جرى مساء يوم الجمعة الماضي، بمقر مقاطعة المعاريف ، حفل تسليم السلط والتوقيع على المحاضر ، بين الرئيس المنتخب الجديد السيد عمر الفرخاني ، الذي جرى انتخابه يوم الأربعاء الماضي ، والأستاذ أحمد القادري رئيس المقاطعة ، الذي تم عزله بقرار مفاجئ من وزير الداخلية قبل حوالي خمسة أشهر من الانتخابات الجماعية المقبلة ، وذلك بحضور الباشا ورئيس الدائرة ، ومسئول قسم الجماعات المحلية، وممثلي المصالح الإقليمية ، ورؤساء المصالح والأقسام بالمقاطعة فضلا عن بعض المستشارين بالمقاطعة . وفي كلمته بالمناسبة ، قال الأستاذ أحمد القادري ، أنه يسلم السلط وهو مرتاح الضمير ، صادق الطوية نظيف اليد ، بعد أن وظف كل ما في جهده لخدمة ساكنة المقاطعة ، شاكرا المستشارين أعضاء المجلس والمكتب ورؤساء اللجان على عملهم ومساعدتهم ، وعلى تصويتهم بالإجماع على جميع الحسابات الإدارية للمقاطعة والتي تعتبر- حسب ما جاء في كلمته - بمثابة تقييم أسلوب وممارسة الرئيس . كما توجه بالشكر إلى جميع رؤساء المصالح والأقسام والموظفين والعمال والتقنيين ، و إلى رجال السلطة المحلية ومسئولي المصالح بعمالة أنفا ، منوها بعمل الباشا رئيس الدائرة على تعاونه ، ومتمنيا للرئيس الجديد النجاح في مسؤوليته ، مختتما كلمته بالآية القرآنية : " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا". وفور انتهاء ذ . أحمد القادري من كلمته ، وقف جميع من في القاعة من رؤساء المصالح والأقسام والموظفين والمستشارين نساء ورجالا في التصفيق الطويل ، ممتزجا بالبكاء المفاجئ ، الذي انهارت معه دموع التقدير والاحترام ،إجلالا للرجل الذي خبروا فيه منذ تحمله مسؤولية الرئاسة في سنة 2003 وإلى بداية سنة 2015 ، الأدب الرفيع مع التواضع والاستقامة والمعاملة الطيبة والصادقة وخدمة الجميع ، وقد صعدوا بعد ذلك إلى المنصة للسلام عليه ، وأخذ صورة تذكارية معه من خلال بعض هواتفهم النقالة مباشرة بعد الانتهاء من التوقيع على محاضر تسليم السلط . وقبل التوقيع على محاضر تسليم السلط ، تناول الكلمة المستشار مصطفى حيكر ، نيابة عن المستشارين الاستقلاليين بالمجلس ، للتعبير عن موقف زملائه بخصوص قرار عزل رئيس المقاطعة ، الذي اعتبره قرارا غير نزيه وذو خلفية سياسية استهدف النيل من أحد الرموز السياسية الوطنية بعدما عبر عن مواقف لصالح الساكنة ، جاء لتهيئ خريطة سياسية معينة وهو ما يعتبر أسلوبا تحكميا ينتمي إلى أساليب الحقبة السابقة . ومن جهتها شجبت المستشارة ثريا مبروك عن حزب الاتحاد الاشتراكي ، قرار عزل كل من رئيس مقاطعة المعاريف ذ . أحمد القادري ونائبي الرئيس السيدين المدني العلوي وعبد الرحيم بوسيفان ، معتبرة إياه قرارا سياسيا ، مؤكدة على أن السيد أحمد القادري سيبقى رئيسا شرعيا لمقاطعة المعاريف ، وأن حزبها سيصدر بيانا في الموضوع . ويذكر، أن قرارا لوزير الداخلية موقع بتاريخ 30-12-2014 ، وصادر بالجريدة الرسمية ليوم فاتح يناير 2015 ، تضمن في مادته الأولى ، عزل رئيس مقاطعة المعاريف من عضوية ومهام رئاسة مجلس مقاطعة المعاريف ، و في مادته الثانية ، أسند وزير الداخلية لنفسه مسؤولية تنفيذه ، ومستندا في ذلك على المادتين 21 و33 من الميثاق الجماعي . كما صدر في نفس الجريدة قرارين بالعزل من العضوية ومن المسؤولية لكل من المدني العلوي نائب الرئيس الأول المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي ، وعبد الرحيم بوسيفان نائب الرئيس الثاني المنتمي إلى حزب الحركة الشعبية . وبخصوص تعليل حيثيات القرارات المذكورة ، فهي جاءت متشابهة عموما، في حق الأعضاء المستهدفين ، إلا في بعض النقط. وبالنسبة لحيثيات قرار عزل الأستاذ أحمد القادري رئيس مقاطعة المعاريف ، فهي جاءت كالتالي ، منح التفويض في المهام لبعض النواب دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في مجال التفويض ؛ تسليم رخص البناء ورخص السكن لا تدخل في مجال رئيس المقاطعة ؛ تسليم رخص الربط بشبكة الكهرباء لبنايات غير قانونية ؛ عدم اتخاذ الإجراءات القانونية المتعلقة بضبط وزجر المخالفات المرتكبة في مجال التعمير ؛ منح رخص استغلال فوق سوق غير مهيكل مملوكة أرضه للخواص ؛ تسليم رخص استغلال الملك الجماعي لأغراض تجارية لا تدخل في مجال اختصاص رئيس المقاطعة . وحسب ما تم الوقوف عليه ، فإن مجمل تلك المؤاخذات تهم في جزء كبير منها وبنسبة 90 في المائة الولاية الانتخابية السابقة 2003 لسنوات – 2008 ، وهو ما يطرح السؤال العريض حول ذلك . كم أن العديد من النقاط التي جاءت في مرسوم وزير الداخلية ، تظل غير مقنعة ، لأن توقيع رخص التعمير ، توقع عليها الوكالة الحضرية وهو ما يضفي عليها الصبغة القانونية ، أما منح الرخص التجارية في الأسواق التابعة للمقاطعة فهي تظل قانونية ، استنادا على الميثاق الجماعي واستنادا على رسالة رئيس الجماعة الحضرية التي يمنح فيها حق إمضاء تلك الرخص لرؤساء المقاطعات ؛ وبخصوص منح رخص استغلال فوق سوق مملوكة أرضه للخواص ، فهذا السوق أقيم قبل مايقرب من 30 سنة من طرف ولاية الدارالبيضاء في عهد أحد الولاة السابقين ، ودأب جميع الرؤساء السابقين للمقاطعة في مختلف الولايات السابقة على التوقيع على رخص الاستغلال ، أما فيما يتعلق بمنح التفويض لنواب الرئيس ، فذلك معمول به في مختلف المقاطعات والجماعات ، ولم يسبق لسلطات الوصاية الممثلة في مصالح العمالة ، أن طالبت من رئيس المقاطعة شيء ولم يقم بإنجازه.. فرئيس المقاطعة ، وبشهادة الجميع كان يقوم بتدبير ناجح لشؤون المقاطعة لفائدة مصلحة الساكنة ، باشراك مباشر وغير مباشر لجميع ممثلي السكان من أغلبية ومعارضة ، وخير دليل على ذلك هو مصادقتهم وبدون استثناء على جميع الحسابات الإدارية للمقاطعة على امتداد الولايتين الانتخابيتين ، كما أن مقاطعة المعاريف تحولت في عهده إلى إشعاع لصالح قضايا المغرب الوطنية . إن استهداف رجل وطني ساهم في مناقشات إخراج الميثاق الجماعي المعدل الصادر في شهر أكتوبر من سنة 2002 ، كما هو مثبت في محاضر المناقشات ، ودفاعه المستميت عن تقليص سلطات التحكم والوصاية وضبط الشفافية المالية ، بقرار عزل جائر ذو خلفية سياسية واضحة ولاغبار عليها ، بدون تمكينه من حق الدفاع عن نفسه و الاستماع إلى حججه هو شيء يلحق الضرر البالغ بروح الممارسة الديمقراطية الجماعية الرشيدة وبروح دستور 2011 . وتشاء الصدف أن يتم عزل الأستاذ أحمد القادري استنادا على المادتين 21 و33 من الميثاق الجماعي ، وهما المادتين التي كان يطالب هو بنفسه بتغييرهما وإسناد أمر العزل إلى القضاء بضمان المحاكمة العادلة وحق الدفاع انسجاما مع روح دستور 2011 .