه التصريحات برجال ونساء التعليم وكذا العاملين في قطاع الصحة والوقاية المدنية والأمن وغيرها من المهن التي تحتاج إلى قدرة ذهنية وبدنية ، وبالتالي فالحكومة لا تبحث عن الإصلاح بقدر ما تحكم على مجموعة من القطاعات بالتدهور والمزيد من التأزم..