كانت سلا المحطة الأخيرة في سلسلة المؤتمرات الإقليمية التي انتظم فيها الاستقلاليون والاستقلاليات طيلة أكثر من شهر مضى في كافة أرجاء الوطن، وأعلن المؤتمر الاقليمي بسلا عن نهاية مرحلة مهمة وحاسمة في افق انعقاد المؤتمر الخامس عشر لحزب الاستقلال الذي انطلق العد العكسي لجلسته الافتتاحية التي يرتقب ان تعقد بعد ظهيرة يوم تاسع يناير المقبل. نجح إذن الاستقلاليون في جميع الأقاليم والجهات في كسب رهان المحطة الأولى المصيرية التي تمثلت في انعقاد 69 مؤتمرا إقليميا حضره ممثلون عن أكثر من 1200 فرع للحزب وآلاف من أطر الحزب في هيآته ومنظماته الموازية وروابطه المهنية، وإذا كان عدد الحاضرين في كل مؤتمر تراوح مابين 250 و600 مؤتمر (حسب جغرافية كل إقليم وعدد سكانه) فلنا أن نتوقف عند العدد الاجمالي للاستقلاليين والاستقلاليات الذين تداولوا في مضامين مشاريع وثائق المؤتمر التي اشتغلت عليها قبل ذلك وطيلة شهور اللجنة التحضيرية الوطنية، وأجروا نقاشات مثمرة جدا حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العامة في البلاد، وانتقلوا بعد كل ذلك إلى إجراء تمارين ديمقراطية حقيقية من خلال انتخاب المؤتمرين وبعد ذلك انتخاب أعضاء المجلس الوطني الجديد للحزب، وانتهت جميع المؤتمرات الاقليمية في أجواء الاطمئنان لهذا الحزب القوي الذي تمكنه بنيته التنظيمية وآليات اشتغاله من اجتياز كافة المراحل مهما كانت صعوبتها. ومن الطبيعي أن يحتل التداول في الشأن المحلي حيزا مهما وموقعا متقدما في جميع هذه المؤتمرات حيث حرصت اللجان التحضيرية على إعداد وثائق تتعلق بالوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل إقليم على حدة بما يمكن القول الآن إن الحزب نجح في تحيين مراجعه المرتبطة بالأوضاع في المناطق والجهات. ولقد كانت هذه المؤتمرات محطة مهمة جدا أتاحت التداول والنقاش والاختلاف في وجهات النظر وحتى الاحتدام في بعض الأحيان بين الآراء حول قضية معينة بما أشر على اللياقة الفكرية العالية للاستقلاليين في المدن والقرى، وأكد أيضا وبما لايدع أدنى مجال للشك بأن مؤتمر حزب في مستوى حزب الاستقلال يستغرق أكثر من ثلاثة أشهر وليس ثلاثة أيام التي تمثل في الحقيقة فرصة لتتويج الجهود الفكرية والتنظيمية التي بذلت خلال المرحلة السابقة الطويلة. الآن وبعد انعقاد جميع المؤتمرات الاقليمية في آجالها القانونية المنصوص عليها في القانون الأساسي لحزب الاستقلال (شهر قبل المؤتمر العام) يدرك كل استقلالي واستقلالية أهمية الدور المنوط به في إعطاء مضمون فكري ثري للمؤتمر القادم ويدرك أيضا حجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل واحد في تقديم نموذج مؤتمر يمثل بحق مرجعا نابضا بالثراء الفكري والتمرين الديمقراطي للمشهد السياسي الوطني برمته.