غادر الأسطول الدولي الذي يحمل على متنه مئات الناشطين لنقل مساعدات إلى قطاع غزة صباح الأحد 30 ماي 2010، المياه القبرصية متوجها إلى قطاع غزة. في وقت توالت فيه التهديدات الصهيونية على المستويَيْن الرسمي والإعلامي من أجل منع أسطول الحرية الذي يحمل متضامنين وبرلمانيين عربًا وأجانب من دخول قطاع غزة لكسر الحصار الصهيوني المفروض منذ ثلاثة أعوام، فيما توالت ردود الأفعال في الوقت ذاته تجاه تلك التهديدات من قِبَل العديد من الشخصيات المنظمة للأسطول، والذين قلَّلوا من أهمية هذه التهديدات، ورأوا أنها سياسة اعتيادية من جهة الاحتلال الصهيوني. وقالت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة إن ائتلاف أسطول الحرية المتجه إلى قطاع غزة، قرر التحرّك بشكل جماعي باتجاه القطاع المحاصر. وأكد رامي عبده، عضو الحملة، إحدى الجهات المؤسسة لائتلاف أسطول الحرية، إن القارب ,8000 نسبة إلى عدد الأسرى في السجون الصهيونية، قد وصل إلى نقطة الالتقاء مع أسطول الحرية، وبذلك اكتمل وصول سفن الأسطول الستة إلى نقطة الالتقاء في المياه الدولية قبالة شواطئ قبرص، تمهيداً للانطلاق إلى قطاع غزة بشكل جماعي. وأشار عبده من غرفة المتابعة لأسطول الحرية إلى أنه تم تجاوز كل العقبات التي وقفت في طريق أسطول الحرية، لا سيما المتعلقة بتعطّل قاربين، حيث تم نقل ركابهما إلى سفينتين تابعتين للأسطول، كما تم التغلب على قرار السلطات القبرصية منع القارب 8000 من الوصول إلى الشواطئ القبرصية لاصطحاب النواب والشخصيات الأوروبية. وكان النواب الأوروبيون والشخصيات البارزة نجحوا في الانضمام إلى أسطول الحرية المبحر إلى قطاع غزة، بعد أن منعت السلطات القبرصية القارب 8000 من الوصول إلى الميناء لنقل النواب، حيث استقلوا قارباً خاصاً لذلك. وقال الدكتور عرفات ماضي، رئيس الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، إحدى الجهات المؤسسة لائتلاف أسطول الحرية: لقد تمكّنا من إخراج النواب الأوروبيون، الذين كان يوجدون في قبرص بانتظار السفينة ,8000 التابعة للحملة، لتقلهم من أجل الانضمام إلى أسطول الحرية المبحر إلى قطاع غزة، من الخروج، بعد أن استقلوا مركباً خاصاً ليقوم بإيصالهم إلى نقطة الانطلاق في المياه الإقليمية الدولية قبالة الشواطئ القبرصية بعد قرار منع نقلهم عبر سفن الأسطول. تصميم على الوصول إلى غزة من جهته، وردا على التهديدات الصهيونية، قال بولنت يلدريم، رئيس هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية، إحدى المؤسسات المنظمة لأسطول الحرية، إنهم مصممون على الوصول إلى ميناء لغزة رغم التهديدات الصهيونية، مؤكدا رفضهم لأي بديل آخر. وجاءت تصريحات يلدريم في مؤتمر صحفي عقده على متن سفينة مرمرة الزرقاء المشاركة في أسطول الحرية ليطلع الصحفيين على الوضع الأخير. وأوضح يلدريم أن الانطلاق من نقطة الالتقاء في وقت مناسب لتصل السفن إلى مياه غزة الإقليمية في ساعات النهار. وجدد أن هدف الأسطول، الذي كسب دعم أصحاب الضمائر الحية إنساني، هو إيصال المساعدات المحملة التي وصفها بالأمانة إلى القطاع مباشرة عن طريق البحر دون أن يتعرض أحد لسوء أو خطر. ودعا يلدريم الكيان الصهيوني إلى تحكيم العقل وعدم اعتراض السفن المتجهة إلى غزة والسماح له بالوصول إلى هدفها، معرباً عن أمله في عدم ارتكاب الكيان الصهيوني خطأ كالجوء إلى استخدام القوة للسيطرة على السفن. ولفت رئيس هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية إلى أن تصعيد الكيان الصهيوني للأزمة لن يكون لصالحه وأن العالم يتابع أسطول الحرية. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصهيونية ايغال بلمور قد قال: سنحاول منعهم من الاقتراب من سواحل قطاع غزة سلميا، لكن إذا حاولوا المرور بالقوة سنوقفهم. وينوي الكيان الصهيوني الإجرامي، إذا رفضت السفن العودة من حيث أتت، ضبطها واقتيادها إلى مرفأ أسدود جنوب تل أبيب قبل توقيف الناشطين وترحيلهم الى بلدانهم. وادعى المتحدث الصهيوني أن المنظمين أنفسهم يقرون بأنها ليست عملية إنسانية بل عمل استفزازي يهدف إلى مواجهة مع الجيش الإسرائيلي لأغراض دعائية. وزعم الصهيوني أن العملية برمتها رتبتها منظمة إسلامية تركية متورطة منذ زمن في نشاطات إرهابية وعلى علاقة وثيقة بحماس التي تسيطر على قطاع غزة. إلا أن حركة غزة الحرة التي بادرت إلى هذه العملية رفضت اتهامات الكيان الإجرامي واعتبرت أن من المشين أن يتهم كيان العدو الحركة بانتهاك القانون الدولي، في حين أن السفن غير مسلحة وتنقل مساعدات إنسانية لأشخاص هم في أمس الحاجة إليها. لن تسلم المساعدات لإسرائيل من جانبه، أكد بولنت يلدريم، أن المتضامنين لن يسلموا المساعدات المحمولة بالسفن إلى الكيان الصهيوني، مشددا أن هدفهم الوحيد الوصول إلى ميناء غزة وتسليم المساعدات إلى سكان القطاع مباشرة. وجاءت تصريحات يلدريم، ردا على تصريحات جدد فيها القنصل العام للكيان الصهيوني في إسطنبول في اتصاله بالقنوات التلفزيونية أن الكيان الصهيوني لن يسمح بوصول السفن إلى ميناء غزة، داعيا المنظمين للحملة إلى قبول اقتراح الكيان الصهيوني وتسليم المساعدات للصهاينة في ميناء أسدود، ليرجع المتضامنون بعد ذلك إلى بلدانهم من مطار بن غوريون بالطائرات، وزعم القنصل الصهيوني أن الكيان الصهيوني سيقوم بنقل المساعدات إلى القطاع. وفي رده على سؤال للصحفيين حول الاقتراح الصهيوني، أكد يلدريم أنه لا بديل لوصول القافلة إلى ميناء غزة، وتسليم المساعدات إلى سكانها مباشرة، لافتا إلى أن من أهم أهداف أسطول الحرية هو كسر الحصار المفروض على القطاع. وقال يلدريم إن تسليم المساعدات إلى الكيان الصهيوني يعني قبول شرعية الاحتلال والحصار، وهذا أمر لا يمكن الموافقة عليه، مذكرا أن الكيان الصهيوني هو الذي يفرض الحصار على القطاع منذ أربع سنوات ويقوم بتجويع سكانه. بدورها، صرحت اليزا ايرنشاير العضو في حركة غزة الحرة التي نظمت العملية الرامية إلى تقديم المساعدة الدولية لقطاع غزة إننا عاقدون العزم على الوصول أكثر من أي وقت مضى رغم التهديدات الإسرائيلية. فعاليات بأوروبا تضامنية ومن جهة ثانية، أكدت مصادر موثوقة لوكالة فلسطين اليوم الإخبارية أن هناك استعدادات شعبية ضخمة داخل تركيا للزحف نحو السفارة الصهيونية، في رسالة واضحة بأن الأتراك لن يسمحوا لقراصنة جيش الاحتلال الإجرامي بالاعتداء على سفن كسر الحصار. وأشارت المصادر إلى أن فعاليات في بلدان مختلفة ستبدأ لدعم المتضامنين على متن سفن كسر الحصار المتجهة إلى غزة. جدير بالذكر أن مصدرا تركيا قد ذكر بأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يتابع عن كثب رحلة سفن كسر الحصار. ودعت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، صباح أمس، أحرار العالم إلى مسيرات بحرية تضامنًا مع أسطول الحرية. وكانت الحملة الأوروبية، ومقرها بروكسيل، قد أطلقت سلسلة فعاليات دولية تضامنية مع أسطول الحرية، للمطالبة بعدم اعتراض الأسطول والسماح له بالوصول إلى هدفه دون أي إعاقة من قبل السلطات الصهيونية. وذكرت وكالة قدس برس أن أولى هذه الفعاليات انطلقت في اليونان، حيث خرجت تظاهرة أمام السفارة الصهيونية في أثينا احتجاجاً على تهديدات الاحتلال باعتراض الأسطول والاستيلاء على سفنه واعتقال المتضامنين على متنه، لا سيما وأن من بينهم نواباً أوروبيين وسياسيين وشخصيات بارزة. من جانبه؛ أوضح محمد حنون، رئيس جمعية إغاثة الشعب الفلسطيني وعضو الحملة الأوروبية، أن هذه التحركات تأتي في إطار الاستعدادات التي أقرها ائتلاف أسطول الحرية من أجل مواجهة أي عملية قرصنة قد تنفذها سلطات الاحتلال الصهيوني، لا سيما عقب التهديدات التي أطلقتها مؤخراً على لسان كبار المسؤولين فيها. وأشار في تصريح صحفي إلى أن هذه الفعاليات ستتصاعد في عموم القارة الأوروبية في حال نفّذ الاحتلال الصهيوني تهديده وقام بالاستيلاء على سفن الأسطول، التي تحمل الأعلام الأوروبية والتركية، إضافة إلى مئات المتضامنين الأجانب القادمين من أكثر من أربعين دولة حول العالم. وشدد حنون على أن القائمين على أسطول الحرية والمشاركين فيه لديهم عدد من الخطط لمواجهة جميع السيناريوهات المتوقع حدوثها، مؤكداً أنهم مصرون على الوصول إلى قطاع غزة مهما كلّف ذلك من ثمن، لا سيما وأن من بين التحركات الاعتصام في البحر لمدة طويلة قد تصل إلى ستة أشهر حتى السماح للأسطول بالدخول إلى غزة. مراسلو الإعلام يحذرون من جهتهم، أصدر إعلاميون على متن إحدى سفن أسطول الحرية المبحر صوب قطاع غزة المحاصر، بياناً عاجلاً، حذّروا فيه الاحتلال الصهيوني من مغبة المساس بالأسطول، واعتبروا ذلك خرقاً خطيراً لحرية الصحافة. وجاء في البيان نحن الصحفيون والمراسلون التلفزيونيون على متن السفينة 8000 ضمن أسطول الحرية، نعتبر أنّ أيّ اعتداء إسرائيلي ضدنا انتهاكاً جسيماً لحرية الصحافة المثبّت في كثير من المواثيق الدولية. ومضى البيان إلى القول إننا نؤكد أننا هنا من أجل القيام بالتزامنا المهني من أجل متابعة البعثة الإنسانية لأسطول الحرية. وحمل البيان توقيع طاقم قناة الجزيرة، راديو ميديا سكاي اليونان، ويب تي في اليونان، تي في إكس إس اليونان، صحيفة إثنوس اليونان، التلفزيون التشيكي الجمهورية التشيكية، تشيك إتس آر الجمهورية التشيكية، إنفو بال إيطاليا، التلفزيون البلغاري بلغاريا. وذلك علاوة على إعلاميين أتراك وروس ومن جنسيات أخرى على متن السفن الأخرى من أسطول الحرية. وأبحرت السفينة 8000 من أثينا قبل أيام، ومرّت في طريقها على جزيرة رودس اليونانية، استعداداً للالتقاء مع باقي سفن أسطول الحرية قبالة السواحل القبرصية. وكانت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة قد قالت إن بعض سفن أسطول الحرية تتعرض بين الحين والآخر لمحاولات صهيونية لتشويش عملية الاتصالات بينها؛ وذلك في إطار محاولة منع الأسطول من الوصول إلى هدفه. وأفاد أمين أبو راشد عضو إحدى الجهات المؤسسة لائتلاف أسطول الحرية، في تصريحٍ له، أول أمس، بأن السلطات الصهيونية، كما يبدو، تحاول التشويش على وسائل الاتصال اللا سلكي بين السفن؛ وذلك في الوقت الذي تقترب فيه السفن من نقطة الالتقاء، في محاولةٍ منها للتأثير في ممرات سير السفن المحددة سابقًا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الفنيين على متن السفن يحاولون تجاوز تلك الإشكاليات. لماذا تخشى إسرائيل الأسطول؟ وفي الوقت الذي تتجه فيه قافلة الحرية لدعم قطاع غزة وسكانه المحاصرين بمواد الإعاشة ومواد البناء اللازمة لاستكمال حياتهم، قرر كيان العدو أن يعترض هذه المراكب الصغيرة ويقبض على نشطائها ويعيدهم من حيث جاؤوا، بحسب تهديدات قادته المجرمين. وندد يوسف منير المدير التنفيذي لصندوق القدس ومركز فلسطين في صحيفة الفورين بوليسي الأمريكية بالسياسة الصهيونية تجاه القافلة، حيث سعت وزارة خارجية كيان العدو بكل جهدها في الأيام القليلة الماضية لأن تروج لفكرة أن النشطاء السلميين يحاولون مساندة الإرهاب، وزعمت أن الأوضاع كلها على ما يرام ومستتبة في قطاع غزة! وقد روجت الوزارة أن الكيان الإجرامي المسؤول بشكل كامل عن حصار غزة هو الضحية، وأنه على الرغم من التهديدات القادمة من حركة حماس في غزة يحاول مساعدة المدنيين قدر الإمكان! وتعجب يوسف منير من قدرة النظام الصهيوني القمعي على اختلاق أكاذيب وادعاءات لا يمكن أن تكون منطقية، بل وتبدو مثيرة للسخرية أيضا. والحقيقة هي أن الوضع في غزة مأساوي، فهناك أكثر من 80% من السكان من اللاجئين، ومثلهم يعتمدون على المساعدات الدولية بشكل يومي للبقاء على قيد الحياة، كما أن 10% من الأطفال مصابون بسوء تغذية شديد، وهناك نقص حاد في الأدوية الحيوية. ويبدو أن خطة كيان العدو هي أن يضغط على القطاع وسكانه، بحيث تكون حياتهم أشبه بالكارثة لكنهم لا يموتون جوعا في نفس الوقت، ربما لهذا سمحت بتجارة الأنفاق التي يعتمد عليها القطاع بشكل كامل الآن. وأوضح منير أن موافقةالكيان الصهيوني على دخول قوافل الإغاثة إلى غزة من قبل كانت سببها أن مواد الإعاشة كانت من أموال الفلسطينيين، وحتى وقتها كانت القوافل تحتجز بالشهور قبل السماح لها بدخول غزة. أما الآن، فدخول قافلة مكونة من 10 آلاف طن من المساعدات، لا تعني فقط تدميرا لخطط إسرائيل في تشديد الحصار على غزة، وإنما تسيء لسمعتها القبيحة دوليا أيضا وتجعل من كل أكاذيبها وهما أمام العالم أجمع. وأعربت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا أخيرا عن معارضتها للحصار الذي يفرضه الكيان الصهيوني على غزة منذ يونيو .2007 ويمنع الحصار دخول مواد البناء مما حال دون إعادة إعمار القطاع بعد الحرب المدمرة التي شنها كيان العدو على غزة في 27 دجنبر 2008 واستمرت 22 يوما. وتمكن نشطاء مناصرون للفلسطينيين من الوصول الى غزة خمس مرات، فيما فشلوا في الوصول الى القطاع ثلاث مرات منذ أول رحلة قاموا بها في غشت .2008 وانطلقت جميع تلك الرحلات من قبرص. وحتى الآن كانت المساعدات رمزية، إلا أن المنظمين قالوا إن مجموعة السفن الحالية محملة بنحو عشرة آلاف طن من المساعدات من بينها منازل جاهزة وأقلام رصاص. يشار إلى أن أسطول الحرية يتكون من ست سفن هي: سفينة شحن بتمويل كويتي ترفع علم تركيا والكويت، وسفينة شحن بتمويل جزائري، وسفينة شحن بتمويل أوروبي من السويد واليونان، وسفينة شحن إيرلندية تابعة لحركة غزة الحرة، وسفينتان لنقل الركاب، تسمى إحداها القارب 8000 نسبة لعدد الأسرى في سجون الاحتلال، بجانب سفينة الركاب التركية الأكبر. واكتفى الأسطول بحمل 750 مشارك من أكثر من 40 دولة رغم أنه تلقى عشرات الطلبات للمشاركة، في حين سيكون ضمن المشاركين في الأسطول 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية، من بينهم عشرة نواب جزائريين. كما تحمل سفن الأسطول أكثر من 10 آلاف طن مساعدات طبية ومواد بناء وأخشاب، و100 منزل جاهز لمساعدة عشرات آلاف السكان الذين فقدوا منازلهم في الحرب الصهيونية على غزة مطلع عام ,2009 كما يحمل معه 500 عربة كهربائية لاستخدام المعاقين حركياً، لا سيما وأن الحرب الأخيرة خلفت نحو 600 معاق بغزة.