لا تكتفي إيران بمعاركها المكشوفة في الشرق فقط الأوسط لتقوية تمددها في المنطقة، وقد وضعت خططا منفصلة لتثبيت هذا التمدد في شمال أفريقيا من بوابة الاستقطاب المذهبي عبر ضخ أموال كبرى لمساعدة شبكات التشيع على اختراق المجتمعات العربية، وتوظيفها في بناء نواة صلبة لأذرع تابعة لها شبيهة بحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. ويستفيد الإيرانيون بشكل خاص من حالة الفوضى الدينية التي تعيشها بلدان مثل مصر وتونسوالجزائر في ظل الصراع الدائر بين جماعات متشددة كل منها يعلن نفسه ناطقا باسم الإسلام، وهو ما ساهم في نفور الكثير من الشباب من التدين السني في صورته المتشددة لتتلقفه شبكات التشيع الإيرانية بإغراءات المال وزواج المتعة. واستفاقت بعض المؤسسات الدينية السنية متأخرا على تغلغل الاختراق الخفي للتشيع، وأطلقت مؤسسة الأزهر في مصر أمس ما يشبه الصرخة لوقف هذا التغلغل. وأعلنت المؤسسة أنها "لاحظت أن هناك أموالا تضخ لتحويل شباب أهل السنة في مصر إلى المذهب الشيعي"، محذرة من أن "هذا الأمر سوف يؤدي بالضرورة إلى فتنة وإراقة دماء في بلاد أهل السنة". وكانت وزارة الأوقاف المصرية قررت في 22 من أكتوبر الماضي، غلق ضريح الإمام الحسين بن علي، لمدة 3 أيام "منعا للأباطيل الشيعية، التي تحدث يوم عاشوراء"، وفق ما جاء في بيان للوزارة وقتها. وسبق أن عارض الأزهر رحلات السياحة الدينية التي اقترحتها إيران في عهد حكم جماعة الإخوان لما قد يكون لها من مخاطر على السلم الاجتماعي في البلاد. وتتحرك السفارة الإيرانية، التي ما فتئت تطالب السلطات الجزائرية بتسهيل فتح مراكز ثقافية في المدن الكبرى، على أكثر من واجهة من خلال لقاءات مع فنانين ومثقفين، كما أنها ترعى في سرية نشاط المجموعات الشيعية، في إطار استراتيجية "تصدير الثورة" التي لم يتخل عنها الإيرانيون منذ ثورة الخميني في 1979. ودخلت السفارة العراقية في الجزائر طرفا في الاستقطاب المذهبي عبر استقدام الفنانين، وتأسيس جمعيات أهلية وثقافية تتبنى الفكر الشيعي. وتقيم السفارة الإيرانية في تونس علاقات واسعة مع شبكات المجتمع المدني من محامين وإعلاميين وجامعيين، فضلا عن مكونات الطبقة السياسية، ودأبت على إقامة لقاءات وحوارات، فضلا عن استقدام وفود تونسية لزيارة طهران ولقاء المسؤولين الإيرانيين. وتشترك في هذا التحرك مختلف السفارات الإيرانية خاصة في السودان والمغرب.