منعت السلطات اليونانية سفن «أسطول الحرية 2» بالقوة من الإبحار نحو قطاع غزة بعد أن أذعنت لضغوط الكيان الصهيوني، وفق تصريح لوزير خارجية كيان العدو أفيغدور ليبرمان كشف فيه أن حكومته وراء تعطيل اليونان لرحلة «أسطول الحرية». فيما رفض المتضامنون الدوليون عرضا من أثينا يقضي بعودتهم وشحن المساعدات إلى القطاع المحاصر عبر مينائي «أسدود» الصهيوني أو «العريش» المصري، كما انتقدوا الأسلوب الفض الذي تعاملت به السلطات اليونانية معهم. في وقت لوحت فيه هيئة «علماء فلسطين في الخارج» بتدشين حملة دولية لمقاطعة اليونان تجاريا عقابا لها على موقفها المتشدد من «أسطول الحرية». وأكد مشاركون في أسطول الحرية «2» رفضهم التام للعرض اليوناني له، الذي يقضي بعودة المتضامنين وشحن المساعدات الإنسانية إلى غزة عن طريق ميناء أسدود أو العريش وبتعاون وتنسيق كامل مع الأممالمتحدة وبالطرق الرسمية. وقال عدد من المشاركين في الأسطول، إن غضبًا شديدًا ساد المتضامنين حين علموا أن العرض اليوناني جاء نتاج مباحثات ومشاورات تمت بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووزير الخارجية اليوناني. وكان رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو قد ناقش مع عباس في اتصال هاتفي، نقل المساعدات الإنسانية بحرا إلى غزة بالتعاون مع الأممالمتحدة. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن بيان صادر من مكتب باباندريو، أن عباس اعتبر الاقتراح «إيجابيا»، معبرًا عن تأييده له للخروج من الأزمة. وأكد المتضامنون أن موقف عباس جاء «طعنة في الظهر»، مستذكرين موقفه القديم حين وصف سفن كسر الحصار بأنها «لعبة سخيفة، وأن أصحابها يأخذون التصاريح من إسرائيل قبل دخولهم إلى غزة». كما واعتبروا العرض اليوناني «تحايلا يهدف إلى إبقاء الحصار على غزة بطرق مختلفة، وتناغمًا مع الموقف الإسرائيلي الذي لا يعارض مثل هذا الاقتراح». منع بالإكراه في السياق ذاته، نقلت «رويترز» عن متضامن على متن سفينة كندية حاولت الإبحار من سواحل اليونان إلى غزة قوله إن حرس السواحل اليونانيين اعترضوا السفينة التي كانت تبحر نحو غزة حاملة أدوية ومتضامنين مؤيدين للفلسطينيين، وذلك بعد عشر دقائق فقط من إبحارها من جزيرة كريت، ورفع طاقم زورق “لويز ميشال” الفرنسي، الذي ينتمي إلى أسطول المساعدات، رمزياً شراعه صباح، أول أمس، في ميناء بيريوس قرب أثينا، احتجاجاً على رفض السلطات اليونانية السماح للأسطول بالإبحار. وقالت هويدا عراف المتحدثة باسم المنظمة الكندية المؤيدة للفلسطينيين في مؤتمر صحافي في أثينا، إن “قوات خاصة مسلحة أرسلها خفر السواحل قامت باعتراض المركب الكندي، وصعدت إلى متنه بعد عشر دقائق من إبحاره من ميناء آيوس نيكولاوس في شرق جزيرة كريت”، مما اضطر الزورق إلى العودة. وكان المركب “تحرير” يقل أربعين شخصاً بينهم كنديون وفرنسيون وإيطاليون. وقد أبحر المركب من دون قبطانه الأساسي. وأضافت الناشطة أن “راكباً هو السيناتور البلجيكي السابق جوزيف دوب والذي كان في حوزته ترخيص انتهت مدته، تولى مهمة القبطان، وقال إنه يتحمل مسؤولية هذه الخطوة”. وتابعت عراف أنه حين صعدت القوات الخاصة على متن المركب “قال ثلاثون راكباً إنهم القبطان”. من جانبه، قال أحد ركاب المركب ديفيد هيب في اتصال مع “فرانس برس”: “أتحدث إلى شخص مزود ببندقية رشاشة. إنها الفوضى هنا. هناك خمسة عشر مسلحاً يتصدون للناس، نحن لن نلجأ إلى العنف”. احتجاز وإهانة وكانت السلطات اليونانية أوقفت القبطان جون كلازمر بعد محاولة سفينته “اوداسيتي اوف هوب” مغادرة المياه اليونانية الجمعة الماضية، رغم حظر السلطات اليونانية انطلاق السفن. واتهم القبطان الذي يقود السفينة الرئيسية، بارتكاب جناية في انتظار مثوله أمام المحكمة. وقالت منظمة “الزوارق الأمريكية إلى غزة” إن كلازمر يحتجز “في ظروف مروعة”. وصرح المحامي ريتشارد ليفي من نيويورك وهو أحد النشطاء وقد زار كلازمر في السجن في الميناء قرب أثينا بأن موكله “يحتجز في زنزانة من دون فراش أو مرحاض ومن دون طعام أو شراب”. وقال أحد النشطاء ويدعى روبرت نايمان من منظمة “السياسة الخارجية العادلة” التي تتخذ من واشنطن مقراً لها “عرضنا دفع كفالة، غير أننا لم نتلق ما يشير إلى أنه سيسمح له بترك السجن قبل الثلاثاء”. ولم تدل السفارة الأمريكية في أثينا بتعليق حتى الآن. وتقول سفينة «اوداسيتي اوف هوب» إنها تحمل ثلاثة آلاف رسالة دعم إلى الفلسطينيين وقد أبحرت من دون إذن تاركة خلفها تسع سفن أخرى كانت تأمل بالإبحار معاً إلى غزة. واعترضت قوات خفر السواحل اليونانية السفينة بمشاركة قوات خاصة مسلحة وملثمة. وبعد نزاع استمر ساعتين، قفلت السفينة عائدة إلى المرفأ. وسمحت السلطات لمن كانوا على متن السفينة بخلاف الربان بمغادرتها. وعاد الركاب، الأحد الماضي، إلى أثينا “للقيام بما أمكنهم لمساعدة القبطان” بما في ذلك “الاتصال بأعضاء في الكونغرس الأمريكي”. وصرح محامي قبطان سفينة أمريكية جرى اعتراضها بعد محاولتها الإبحار إلى غزة من اليونان، بأن موكله يحتجز “في ظروف مروعة” وأنه لم يتلق مساعدة قنصلية. تبرير مرفوض ومنذ الجمعة، منعت اليونان أي مركب يوناني أو أجنبي من الإبحار في اتجاه قطاع غزة المحاصر، عازية هذا القرار إلى ضرورة “حماية الركاب” في أسطول المساعدات الإنسانية التي تضم عشرة مراكب، ولا يزال يأمل بالتوجه إلى غزة لكسر الحصار الصهيوني المفروض عليها. وتوعد كيان العدو مراراً باستخدام القوة للتصدي لمراكب الأسطول. من جهة أخرى، تلقى الناشطون المتضامنون مع الفلسطينيين على متن الزورق الفرنسي لويز ميشال الدعم من رفقائهم على متن زورق “أوداسيتي أوف هوب” الأمريكي الذي اعترضه الجمعة خفر السواحل اليونانيون خلال محاولة إبحار. وهتف الناشطون “هيا بنا”، “واحد اثنان، ثلاثة أربعة، انتهى الاحتلال” ولوحوا بأيديهم متظاهرين بتوديع الصحافيين والأنصار الواقفين على المرفأ. وصعد رجال من شرطة الميناء إلى الزورق للمراقبة لكن من دون أن يتدخلوا. وأعلن مسؤولو الزورق الفرنسي الذين نقلوا كميات صغيرة من المساعدات، أنهم جددوا طلب الإبحار، لكن اليونانيين جددوا الرفض. وأوضح قبطان الزورق آلان كونان أنه لا يريد أن يصدر بحقه حكم بالسجن إذا انتهك هذا المنع الساري رسمياً حتى إشعار آخر. ومن بين ركاب الزورق أعلن النائب الشيوعي الفرنسي جان بول لكوك، أن منظمي الأسطول سيلجأون إلى القضاء الأوروبي للطعن في القرار اليوناني. من جانبه، ندد المسؤول الفلسطيني مصطفى البرغوثي من المبادرة الوطنية الفلسطينية، وقد التحف العلم الفلسطيني، “بالتواطؤ الأوروبي والأمريكي” في الحصار البحري الذي تفرضه “إسرائيل” على قطاع غزة. اعتراف صهيوني إلى ذلك، كشف وزير خارجية الكيان الصهيوني أفيغدور ليبرمان، أول أمس، أن كيانه يقف خلف قرار اليونان بحظر إبحار “أسطول الحرية2” إلى قطاع غزة المحاصر. وقال ليبرمان لإذاعة جيش الاحتلال “إن الأمور لا تحدث من تلقاء ذاتها”، لافتاً إلى “أن اللجنة الرباعية وقبرص واليونان تعارض الأسطول وأن هذه الدول تتفهم احتياجات “إسرائيل” وتتصرف بطريقة ناجعة”. وقال إن “نجاح تلك الجهود على الصعيد الدبلوماسي لم يأت تلقائياً، إنه ثمرة اتصالات كثيفة مع دول المنطقة والمجتمع الدولي”. وكان وزير الحرب “الإسرائيلي” إيهود باراك زعم أن ما أثر في القرار اليوناني هو كون غزة مفتوحة أمام البضاعة المدنية، وأضاف أن احتمالات انطلاق الاسطول تلاشت. تهديد تجاري وردا على التضييق الذي أبدته الحكومة اليونانية بمنعها ل»أسطول الحرية» من الإبحار في اتجاه غزة المحاصرة، لوّحت هيئة علماء فلسطين في الخارج بالدعوة لحملة واسعة لمقاطعة اليونان تجاريًّا، إذا ما أصرّت الأخيرة على موقفها القاضي بعدم السماح ل»أسطول الحرية 2» بالإبحار من موانئها متجهًا لكسر الحصار عن قطاع غزة. وقالت الهيئة، في بيان صحفي لها، أول أمس، «ندين موقف اليونان وندعوها للتراجع عنه، وإلا فسنعتبرها شريكًا للاحتلال في محاربة الشعب الفلسطيني، كما سندعو لمقاطعة البضائع والمنتجات اليونانية في جميع أرجاء العالم الإسلامي»، كما قالت. وتوجّهت الهيئة إلى المنظمات الإنسانية والحقوقية في كافّة الدول العربية والأوروبية، بالدعوة لممارسة الضغوط على الحكومة اليونانية في مسعى لحملها على التراجع عن قرارها «العدواني وغير الإنساني». وأضاف البيان، أن قرار اليونان منع وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر تسيير قافلة السفن الدولية، يأتي استجابة لضغوط الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية، وهو ما يدلّل على «سلوك غير إنساني ومخالف للأعراف والقوانين الدولية»، وفق البيان.