سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير أمريكي يضع المغرب في المرتبة السابعة ضمن الدول التي ينشط «داعشيوها» في مواقع الاتصال الاجتماعي: من الجهاد الدعوي إلى الجهاد الإلكتروني.. هل تحول المغرب إلى مركز عالمي للترويج ل «داعش»؟
أضحت مدينة الدارالبيضاء مركزا عالميا لتجنيد وترويج طروحات الجماعات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، خلاصة مثيرة وتجافي كثيرا الحقائق على الأرض، ولكن على الأقل هذا ما كشف عنه تقرير أمريكي صدر حديثا صنف المغرب في الرتبة السابعة عالميا ضمن أنشط حسابات مرتبطة بمتطرفين «داعشيين» في مواقع التواصل الاجتماعي،خصوصا منها موقع «تويتر» الشهير، ما يطرح العديد من الأسئلة حول الأمن الإلكتروني بالمغرب وكيفية تحصين الشبكة العنكبوتية من دعاة التطرف والإرهاب والمحرضين عليهما. وحسب التقرير الذي أنجزه معهد «بروكينغز» فإن مجموع الحسابات على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي والمرتبط أصحابها بتنظيم «داعش» بلغ أزيد من 46 ألف حساب، يتوزعون على العديد من أرجاء المعمور،مؤكدا أن العدد الحقيقي الذي تم رصده خلال الثلاث أشهر الأخيرة أكبر من ذلك بكثير. وحسب خبراء أمريكيين، فإن أغلب الحسابات المذكورة تم إنشاؤها في العام المنصرم، حيث أكد تقرير «بروكينغز» أن عددها يتضاعف على نحو سريع، وذلك في الوقت الذي قامت فيه إدارة موقع تويتر بحجب أزيد من ألف حساب منها خلال الأشهر الأخيرة من 2014. وفي هذا السياق، أكد منتصر حمادة،الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية،أن الحضور اللافت للمغاربة في مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على المرجعية الجهادية (الرتبة السابعة عالمياُ حسب التقرير الأمريكي الأخير)، يبقى أمراً منتظراً وذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار الحضور اللافت للجهاديين المغاربة في العراق وسوريا،والذين يحتلون المرتبة الثالثة، حسب ما كشفت عنه العديد من الإحصاءات الرسمية والبحثية، عربية وغربية على حد سواء، وهم يتموقعون بذلك خلف الجهاديين التونسيين والسعوديين. وأضاف منتصر حمادة في تصريح للعلم أن هذا الأمر يكشف ويؤكد الخدمات الكبيرة التي تؤديها مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للمشروع الإسلامي الجهادي، ولو أن هناك علامات استفهام كبيرة حول طبيعة تعامل مدراء هذه المواقع مع المشروع «الجهادي»، أقصد علامات استفهام حول أسباب هذا الرواج الافتراضي وهذه الخدمات الدعائية المجانية التي تقدمها هذه الشبكات والمواقع للمشاريع الجهادية، في الوقت الذي تزعم فيه جميع دول العالم أنها منخرطة في الحرب على الإرهاب، في شقه الإسلامي الجهادي تحديداً. دون أن يمنعنا ذلك من الإشادة بالانخراط المتأخر، لموقع «تويتر» في إغلاق حسابات بعض أتباع تنظيم «داعش»، خلال الآونة الأخيرة. وحول الحضور المغربي اللافت في الترويج لطروحات «داعش» في وسائط التواصل الاجتماعي، أكد منتصر أن ذلك يندرج قطعاً في سياق التحايل على المقاربة الأمنية من جهة، كما أنه يكشف استغلال الفاعل الإسلامي الحركي، بشكل عام، سواء تعلق الأمر بالفاعل الدعوي أو السياسي أو «الجهادي»، لأحدث وسائل الاتصال في خدمة المشروع الإسلامي الذي يحلم بإقامته في مجتمعات مُسلمة أصلاً. ويذكر، أن التقديرات التي كشف عنها معهد «بروكينغز» تشمل أيضا الأفراد الذين يفتحون أكثر من حساب على تويتر، وذلك تحسبا لغلق حساباتهم، حيث يؤكد باحثون غربيون في هذا الإطار أن هذه الحسابات في أغلبها لا تقوم بالترويج لطروحات داعش وتجييش الأتباع والمقاتلين مباشرة، كما أنها لا تقوم بالتجنيد علنا، بل إن أغلب العمليات التي تقوم بها في حال استقطاب أعضاء جدد تتم في تطبيقات أخرى ك»وات ساب» و»سكايب» وغيرها من التطبيقات التي توفر خدماتها وجها لوجه،أما ما يفعلونه على تويتر فالهدف منه هو استقطاب الأفراد والترويج لأفكارهم. وفي هذا الصدد، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، الباحث في قضايا الإرهاب، أنه من البديهي أن تشكل مواقع التواصل الاجتماعي ملاذا استراتيجيا تعتمده الجماعات الإرهابية للتغلغل داخل المجتمعات، ووسيلة بيداغوجية لتأطير الملايين على إيديولوجيتها المتطرفة، وذلك بهدف توسيع قاعدة المنتمين والمتعاطفين بل وتكوين أدوات لتنفيذ عنفها ضد الإنسانية. ونوه الباحث في تصريح للعلم أن فعالية هذه المواقع تأكدت من خلال اعترافات المجندين للقيام بعمليات انتحارية، حيث أكدوا أنهم استقطبوا إلى إيديولوجيا التطرف من خلال دروس تأطيرية تلقوها بانتظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن تمت عملية تجنيدهم للقيام بأعمال عنف مخطط لها، مردفا أن واقع الحال يفيد بأن بقاء فضاء لإنترنت خارج عن المراقبة يطرح الكثير من الإشكالات الأمنية، وهو ما يزيد من حدة وفعالية الجماعات المتطرفة، حتى باتت اليوم أرقا عالميا تستحيل عملية استئصاله، لا سيما أن وسائط التواصل الاجتماعي تحولت إلى إدمان يوميا للشبان ولأصحاب المستوى التعليمي الضعيف ممن تسهل عملية اقتيادهم نحو ايديولوجيا التطرف. وأضاف، إن الحسابات السرية التي تروج لأفكار الجماعات المتطرفة تعتبر جزءا من هذا التعاطف الذي يتوجه نحو الاتساع ويتطور في أفق خلق قاعدة خلفية لهذه الجماعات على المستوى الداخلي في أفق عقد تنسيقات وبداية تشكل خلايا ارهابية تنتقل من مستوى الاقتناع إلى مستوى تنفيذ المخططات الإرهابية بحسب تطور مستوى التنسيق السري بينهما، ليخلص الفاتحي في تصريحه إلى التواجد الكثيف لهذه التنظيمات في مواقع التواصل الاجتماعي هو ما يشرح عمليا إعلان الجهات الأمنية بالمغرب في أكثر من مناسبة عن تفكيك خلايا ارهابية تنشأ بين الفينة والأخرى بالعديد من مناطق المملكة المغربية. ومن جهته، شدد عبد السلام أندلسي، مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث في وسائل الإعلام والاتصال، على أن العملية التواصلية بشكل عام تأخذ ثلاث مستويات أساسية. الأول حيث المرسل يرسل رسالته إلى المتلقي الذي يستقبلها، والثاني حيث المرسل ينتظر من المستقبل ردا، والثالث حيث المرسل يبلور رسالة بقوة إقناعية وينتظر فعلا من المتلقي، وعن هذا المستوى الذي يعرف عند الأخصائيين بالتواصل الفعال، تتشكل ملامح وجهين من العملية التواصلية، الأول يترتب عنه فعل الشراء، وهو الإشهار، أما الثاني وهو الدعاية فيترتب عنه فعل أيديولوجي سرعان ما يترسخ في ذهن المتلقي إما في صورة خوف أو معتقد. وأضاف أندلسي في تصريح للعلم أن ما تقوم به داعش على مستوى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، يندرج في إطار الوجه الثاني للصنف الثالث من العملية التواصلية، وهذا يعني أن هذا التنظيم يستخدم خبراء وكوادر على قدر كبير من الخبرة والتجربة في مجال الإعلام و الاتصال، من العالمين العربي والإسلامي كما العالم الغربي، ومن غير المستبعد أن يكون من ضمن هؤلاء متعاونون من كل الجنسيات بما في ذلك من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، ما دام التنظيم يتوفر على إمكانيات مالية خيالية. كما أكد مدير المركز المغربي للدراسات والأبحاث في وسائل الإعلام والاتصال أن ما يعرفه العالم من أزمات مالية واقتصادية يجعل من بعض شركات ومؤسسات ووكالات الاتصال تعيش أزمة خانقة شأنها شأن بقية القطاعات الأخرى، مما يجعل من بعض العاملين بها عرضة للإغراءات المالية التي يقدمها تنظيم داعش، وبالتالي المساهمة في إنتاج مجموعة من الأعمال التي أفضل شخصيا وصفها بأعمال سينمائية، كي يوظفها التنظيم لأنها تندرج في إطار خانة التواصل الفعال، وتحديدا الدعاية، سيما وأن التجارب أثبتت أن بعض العاملين بهذه المؤسسات سرعان ما ينبطحون لقوة المال لنشر مقالات صحفية في كبرى الصحف الدولية لفائدة هذه الجهة أو تلك .