يمثل المؤتمر الوطني الخامس عشر لحزب الاستقلال الذي ينعقد بداية من يوم الجمعة القادم محطة بارزة ليس في مسيرة حزب جماهيري وازن فحسب ، بل في مسار الوضع السياسي العام في البلاد، ولعل هذا ما يفسر الاهتمام البالغ الذي يوليه الرأي العام لهذا الحدث البارز. وتتفرع أهمية المؤتمر إلى ما هو تنظيمي صرف، بحيث ينكب الاستقلاليون والاستقلاليات على تحيين البناء التنظيمي للحزب، على صعيد القوانين والأجهزة بما يضمن تفعيل أداء الحزب خلال المرحلة القادمة لضمان أعلى معدلات ومستويات الاستجابة مع المتطلبات ومواجهة التحديات، وعلى هذا المستوى كرس الاستقلاليون والاستقلاليات طيلة أكثر من ستة شهور في الفروع كما على المستوى الوطني جهودا كبيرة لتحقيق هذه الغايات. كما خص الاستقلاليون والاستقلاليات الجانب الفكري بجهود لم تقل أهمية عما سبق، ويمكن القول الآن إن اختيار شعار مركزي لأشغال المؤتمر «جميعا من أجل مغرب الاصلاحات» يعكس عمق التعاطي مع شروط المرحلة. فالشعار ينطلق من قناعات تفاؤلية تؤكد أن بلادنا بصدد إنجاز مشاريع كبرى حولت المغرب إلى ورش كبير على كافة الأصعدة، من تشييد بنيات تحتية عملاقة سيكون لها الأثر البالغ على الأداء الاقتصادي للبلاد. كما أنها بصدد مراكمة الإضافات النوعية الهامة فيما يتعلق بتحيين التشريعات التي تمثل الإطار المناسب لتجسيد المغرب الجديد الذي ينشده كافة المغاربة، وبذلك فإن شعار المؤتمر يعترف بالقيمة الكبيرة لهذه المنجزات التي عرف إنجازها وتيرة سريعة في عهد جلالة الملك محمد السادس الذي يمثل حرصه السامي على ضمان مزيد من التسريع صمام أمان للبلاد. والقناعة التفاؤلية لهذا الشعار تمتد لتشمل الرغبة في الزيادة في كمية وحجم هذه الاصلاحات بما يبقي مستقبل المغرب والمغاربة مفتوحا وبقدرة عالية على استيعاب أعلى قدر من هذه الاصلاحات والضامن في ذلك أنه وبحكم تواتر عناصر كثيرة جدا تهم المستويات السياسية والاقتصادية لم يعد ممكنا أن ينجذب إلى الخلف، بل بالعكس في كل ذلك إن كل تلك العناصر والمعطيات تحفز للمضي قدما نحو مغرب جديد. وبذلك كله فإن شعار المؤتمر الخامس عشر لحزب الاستقلال هو شعار كل المغاربة، وهذا ما يؤكد بكل يقينية تجاوب الحزب مع آمال وتطلعات كافة شرائح الشعب المغربي، بل انخراط الحزب برصيده النضالي وإمكاناته التنظيمية والنضالية في تحقيق وترجمة آمال المغاربة، وهو الأداء الذي ميز الحزب طيلة عمره المديد، وهذا ما أهله ليظل باستمرر المحرار الذي يقيس نبض قلب المجتمع. والمهم في كل ذلك أن جميع وثائق المؤتمر التي غطت كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كانت مؤطرة بهذا الشعار المركزي الهام، رصدت الواقع وقامت بتحليله وطرحت البدائل الممكنة بنظرة نقدية واقعية وموضوعية، وكل ذلك مثل خارطة طريق واضحة المعالم للمرحلة القادمة التي يتوقع أن تجتاز فيها البلاد ظروفا ليست سهلة وتتصدى خلالها لاستحقاقات ليست دائما في المتناول، والشعار في هذا الجانب يحفز جميع الاستقلاليات والاستقلاليين على أن يخوضوا ما تفرضه المرحلة القادمة بروح تفاؤلية جدا ترجح دوما كفة الانتصار وكسب الرهان، ومن المؤكد فإن حزب الاستقلال لن يكون وحيدا في مواجهة متطلبات المرحلة، لأنه سيكون مصطفا ومعبأ وراء جلالة الملك محمد السادس الذي تمثل سياسته الرشيدة عنوانا بارزا للمغرب الذي ينشده جميع المغاربة، ومنخرطا بقوة وبحماس في الجهود التي تبذلها كافة الأطراف، ومسلحا بإيمان قوي يؤكد أن وحدة الصف وتعبئة الجهود والامكانيات تضمن مواجهة كافة الاستحقاقات، وحينما يتحقق كل ذلك فإن الشعب المغربي ينتصر.