أكدت دراسة أنجزتها مديرية الدراسات والتوقعات المالية (DEPF) بعنوان «رهانات الاندماج المغاربي: كلفة اللامغرب» في أكتوبر 2008 أن اندماج المغرب العربي أصبح ضرورة حتمية نظرا للمنافسة الشديدة التي باتت تفرضها مختلف التكتلات الاقليمية الأخرى، من جهة، ونظرا للتحديات الناجمة عن المواعيد النهائية التي تواجهها اقتصاديات شمال افريقيا وفي مقدمتها تفكيك التعريفات الجمركية وتوسيع الإتحاد الأروبي الى الشرق، وتحرير قطاع المنسوجات على الصعيد العالمي وارتفاع التعرض لصدمات الطلب الخارجي...). وأشارت الدراسة الى أنه نظرا لأهمية مشروع التكامل المغاربي وضرورة التقارب الاقتصادي بين بلدان المنطقة، أصبح من المفيد تحديد معالم التكامل، بين دول المغرب العربي على مستوى التجارة البينية. وجلب الاستثمار الأجنبي المباشر. وبعد أن ذكرت الدراسة بالاطار التنظيمي للتعاون الاقتصادي والتجاري المغاربي المتمثلة في انشاء اتحاد المغرب العربي سنة 1989، أفادت ان التبادل التجاري بين الدول المغاربية قد عرف تطورا ملحوظا حيث وصل الى 13.8% ما بين سنتي 2006 1999 بالمقارنة مع معدل 1.8% ما بين سنتي 1998 1990. لكن لمقارنة مع غيرها من التجمعات الإقليمية فالملاحظ أنها لم تتطور بشكل كاف ولا تزال هامشية. وفي تحليلها لأسباب انخفاض التجارة البينية بين الدول المغاربية، توقفت الدراسة عند عاملين رئيسيين هما: تشابه الرقم القياسي للصادرات من بلدان اتحاد المغرب العربي الى الاتحاد الاوروبي، وبطء التكامل الهيكلي، وأوصت الدراسة بأن التغلب على هذه العوامل يتطلب تعاونا سياسيا قويا بصورة جماعية، والاستفادة من تجارب التجمعات الإقليمية الأخرى من أجل كسب رهان العولمة. وأشارت الدراسة الى أن الاستثمار الأجنبي المباشر (IDE) عرف تطورا ملحوظا، حيث حقق نموا قويا خلال العقد الماضي، من 1.9 مليار دولار في عام 2000 الى 9.7 مليار دولار في سنة 2006، وتأتي تونس في الرتبة الأولى (3.3 مليار دولار)، تم المغرب (2.9 مليار دولار) فالجزائر (1.7 مليار دولار) وبالتالي فقد تحسنت حصة بلدان المغرب العربي من الاستثمار الأجنبي المباشر حيث انتقلت من 0.7% الى 2.9% ما بين عامي 2000 و 2006. لكن الملاحظ هو أن نصيب المغرب منه لم يشهد تغيرا كبيرا فقد انتقل من 0.3% الى 1.6% فقط خلال نفس الفترة. وحددت الدراسة العقبات التي تعترض تحقيق التكامل المغاربي في: عدم وجود تقارب في السياسات الاقتصادية، وضعف البنية التحتية للنقل، وعدم اكتمال الاطار المؤسسي، وغياب المعلومات حول النظام التفضيلي.. وركزت الدراسة على «كلفة اللامغرب»، حيث بينت بالأرقام كم تخسر بلدان المغرب العربي في ظل التجزئة التي يعرفها، فرغم التقارب الجغرافي بين هذه البلدان، فإن المنتوجات الطاقية الجزائرية، مثلا، التي تستوردها الدول المغاربية لاتتعدى 0.5% من مجموع 5% التي تستوردها، ما بين سنتي 2000 و 2006، وفي نفس الفترة سجلت الدراسة أن مشتريات المنتوجات الفلاحية للسوق الجزائرية لاتتعدى 0.6% من الصادرات المغربية، فيما تبلغ هذه النسبة ، مثلا بين فرنسا واسبانيا 40%. واستنتجت الدراسة أن غياب الاندماج الاقتصادي المغاربي يفقد دوله نسبة نمو سنوية تبلغ 2%، بالاضافة الى أن هذا الاندماج من شأنه حل مشكلة البطالة في الدول المغاربية. واعتبرت الدراسة أن الاندماج المغاربي يقف حاليا أمام تحديات جهوية جديدة، في إشارة الى مبادرة «الاتحاد من أجل المتوسط» التي يمكن أن تشكل حافزا جديدا من أجل تقوية هذا الاندماج.