بدأت الرضيعة السورية مسار (17 شهرا)، إحدى الناجيات القلائل من عملية القتل الجماعي التي تعرض لها نحو 500 من المهاجرين في عرض بحر إيجة على يد المهربين مطلع شتنبر الجاري، تتعافى وتستجيب للدواء وفق ما أعلن الأطباء في المستشفى الجامعي لجزيرة كريت اليونانية. وكانت مسار واحدة من بين عشرة أشخاص فقط تمكنوا من النجاة من أصل 500 ألقوا في البحر بتاريخ 10 شتنبر الجاري في واحدة من بين أسوء مآسي الهجرة في حوض المتوسط. ومن بين هؤلاء فلسطينيان نقلا إلى إيطاليا واثنان إلى مالطا فيما نقل الستة الآخرون ومن بينهم مسار إلى جزيرة كريت. ونقلت صحيفة "إيكاثيميني" عن مدير المستشفى الجامعي للأطفال بكريت نيكوس هاريتاكيس قوله "عندما دخلت المستشفى كان جسمها قد فقد تقريبا كل السوائل، وتعاني من حروق مختلفة ومشاكل في أجهزتها الحيوية، غير أنها أصبحت تستجيب للعلاج، وبدأت تأكل وتشرب بشكل طبيعي وتستجيب لمحيطها". وظلت الرضيعة لثلاثة أيام وليالي في عرض البحر. وقال الأطباء إن إنقاذها يعتبر معجزة على اعتبار ما عانته من جوع وعطش وضربات شمس حارقة. وأضاف نيكوس أن طفلا في وضعها يمكن أن يتعرض لتلف في الدماغ غير قابل للعلاج جراء ما كابدته في البحر. وكان المهاجرون الذين لقوا حتفهم زهاء ال 500 من جنسيات مختلفة، غالبيتهم سوريون ومصريون وفلسطينيون من غزة. وتمكنت مسار من النجاة بفضل شابة اسمها دعاء (19 سنة) . فعندما كان الجميع يصارع الموت بعد أن ألقي بهم في البحر نادت أم مسار على تلك الفتاة التي كانت تتوفر على سترة نجاة ، وتوسلت إليها أن تمسك بالرضيعة وتنقذها من الغرق، فاستجابت وبقيت متمسكة وإياها بسترة النجاة إلى حين إنقاذهم من قبل باخرة تجارية كانت تمر بالمنطقة بعد ثلاثة أيام. وقالت دعاء للأطباء إن توسلات أبوي الرضيعة وهما يصارعان الموت كانت حافزا قويا لأتمسك بها وأسعى بكل الجهد لإنقاذها. وقد أثارت قصة الرضيعة الرأي العام اليوناني، وعرض البعض تبنيها فيما عرض آخرون تقديم المال والملابس، كما أن سوريا مقيما بالسويد زعم أنه من أقاربها يعتزم إجراء اختبار للحمض النووي لإثبات أحقيته في رعاية الرضيعة. وتعد اليونان إلى جانب إيطاليا بوابة الدخول الرئيسية للمهاجرين في شرق المتوسط الباحثين عن الخلاص في الاتحاد الأوربي، بعد تأزم الأوضاع السياسية والإنسانية في منطقة الشرق الأوسط بالخصوص. وتقول السلطات اليونانية إن 40 ألف مهاجر سوري دخلوا خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى اليونان ويوجدون في مراكز الإيواء و95 في المائة منهم لا يطلبون اللجوء في اليونان بل يريدون التوجه إلى أوربا. وقال وزير الشؤون البحرية اليوناني ميلتياديس فارفيسيوتيس مؤخرا في مؤتمر صحافي بأثينا، إن نحو مليوني شخص من منطقة الشرق الأوسط يوجدون في مراكز لجوء ومخيمات بكل من تركيا والعراق وبلدان أخرى بالمنطقة غالبيتهم يتحينون الفرص للعبور نحو أوربا، وبدون أمل للعودة بعد فقدان الأمل في الرجوع إلى منازلهم بسبب الحرب المستمرة في سوريا والأزمة التي أحدثها تنظيم (الدولة الإسلامية). وقال الوزير اليوناني "لا يمكننا بناء سور في البحر". وانتقلت تدفقات الهجرة نحو اليونان شرقا عبر البحر من 3345 مهاجر سنة 2012 إلى 10 آلاف و508 مهاجرا سنة 2013 ، في حين تم إلى نهاية غشت 2014 تسجيل 17 ألف و639 مهاجرا. وحسب الإحصائيات الرسمية اليونانية، فإن 51 في المائة من المهاجرين سوريون و32 في المائة أفغان و5 في المائة صوماليون و1 في المائة مصريون.