سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
*الفساد التدبيري والإصلاح التعليمي: **غياب محاسبة الجهاز التدبيري للوزارة على مستوى المركزي والمصالح الخارجية يؤثر سلبا بشكل كبير على فشل الاصلاحات التعليمية.. بقلم // محمد الصدوقي
ونحن على أبواب إصلاح تعليمي جديد، وفي خضم المشاورات الموسعة التي قامت بها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني و المجلس الأعلى للتعليم مع مختلف الفاعلين، لتشخيص أعطاب المنظومة التعليمية والبحث عن الحلول القمينة بتجاوزها، ؛نظن أن السؤال الجوهري الذي يجب أن يجيب عليه الجميع: لماذا تفشل كل إصلاحاتنا التعليمية منذ الإستقلال؟ كجواب على هذا السؤال المركزي، نجد كما هائلا من التشخيصات المعروفة والمرتبطة بالمناهج والبرامج والكتب المدرسية ونظام التقييم والبنيات التحتية وضعف وعدم كفاية الموارد البشرية...لكن ناذرا ما يتم التحدث عن سبب بنيوي وأساسي وخطير يساهم بشكل كبير في إفشال كل الإصلاحات التربوية، وخصوصا في بعدها التدبيري والمالي المسؤول الأول على إنجاز وتنزيل مشاريع الإصلاح ،وعلى السير العادي والفعال والناجع للمنظومة التعليمية. الكثير يحاسب المدرسين والمدراء والمفتشين التربويين على مسؤوليتهم في فشل او نجاح الإصلاحات، ولا أحد تقريبا يحاسب الجهاز التدبيري للوزارة، على مستوى المركزي والمصالح الخارجية من أكاديميات ونيابات إقليمية، وتحميلهم مسؤولية الاختلالات التدبيرية، بل فساد هذه الأجهزة التدبيرية الذي يؤثر سلبا بشكل كبير على فشل الاصلاحات التعليمية وشحن أجواء العمل سلبا؛ الكل يعرف روائح فساد بعض هذه الأجهزة التدبيرية المنبعثة من التقارير التي ينجزها المجلس الأعلى للحسابات أو بعض اللجن التفتيشية وما تقف عليه بعض المنابر الإعلامية الوطنية. ومن خلال رصدنا ومتابعتنا لما يرشح من فساد عن الأجهزة التدبيرية للوزارة ومصالحها الخارجية، سنتطرق إلى بعض مظاهر الفساد التدبيري الإداري والمالي للوزارة (رصد تاريخي): - مظاهر الفساد الإداري: كما هو معروف، فإن نجاح أي مشروع يرتبط أولا بكفاءة وفعالية ونزاهة ووطنية القيادة الإدارية(على مستوى التخطيط ومتابعة التنفيذ والتقييم...).لكن كيف يتم اختيار او تعيين هذه القيادات الإدارية؟ الأكيد والمتداول، أن بعض هذه القيادات الإدارية، على مستوى الوزارة والأكاديميات والنيابات ،وحتى المؤسسات التربوية، غالبا ما يتم اختيارها وتنصيبها خارج منطق الكفاءة والتجربة والنزاهة...ومعايير الاختيار، غالبا ما يتحكم فيها منطق الصداقة والعائلة والشوفينيات القبلية والجغرافية، والزبونية النقابية والحزبية والرشوة...هكذا، لن نتعجب كثيرا، حين نجد منتوج وفعالية هذه القيادات المغشوشة ضعيفين ورديئين، وغالبا ما تتسم بعدم المسؤولية والجدية والاستهتار،بل وتمارس وتكرس هي الأخرى أشكالها من الفساد التدبيري والسطو على المال العام، وبالتالي فشل تنزيل أي إصلاح تعليمي بشكل جدي وناجع...مادامت تفتقد إلى الكفاءة، ولا تخاف مبدأ المحاسبة، لأنها قد تحظى بحماية من نصبها ، بالإضافة إلى أشكال التواطؤ بينها وباقي الفاسدين من بعض النقابات والمسؤولين والمنتخبين والمنعشين والمقاولات...،وتعرف مسبقا أن الكل فاسد، والفاسد لن يحاسب الفاسد...لذا،وجب التفعيل الحقيقي للدستور المغربي الجديد ،لمحاربة وتجفيف مظاهر الفساد الإداري في القطاع،من خلال اعتماد مبادئ ربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة والتنافس(المباريات)للحصول على المناصب الإدارية مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا ومؤسستيا.. - مظاهر الفساد المالي نجاح أي إصلاح له علاقة كذلك بتوفير كلفته المالية، وصرف الأغلفة المالية على المشاريع المستهدفة، ومراقبة أوجه الصرف الحقيقية ميدانيا، لكن ماذا يقع في الواقع؟ ترصد أغلفة مالية، كما وقع مثلا في تنفيذ مشاريع المخطط الاستعجالي(حوالي 45 مليار درهم،،وهناك تضارب حول الرقم الحقيقي؟!) ،مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، لإنجاز البنيات والتجهيزات والخدمات والمشاريع التربوية وتوفير وسائل العمل...لكن غالبا ما نجد(حسب بعض الأخبار المسربة إعلاميا، والتقييم الأولي لمشاريع المخطط الاستعجالي، تقارير المجلس الأعلى للحسابات) عدم التطابق بين الأغلفة المرصودة في الوثائق والواقع. يكفي أن نعطي بعض الأمثلة الدالة،والتي تدعو إلى الشك وتستوجب تحريك لجان المراقبة والمتابعة القضائية: عدد ومواصفات وجودة البنايات المدرسية كما هي في الوثائق ودفاتر التحملات لا تطابق واقع إنجازها، التلاعب في الصفقات، التجهيزات ووسائل العمل تكون غالبا من حيث الجودة والعدد لا تعكس ما هو مسجل في الوثائق،هناك تضخم في التعويضات المختلفة للأطر الإدارية، وأحيانا يتم الاستفادة منها دون إنجاز المهام المعوض عنها ودون استحقاق؛ نجد في الوثائق الرسمية لمبادرة مليون محفظة ضرورة استفادة التلاميذ المعنيين من محفظات وكتب ولوازم مدرسية حسب مواصفات معينة ،في الواقع نجد بعض التلاميذ في بعض المدارس لا يستفيدون من كل ما ورد في الوثائق الرسمية، ناهيك عن غياب جودة المحفظات واللوازم المدرسية، أو عوض الاستفادة من دفاتر 100 ورقة توزع دفاتر 50 ورقة...سوء وعدم جودة ربط المؤسسات بشبكات الماء والكهرباء ...فأين تذهب الأموال الضخمة المخصصة للوزارة مركزيا وللأكاديميات والنيابات الإقليمية والمؤسسات؟ هل تصل فعلا إلى وجهتها؟ وخصوصا المؤسسة التربوية والتلاميذ، حيث الكل يتبجح بأنهم المستهدفون من أي إصلاح؛ الكل يعرف الحالة المزرية لأغلب مدارسنا وتلامذتنا، فلماذا هذه الملايير تهدر؟ وأين تذهب بما أنها لا تصل غالبا للمدرسة وللتلميذ، حتى لا نقول للمدرس/ة أيضا، وهذه هي الأعمدة الحقيقية لنجاح أي إصلاح تعليمي؟ أين وصلت التقييمات الأولية والنهائية لأموال المخطط الاستعجالي؟ وتقارير المجلس الأعلى ؟ولجن التفتيش....؟ما نلاحظ، في الغالب، غياب التفعيل الحقيقي للمبدإ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة والعقاب، حيث اغلب التقارير تبقى حبيسة الرفوف، وأغلب المسؤولين عن الاختلالات وبعض مظاهر الفساد في القطاع وعن فشل الإصلاحات التعليمية، يبقون في مناصبهم، بل منهم من يُرقى...فكيف لقطار تعليمنا أن ينطلق معافيا صالحا إلى الأمام وبعض المسؤولين عن قطاع غياره و سكته ومساره وقيادته فاسدين قيميا وتدبيريا؟ ++باحث تربوي