كثيرة هي المواقف التي تثار عن صعوبة اللغة العامية أو اللَّهجة المغربِيَّة أو الدارجة كَمَا يُسَمِّيهَا عُموم المغَارِبة، رغم أنها تصنف ضمن اللَّهجات العَربِيَّة، و ضِمنَ اللِّسان العَربي المَغارِبي وهي لسان المغاربة، الجَزائِريِّين، والتُّونسِيِّين، يستعمِلُونها أغلبهم كلُغة التواصل كمَا أنَّها اللَّهجَة الأم لِ 50 في المائة مِن المَغارِبة، ومحكية في بعض المناطق كَلِسان ثانوي وذلك في الأقاليم الناطقة باللغة الأمازيغية. وتحتوي اللهجة المغربية على العديد من الكلمات والمفردات الأمازيغية والعربية ذات معاني تبذو للوهلة الأولى بعيدة كل البعد عن معناها العربي الأصلي لكن بتتبع معانِيها الفرعِيَّة وبقليل من الفِطنة تَتَكَشَّف ألغازها، ونتأكد من الطرح القائل بتقاربها واللغة العربية، وبمسح طفيف على مفردات الدارجة الأكثر تداولا في المعاش اليومي، ندرك ذلك التطابق بينها وبين اللغة العربية، لتبقى هذه الأخيرة المنبع. تنَتَشِرُ اللهجة المغربِيَّة في البُلدان الأورُبِّية كَفرنسا، إسبانيا، بلجيكا، إيطاليا وهولندا، كَمَا أنَّ لِلَّهجَتين المغربِيَّة والجزائِرِيَّة تأثِير واضِح على لهجة الشارِع الفرنسية المسماة بلارغو (Argot).. وقفنا عند أمثلة حية تعزز الطرح فوجدنا: بْزَّاف / بْالزّاف: تعني الكثرة، كثيرا وهو تحريف لكلمة "الجزاف / بجزاف" من اللغة العربية الفصحى، أمثلة: كَنْحْتَرْمَك بْزّاف/ أحترمك كثيرا، هادْ الشِّي بْزَّاف / هذا شيء كثير . تستعمل "بْزَّاف" أيضا للدلالة على طول المدة: بْزَّاف ما شفتو / لم أره منذ مدة طويلة. وتستعمل بزاف للحط من قدرة وقيمة شخص ما: أَنا بْزاف عليك أنا كبير(ة) عليك / أنا فوق طاقتك واستطاعتك. 2- دْيال: كلمة "دْيال" هي عبارة في الأصل فصيحة حرفت عن عبارات /هذا لي/خاص بي / متاعي / مِلكي. - أمثلة: اللهجة مْتاعنا / نْتاعنا / تاعنا ماشِي صْعِيبة بْزَّاف/ لهجتنا ليست صعبة كثيرا 3- عبار "بْحَالْ" مكونة من "ب+حال" أي (بِحَال) و"الحال" في القاموس معناه: صفة الشيء وهيئته وكيفيته، بْحَالْ: تعني مِثل / شبيه بِ، تحريف لِ: فِي حَالِه، في هيئته - أمثلة: رْطْبْ بْحَالْ الحْرِيرْ /رَطْبٌ نَاعَم مثل الحَرير - يُستعملُ أيضا مرادفا آخر لِ"بْحَال" هو "كِيف" صيغة "كِيف" المختصرة هي "كِ" يُقَال: دَارْ بْحَال القْصَرْ أي "منزل على هيئة القصر" أي "منزل مثل / شبيه بالقصر". 4- الكَابُوس: - هذه الكلمة تعني (مُسَدَّس أو سِلاح) في اللهجة المغربيَّة، بينما معناها المتعارف عليه في اللغة العربِيَّة هو الحُلم المزعج، وبالرجوع إلى القاموس نجِد أن كلمة "كَابُوس" أو بشكل أدقّ "كَبُوس" اشتُقَّت من فعل (كَبَس) الذي يَعْنِي شَدَّ وضَغَطَ وفيها إشارة إلى الضَّغط على الزِّناد. 5- اجْدُودِي: حرفت عن اجْدادي تم عن أجدادِي. 6- - ديُور: حُوِّرَت عن الدّْيَار /المنازل. 7- - البْسَالَة: يُقصَد بها المُشَاكَسة وأحيانا قِلَّة الأدب، والكلمة إما مُستَمَدَّة من معنى البَسَالة الذي يدلّ على كراهة الطّعم والقبح والشِّدَّة أو المعنى الآخر الذي يَدُلُّ على الجرأة والإقدام. 8- مخْلُوع: على خِلاف (مَخلوع) المتعارف عليها عربِيّاً وهو مَنزُوع أو مُزال، كلمة "مخْلُوع" في اللهجة المغربيَّة تعني (مفزوع أو مُرتَعِد من الخوف.، وبتتبُّع معنى هذه الكلمة في المعاجم العربِيَّة وفي التُّراث اللغوي العربي القديم نجد أنّ لديها من المعاني ما يُفِيد الخوف، حيث يُقَال: "رجل مخلوع الفؤاد" إذا كان فَزِعاً، وفي حديث للرسول صلى الله عليه وسَلَّم يقول: {شر ما في الرجل شُحّ هالِع، أو جُبنٌ خَالِع}، أي جبن شديد كأنه يخلع فؤاده من شِدَّة خوفه. 10- العَافِيَّة: - تعني النَّار أو جهَنَّم، أصل معنى الكلمة هي الصحة والسلامة و سبب تسمية النار بالعافية هو تشاؤم العرب المغاربة من النار التي لطالما أكلت الأخضر واليابس في الحقول و كلأ المواشي فاستعملوا بدل "النار" كلمة "العافية" تشاؤماً من النار و تفاؤلاً بالعافية. 11- دِير: "دِير اشغالك" بالفصحى "أَدِر أشغالك" و دِير هنا من الإدارة. 12- نوض: "نوض وتْمْشَّى شوية" بالفصحى "انهض وتمشى قليلا". 13- سقْصي: وهي كلمة عربية من رحم الاستقصاء و التقصّي مثل تقصّي الحقائق. 14- حِيد: "حيد من حدايا" بالفصحى "ابتعد من قربي". 15- آش: "آش كاتدير" بالفصحى "ماذا تفعل". 16-الفرييخ: "طار ليه الفرييخ" بالفصحى "فقد عقله".... ولا يتوقف النهل من اللغة العربية عند هذا الحد، ولو أننا عدنا إلا منطق وأصل كل كلمة سنجد لها أصلا في اللغة العربية، وما دامت هذه الأخيرة غير محصورة، فلن يتوقف الأمر عند نماذج محدودة، لعلها إذن وقفة عند الكلمات وتساؤل عن هوية المفردات، وخوص في معاجم تكاد تكون رماد.