نظم حزب الاستقلال ومؤسسة علال الفاسي، اليوم الجمعة بالرباط، ندوة فكرية في موضوع "وحدة المغرب العربي.. البواعث والآفاق"، وذلك إحياء للذكرى المائوية لميلاد المرحوم الزعيم علال الفاسي والذكرى ال52 لمؤتمر طنجة لاتحاد المغرب العربي (1958). وفي كلمة بالمناسبة، قال الأمين العام للحزب السيد عباس الفاسي إن اتحاد المغرب العربي أصبح الآن أكثر من ذي قبل، مقوما حيويا لضمان حضور الأقطار المغاربية بشكل فاعل في مختلف مجالات التعامل الدولي السياسي والاقتصادي، وخاصة في محيطها العربي والإفريقي والأورو- متوسطي، معربا عن الأسف لحالة الركود التي يعرفها الاتحاد. ودعا السيد الفاسي "دول المغرب العربي، وخاصة قيادة الجزائر الشقيقة، إلى استحضار ما طبع مسار بلداننا النضالي، المفعم بالروح الوطنية العالية (..)، ووضع الأسس لتحقيق وحدة المغرب العربي، لمواجهة تحديات صيانة الاستقلال وتحقيق التنمية متعددة الأبعاد وإسعاد شعوب أقطارنا وضمان الحرية والكرامة لمواطنينا، لتشكل أقطارنا المغاربية تكتلا وازنا في محيطها الإقليمي والقاري والدولي". كما دعا الجزائر إلى التعاطي الإيجابي مع المبادرة المغربية الهادفة إلى إنهاء التوتر المفتعل بالمنطقة، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، بإقامة حكم ذاتي في ظل السيادة المغربية. ومن ناحية أخرى، اعتبر السيد عباس الفاسي أن تخليد ذكرى مرور مائة سنة على ميلاد الزعيم علال الفاسي يعد مناسبة يتناول فيها الباحثون بالدرس والتحليل جوانب مما كان يرمز إليه هذا العلم المتميز من قيم وأفكار، وما خلفه من إنتاج علمي غزير، وما أنجزه من عطاء نضالي نموذجي، وما راكمه من إبداع في فن السياسة الحكيمة (..) وتأثيره العميق في تاريخ المغرب المعاصر، ثم مواصلة النضال المتميز على مختلف الواجهات، والذي تجاوز في شكله ومضمونه ومراميه، أرجاء الوطن، من أجل بناء المغرب المستقل، وتعزيز مكانته في محيطه الإقليمي والعربي والدولي. وأضاف أن اتحاد المغرب العربي يعتبر خيارا استراتيجيا أدرك الزعيم علال الفاسي أهميته في وقت مبكر، حيث شكل إحدى القضايا الأساسية التي ملأت حيزا كبيرا من انشغالاته، واستفرغ فيها قسطا وافرا من جهوده، مبرزا أن حزب الاستقلال لن يدخر جهدا ممكنا إلا بذله بإرادة صادقة حتى يتبلور اتحاد المغرب العربي حقيقة ماثلة وفاعلة، "وفاء منا لروح الزعيم، وتشبثا بخطه النضالي الذي جعل في مقدمة قضاياه، الحلم المغاربي". وخلص السيد عباس الفاسي إلى التأكيد على أنه من واجب كل الفاعلين على كل المستويات الرسمية والشعبية العمل على توفير الظروف المناسبة وخلق المناخ اللازم لرفع كل الحواجز السياسية والنفسية التي تعترض سبيل تحقيق هذا الأمل، وذلك بالنظر إلى المستقبل نظرة استشراف شمولية واستخلاص الدرس من الماضي وأخذ العبرة من النماذج الناجحة في العالم، وخاصة الاتحاد الأوروبي، لبناء مغرب عربي متجانس من حيث التوجهات والأهداف السياسية وتوسيع البنية الاقتصادية على نحو متكامل. من جهته، قال السيد نزار بركة عضو اللجنة التنفيذية للحزب إن معركة الزعيم علال الفاسي من أجل بناء مغرب كبير حر وموحد لم تنته بحصول البلدان المغاربية على استقلالها السياسي، إذا اعتبر أن استقلال هذه الأقطار لن يصبح تاما وحقيقيا ما لم تتظافر جهودها من أجل الحد من الهيمنة الأجنبية على اقتصادياتها واستثمار مواردها الطبيعية والبشرية والتكتل في إطار ما سماه مجموعة اقتصادية أوسع قادرة على النهوض بمجتمعاتها وتحقيق آمال مواطنيها في التنمية والتقدم. وأكد أن الحاجة الملحة للتعاون والاندماج تبررها الكلفة المرتفعة التي تتحملها جميع الدول والشعوب المغاربية بسبب غياب التضامن والتكامل بين اقتصادياتها، مبرزا أن مختلف الدراسات والتقارير سواء أكانت قطرية أو إقليمية أو دولية تفيد بأن الدول المغاربية تؤدي فاتورة تعثر إحداث مجموعة اقتصادية موحدة كما تبين ذلك العديد من المؤشرات الاقتصادية. وبدوره، توقف السيد محمد المصلوحي أستاذ بكلية الحقوق أكدال الرباط والكاتب العام للجمعية المغربية لأساتذة العلوم السياسية عند العراقيل التي تحول دون تفعيل اتحاد المغرب العربي، وضرورة تحقيق التكامل بشكل يمكن من التغلب على التحديات التي يفرضها التعامل مع التكتلات الدولية الكبرى. وشدد على أن اتحاد المغرب العربي يشكل خيارا استراتيجيا حيويا لكسب الرهانات الكبرى التي تفرضها تطورات الأحداث على الساحة الإقليمية والدولية. حضر هذه الندوة الأمين العام لاتحاد المغربي العربي والمندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وعدد من الدبلوماسيين وأعضاء من مجلس الرئاسة واللجنة المركزية واللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بالإضافة إلى ممثلي عدد من الأحزاب السياسية. يشار إلى أن هذه الندوة الفكرية تدشن لسلسلة الندوات والأنشطة الثقافية التي تمت برمجتها لتخليد ذكرى مرور مائة سنة على ميلاد الزعيم علال الفاسي، وذلك بشكل متواز ومتكامل مع البرنامج الذي رسمته مؤسسة علال الفاسي لإحياء هذه الذكرى.