يتابع المواطنون باندهاش كبير عمليات إنفاق الملايير على إعداد المنتخبات الوطنية لكرة القدم ، ويكلفون أنفسهم عناء إجراء عمليات حسابية عليها من ضرب وطرح وقسمة ، كلما رحل المنتخب يجمعون ويطرحون ويضربون الملايين التي تنفق على لاعبي المنتخب في الحل والترحال ، ويضيفون إليها راتب المدرب الوطني للكبار / 50 مليون سنتيم شهريا /، وراتب مدرب المحليين /36 مليون سنتيم شهريا / ، وسلسلة من رواتب بأرقام فلكية لمسؤولين على شبه مسؤولية ، تتراوح بين 30 مليون سنتيم و 6 ملايين شهريا ، فينتفخ المبلغ اخر السنة الى الملايير ، لتعود منتخباتنا خاوية الوفاض ، حيث لا يملك مدربونا سوى عقد ندوة صحفية لإيجاد مبررات هذا الاخفاق . من حق المواطنين المطالبة بالحساب ، فهذه الملايير تعتبر مالا عاما ، سواء كان مصدرها حصيلة بيع التذاكر ، أو ميزانية تخصصها الدولة للجامعة الملكية لكرة القدم ، ولا يكفي ان يتم إصدار قرارات بإقالة المدربين ، والتعاقد مع اخرين للعودة إلى نفس الحكاية . بلادنا بحاجة الى مستشفيات لمعالجة المرضى ، وتلامذتنا بحاجة الى مدارس وأقسام وطاولات تغنيهم عن افتراش الأرض ، أو التزاحم على طاولة واحدة مكسورة ، وبحاجة إلى مدرسين يعلمون هؤلاء التلاميذ ويتلقون رواتب شهرية ، وهم بحاجة إلى طرق معبدة يسلكونها نحو مدارسهم في القرى النائية . مواطنونا بحاجة الى معامل تمتص آلاف العاطلين عن العمل ، وإلى مدرجات جامعية وأساتذة محاضرين أكفاء وتطوير البحث العلمي . وبلادنا في حاجة إلى تطوير اليات الرقابة على المال العام ، وابتكار طرق استخلاص الاموال المنهوبة او المحكوم بها ضد ناهبي ومختلسي الأموال ، عِوَض ان ينساق المسؤولون وراء الاليات الصدئة التي تسلكها بعض ملفات غرف الأموال ، حيث تتدرج ملفات ضخمة طيلة سنوات لتعود الى نقطة الصفر ، والنماذج كثيرة وبالأطنان ، منها ملف 117 مليار للتعاضدية العامة للموظفين ، والقرض العقاري والسياحي ، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واللائحة طويلة . المواطنون يرون أنه لو شمرت الدولة على ساعديها وراقبت صنابير هذه الاموال التي تصرف على كرة القدم بدون حسيب ولا رقيب ، ولاسترجاع الأموال المنهوبة والمحكوم بها ، لربما كانت ديون المغرب الخارجية تقل بكثير عما هي عليه الان . لقد كان المواطنون يعقدون امالا عريضة على المجلس الأعلى للحسابات لإيقاف نزيف هذه الاموال العامة ، غير أن هذه الامال خابت بعد أن اكتشفوا عدم نجاعة هذا المجلس في التتبع والعقاب . وأخيرا فإننا لابد أن نحذر قائلين : الفتنة نائمة لعن الله موقظها . ولنبتعد عن الفتنة ،علينا ان ننبذ شعار عفا الله عما سلف الذي تنهجه حكومتنا .