تعتبر قوة الحضور النسائي في المشهد السياسي المغربي حقيقة لاخلاف فيها. فهذا الحضور الذي يتقوى بدعم الارادة السياسية العليا في البلاد؛ وجهود الحركة النسائية وموقف بعض الأحزاب السياسية التي تؤمن بقدرات النساء وتؤمن أكثر أن الديمقراطية والمواطنة الحقة، لا تتحقق إلا بالاقتناع والاستفادة من خبرات الجميع في مغرب جدير بنسائه ورجاله؛ ومن هذه الأرضية الصلبة انطلقت أصوات نسائية رافضة لأي حيف أو تمييز يقصي المرأة من حقها في المشاركة الفاعلة والوازنة في تسيير الشأن المحلي وذلك عبر التواجد المشرف والقوي في الجماعات المحلية والجهات وكانت الأصوات أكثر رفضا واعتراضا للموقع النسائي داخل مدونة الانتخابات. واعتبرت أن بعض احاكامها وتعديلاتها لا تستجيب لمطالب النساء وأن نسبة 12% من المقاعد المخصصة للنساء في استحقاقات 2009 المحصل عليها ليست هي السقف وأن المبتغى هو الثلث والأفق هو المناصفة العادلة، لذلك فهذه النسبة لا تعكس واقع المرأة المغربية وغير كافية لتطمس أو تمحو من الذاكرة السياسية النسائية ضعف وهزالة التمثيل النسوي في المجالس الحالية والذي لا يتعدى عتبة الصفر؛ اذ ينحصر وجود المرأة في المجالس الجماعية حاليا في نسبة هزيلة جدا لا تتعدى 0.56 في المائة مقابل 99.44 في المائة للرجال، كما أنه من أصل1497 مجلس منتخب لا توجد الا امرأتان على رأس مجلسين فقط، في حين يستحوذ الرجال على باقي المجالس المنتخبة وهذه المعطيات شكلت نسبة اجماع داخل الحركة النسائية المغربية على أن الأحكام الخاصة التي جاءت بها مدونة الانتخابات فيما يخص التمثيلية النسائية لا تفي بالمقصود، وتعتبر الحركة النسائية أن الصيغة القانونية الملزمة هي وحدها الكفيلة لاعطاء بعد أكبر للوجود النسائي في المجالس المنتخبة. والجدير بالذكر أن تمثيلية المرأة في الجماعات المحلية كما صادق عليها مجلس النواب ستصل لاسيما في البوادي الى أزيد من 12% كما ستتم اضافة مقعدين للنساء في الجماعات القروية الى المقعد الحالي، وسينتقل عدد مقاعد النساء في الجماعات الحضرية والمقاطعات من أربعة الى ستة مقاعد حسب أهميتها؛ وتضمن مشروع القانون أيضا ادراج احكام خاصة تتعلق بدعم قدرات النساء التمثيلية وذلك في اطار احداث ما سمي «صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء» والإحالة فيما يتعلق بتحديد وشروط وكيفيات تقديم الدعم المذكور على نص تنظيمي، وفي نفس الاجراءات الداعمة للتمثيلية النسائية يأتي التوقيع على ميثاق شرف تلتزم بموجبه كل الهيئات السياسية بتخصيص نسبة معينة من الترشيحات المقدمة بتزكية منها لفائدة العنصر النسوي مع الحرص على اختيار مواقع متقدمة للنساء في لوائح الترشيح بالنسبة للجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها عن طريق اللائحة في دوائر ملائمة بالنسبة للجماعات التي يطبق فيها الاقتراع الفردي.. فهل تكفي هذه المواقع النسائية وهذه النسب الرقمية لتصحيح كفة الميزان بما يضمن تمثيلية عادلة للنساء في ادارة الشأن المحلي؟ وبهذا الخصوص تقول الأستاذة لطيفة بناني سميرس في تصريح للعلم «أن القانون وحده هو الكفيل بضمان تمثيلية وازنة وعادلة للنساء في المجالس المنتخبة وأن الاجتهاد القانوني وحده الكفيل بتخطي العراقيل والصعوبات القانونية والدستورية التي تعيق إدراج مقتضيات تشريعية صريحة وواضحة لفائدة المرأة في مدونة الانتخابات للحصول على صيغة قانونية ملزمة تضمن تمثيلية عادلة للمرأة في المجالس المنتخبة. وهكذا يسدل الستار على آخر تعديل في مدونة الانتخابات في ما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتمثيلية النسائية على تمكين 3262 مستشارة جماعية ومحلية ستشاركن في إدارة الشأن المحلي انطلاقا من 12 يونيو المقبل أي بنسبة 12% على الصعيد الوطني.