صدر منذ فترة عن دار النشر النرويجية المعروفة «كابيلين دام» كتاب لوزير الخارجية النروجي يانوس غاهر ستوره بعنوان «أن تقوم بشيء مختلف» مع عنوان إضافي تحت العنوان الرئيسي، يتألف الكتاب من 352 صفحة. قدّم الوزير كتابه في لقاء مع الصحافة والمهتمين. هذه هي المرة الأولى التي يؤلف فيها وزير خارجية نرويجي كتابا وينشره، يتحدث عن قضايا تهم النرويج ومصالحها وسياستها والمهمات التي تقوم بها وزارة الخارجية، وعن اللقاءات التي جمعت الوزير مع شخصيات عالمية، سياسية وغير سياسية. وعالج الوزير في كتابه قضايا مثل حقوق الإنسان والقمع والديكتاتورية، والفقر والحروب. كما تطرق إلى مسائل داخلية نرويجية مثل الاقتصاد والضرائب وأمور أخرى. بالنسبة للقارئ العربي، فإن القسم الذي خصصه الوزير ستوره للكتابة عن المستوطنين الصهاينة في فلسطينالمحتلة يعدّ أهم شيء. يقول الوزير إنه في سنة 2006 زار البلدة القديمة في مدينة الخليل الفلسطينية، وشاهد بأم عينيه كيف يحيا الفلسطينيون هناك. كيف يعامل المستوطنون 26 ألف فلسطين في المدينة. أضاف ستوره أن الفلسطينيين يتعرضون للتنكيل والتحقير، مثل رمي النفايات عليهم يوميا، إغلاق متاجرهم، والضرب والإهانة. وجاء في كتابه أيضا «هناك شعارات عدائية كتابها المستوطنون على واجهات المحال العربية باللغة الإنكليزية، مثل الغاز للعرب». في ردة فعل على ما جاء في الكتاب، أعربت مصادر إسرائيلية عن غضبها وانزعاجها الشديدين مما ضمّه الكتاب عن زيارة الوزير النروجي للبلدة القديمة في مدينة الخليل سنة 2006. انزعجت من ملاحظات الوزير التي دوّنها عن حياة السكان الفلسطينيين ال 26 ألف وطريقة تعامل المستوطنين معهم، والإرهاب الممارس ضدهم منذ سنوات من جةانب المستوطنين المتطرفين. وكذلك حرمانهم من الحياة العادية والطبيعية، والاعتداءات المتكررة عليهم. كتب ستوره في كتابه: «إن المحال التجارية الفلسطينية مغلقة، ومصدر دخل السكان الفلسطينيين مقطوع، وإنهم يتنقلون في البلدة وهمهم حماية أنفسهم من الاعتداءات والتنكيل والنفايات التي يرميها عليهم المستوطنون المتطرفون» قال إنه قرأ بنفسه شعارات بالإنكليزية كتبها المستوطنون علي محال فلسطينية مغلقة مثل: «الغاز للعرب»، في إشارة إلى أفران الغاز النارية التي يتحدث عنها اليهود منذ الحرب العالمية الثانية أكثر ما أثار الإعلام الإسرائيلي تشبيه الوزير ستوره في كتابه تعامل المستوطنين الإسرائيليين في الخليل مع السكان الفلسطينيين بالمعاملة التي كان يتلقاها اليهود ف أوروبا خلال سنوات الثلاثينيات من القرن الفائت. هذه النقطة بالذات هيث التي أثارت غضب الكيان الصهيوني. هلأن في التعبير تشبيها بين أعمال النازية ضد اليهود في أوروبا وأعمال المستوطنين ضد الفلسطينيين في فلسطين. ومع أن التشبيه صحيح، والمعاملة الصهيونية للفلسطينيين أبشع من معاملة النازية لليهود، وتظهر ذلك الصور والأفلاخم والواقع اليومية،ن إلا أن الصهاينة يرفضون الاعتراف بذلك. في معرض رده على سؤال عن تلك المقارنة، قال ستوره: «أنا سجلت ما شاهدته بأم عيني في الخليل، أما كيف يفسر القراء ما جاء في كتابي، فهذا شيء آخر». هذا وأعلن متحدث إسرائيلي أن سفارة كيانه في أوسلو ستدرس وتجمع المعلومات عن كتاب الوزير وتقييمه قبل أن تعقبل عليه. وأضاف أنه لا أحد يمكن أن يصدق أن وزير الخارجية «اعتبر المستوطنين مثل النازيين». ستوره نرويجي من العاصمة أوسلو ومن قادة حزب العمل الحاكم، ووزير الخارجية النرويجي الحالي، سبق له أن عمل رئيسا لمنظمة الصليب الأحمر النروجي وكانت آنذاك مواقفه أكثر صلابة ضد الإرهاب الإسرائيلي في فلسطينالمحتلة. وكان يعدّ من التيار المؤيد للفلسطينيين داخل قيادة الحزب. أذكر أنه قبل الإعلان عن اختياره وزيرا للخارجية، أبلغتني صديقة وهي عضو في قيادة الحزب وفي البرلمان النرويجي، أن «صديقكم سوف يصبح وزيرا للخارجية». لكن صديقنا بحسب تعبير صديقتنا لم يكن في الوزارة صاحب مواقف جريئة وثابتة مثلما كان في جمعية الصليب الأحمر. بل عمل كمن سبقه في هذه الوزارة هذا وسبق للسيد ستوره عندما كان لا يزال رئيسا للصليب الأحمر النرويجي، أن قام بزيارة إلى القدس ورام الله خلال الانتفاضة الثانية، حيث شاهد بأمر عينيه الإرهاب الإسرائيلي والحواجز والإغلاقات والحصارات والاعتقالات والسياسة الدموية المتبعة ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكذلك في قطاع غزة. ويعدّ الطاقم المقرب من ستوره في وزارة الخارجية من المقربين أو المناصرين للحقوق الفلسطينية المشروعة. ونعني بالذات وجود ريمون يوهانسن وغري لارسن إلى جانبه، الأول نائبه ومسؤول ملف الشرق الأوسط، والثانية مستشارته للسياسات الخارجية.، وسبق ليوهانسن عندما كان مديرا لوزارة الخارجية أيام الوزير ثور بيرون ياغلند (حاليا رئيس البرلمان النرويجي)، أن تعرض لحملة صهيونية على خلفية تصريح قال فيه إنه من حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم واستخدام الكفاح المسلح كما نصت عليه القوانين الدولية لتحرير أرضهم المحتلة. أماغري لارسن فقد أعادها الاحتلال مرتين أو أكثر من معبر رفح ومطار بن غوريون خلال الانتفاضة الثانية. وعندما كانت رئيسة لمنظمة الشبيبة التابعة لحزب العمل النرويجي، أعيدت بسبب مواقفها القوية المؤيدة للفلسطينيين والمعارضة للاحتلال الاسرائيلي وممارساته. وكانت غري لارسن تنوي تقديم شارون لمحكمة نرويجية بسبب ارتكابه جرائم حرب. على كل حال، ومهما كانت مواقف هؤلاء أضعف مما يجب في ما يتعلق بالسياسة الخارجية للحكومة النرويجية، المتعلقة بقضية فلسطين، إلا أنهم يبقون في الخط الذي لا يعادي الفلسطينيين ويتفهم قضيتهم ويكفي ستوره أن ملك من الجرأة ما جعله يتحدث في كتابه الهام عن المستوطنين وعنصريتهم ونازيتهم. * مدير موقع الصفصاف www. safsaf.org