المغرب يستورد زيت الزيتون من البرازيل    السقوط من الطابق الثالث ينهي حياة أم بطنجة    أمن البيضاء يحقق مع جزائريين وماليين على خلفية دهس بين 7 أشخاص بسيارات رباعية    ميناء طنجة المتوسط يقوي قدراته اللوجستية باستثمار 4 مليارات درهم    الدرهم يتراجع بنسبة 1,18 في المائة مقابل الدولار الأمريكي بين شهري شتنبر وأكتوبر (بنك المغرب)    وقفات تضامنية مع غزة ولبنان بعدد من مدن المملكة        عدد وفيات مغاربة فالنسيا بسبب الفيضانات بلغ 5 ضحايا و10 مفقودين    الدريوش يتلقى استدعاء لتمثيل هولندا    بواسطة برلمانية.. وهبي يلتقي جمعية هيئات المحامين بالمغرب غدا السبت    فعاليات الملتقى الجهوي الثالث للتحسيس بمرض الهيموفيليا المنعقد بتطوان    مدافع الوداد جمال حركاس: تمثيل "أسود الأطلس" حلم تحقق        أكديطال تتجه لتشييد مصحة حديثة بالحسيمة لتقريب الرعاية الصحية    الوسيط يعلن نجاح الوساطة في حل أزمة طلبة الطب والصيدلة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    سانت لوسيا تشيد بالمبادرات الملكية بشأن الساحل والمحيط الأطلسي    منظمات أمازيغية تراسل رئيس الجمهورية الفرنسية حول استثناء تعليم اللغة الأمازيغية    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    المغرب وفرنسا… إضاءة التاريخ لتحوّل جذري في الحاضر والمستقبل    "جبهة نقابية" ترفض المس بالحق الدستوري في الإضراب وتستعد للاحتجاج    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    وسيط المملكة يعلن عن نجاح تسوية طلبة الطب ويدعو لمواصلة الحوار الهادئ    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان        إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاجتهاد والإفتاء في قضايا المرأة في المجتمعات غير الإسلامية

قضية المرأة عموما من القضايا التي شغلت الفقهاء والعلماء، ولا تزال تأخذ حيزاً مهماً من انشغالاتهم، فقد طالب المجددون والمفكرون المسلمون بضرورة إعادة النظر في وضع المرأة المسلمة على المستويين الواقعي والتشريعي، لإخراجها من الواقع الذي أثّر سلباً على مكانتها وعطائها ودورها الإنساني والاجتماعي .
ولا شك أن أوضاع المرأة تختلف باختلاف البلدان التي تعيش فيها، ومستوى الثقافات والعادات والأعراف السائدة في كل مجتمع. كما أن لطبيعة الظروف الحياتية والاقتصادية المختلفة انعكاسات على أنماط تفكير وسلوك المرأة، هذا الاختلاف في أوضاع وظروف المجتمعات، يُنتج اختلافاً في ألوان التحديات والإشكاليات التي تواجهها، وحين تتطلب هذه التحديات والإشكاليات معالجات شرعية، وتوجيهاً دينيًّا، فإن الفقهاء هم الجهة التي ترجع إليها المرأة في البلدان غير الإسلامية لأخذ أحكام الدين، وآراء الشرع، في النوازل والحوادث الواقعة.
وبما أن بعض تلك المجتمعات قد تخلو من وجود فقهاء في أوساطها، يعايشون معها التحديات التي تواجهها، ويدركون بالمعايشة انعكاسات الظروف والأوضاع على الأبعاد المختلفة من حياتها، فإنها حينئذ بين مطرقة الحاجة لمعالجات وحلول شرعية لقضاياها ومشاكلها نابعة من بيئتها المحلية الاجتماعية، و سندان حيرة اللجوء إلى فتاوى وآراء وطروحات الفقهاء من خارج محيطها وبيئتها.
وهنا قد تثار إشكالية تتعلق بمدى قدرة الفقيه من خارج البيئة الاجتماعية، على التشخيص الدقيق للموضوعات التي تتطلب الرأي الشرعي، في كل ما يتعلق بحاجياتها إن على المستوى التشريعي و الاجتماعي والتربوي و الاقتصادي والسياسي والثقافي.
وهكذا انطلقت السجالات حول موضوع المرأة، وسط معطيات متناقضة، أهمها وأخطرها حضور النموذج الغربي للمرأة فكراً وممارسة، والذي أصبح يفرض نفسه يوماً بعد يوم ، ويضع المرأة المسلمة أمام تحديات المقارنة والخيار بين الالتزام بأصولها وهويتها الثقافية والدينية ، حيث تتداخل في كثير من الأحكام ثنائية العرف والتقاليد الاجتماعية مع الدين ، وبين واقع يغريها بالتقليد والمتابعة و يطالبها بضرورة تجاوز التشريعات الإسلامية المتعلقة بها، لكونها متخلفة عن الواقع من جهة، ولكونها لم تعد تتماشى مع مشاريع التحديث والحداثة التي طالت كل الميادين سواء في البلدان العربية والإسلامية أو في الغرب.
في المقابل كانت استجابات الفكر والفقه الإسلاميين إيجابية إلى حد كبير بشكل عام، حيث انخرطا معاً في عملية تأصيل واجتهاد، استطاعت أن تعيد النظر في عدد من المسلَّمات والآراء القديمة والمتوارثة، كما فتحت باب الاجتهاد على مصراعيه لإعادة النظر في هذه القضايا، مما شغل بال الفكر والواقع الإسلاميين .لكن يبقى غياب دور المرأة الفقيهة في الإفتاء والاجتهاد في قضاياها واضحا سواء داخل الدول الإسلامية أو خارجها في فقه الأقليات والمسلمات الجدد فأين دور المرأة في مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين مقارنة بفاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندي التي احتلت المكانة العالية الرفيعة في الفقه والفتوى، وتصدرت للتدريس وألفت عددًا من الكتب، وكان الملك العادل "نور الدين محمود"، يستشيرها في بعض أمور الدولة الداخلية، ويسألها في بعض المسائل الفقهية، كما كان زوجها الفقيه الكبير "الكاساني" صاحب كتاب "البدائع" يحترم فتواها ويقدرها وكانت الفتوى تخرج وعليها توقيعها وتوقيع أبيها وزوجها، فلما مات أبوها كانت توقع على الفتوى هي وزوجها "الكاساني" لرسوخها في العلم وفقهها الواسع.
وفي هذا المقام أورد "السخاوي" في موسوعته الضخمة "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" أكثر من (1070) ترجمة لنساء برزن في ذلك القرن، معظمهن من المحدثات الفقيهات.
أما العالم الموسوعي "جلال الدين السيوطي" فكان لشيخاته دور بارز في تكوينه العلمي، فأخذ عن "أم هانئ بنت الهوريني" التي لقّبها بالمسند، وكانت عالمة بالنحو، وأورد لها ترجمة في كتابه "بغية الوعاة في أخبار النحاة"، وأخذ –أيضًا- عن "أم الفضل بنت محمد المقدسي" و"خديجة بنت أبي الحسن المقن" و"نشوان بنت عبد الله الكناني" و"هاجر بنت محمد المصرية" و"أمة الخالق بنت عبد اللطيف العقبي"، وغيرهن كثير.
وبما ان موضوع بحثنا سيركز على مسألة الاجتهاد والإفتاء في قضايا المرأة المسلمة في الغرب ،ولاسيما إننا تجاوزنا زمن الحداثة إلى ما بعد الحداثة حيث التأصيل المطلق لمفاهيم الإنسان الوظيفي المادي الخارج عن حدود المركزية الكونية ،والمرأة بطبيعة الحال تمثل نصف هذا الإنسان الوظيفي زمن الألفية الثالثة ،فكيف يمكن الحديث عن واقع المرأة المسلمة في ظل هذه المجتمعات دون إيجاد سبل لمعالجة الكثير من التحديات التي تواجهها إن على المستوى العقدي التشريعي او على المستوى الاجتماعي و الإعلامي أوالاتجاهات الحزبية السياسية المحركة لعنصر المعاداة للإسلام على حساب المرأة المسلمة .
الإجنهاد والافتاء في قضايا المراة المسلمة في الغرب
إن قضية الاجتهاد والإفتاء المتعلقة بواقع المرأة المسلمة – جاءت نتيجة استجابة لمجموعة من التحديات الخارجية والداخلية، وقد تحكمت هذه. التحديات أو المعطيات الموضوعية في توجيه ورسم خارطة اتساع ونمو دائرة الاجتهاد والإفتاء بشكل جدي ومسئول , لدرجة أن الأسئلة الذاتية التي حاول الإجابة عنها عبر الاجتهاد والمراجعة والنقد الذاتي , هي الأخرى إنما طرحت بسبب هذه التحديات الداخلية والخارجية. التي واجهت المرأة المسلمة عموما سواء في البلدان العربية والإسلامية أو في البلدان الغربية على حد سواء. إن ما يحدث اليوم من التمحور حول المرأة المسلمة وما يصحب ذلك من إثارة إعلامية، ما هو إلا جزء من مخطط يُرسم لمسيرة المرأة المسلمة بخط بياني منحدر، وهو تكملة لحلقات مسلسل السيطرة والزحف التغريبي على المرأة في المجتمعات الإسلامية.
وبما أن موضوع البحث يتعلق بقضايا المرأة في المجتمعات الغربية،فان الغرب اهتم كثيرا بحقوق المرأة لدرجة وضع معها معايير لقياس مدى تقدم الدول ورقيها فأصبح احترام حقوق المرأة في أية دولة يعتبر معيارا لقياس تقدم ورقي هذه الدولة وكلما ازداد احترام الدولة للمرأة ولحقوقها ولمساواتها بالرجل في الدستور وأمام القانون وكلما ارتفعت نسبة تعليم المرأة ونسبة تواجدها في سوق العمل وفي البرلمان وفي الحكومة كلما ازداد احترام العالم لتلك الدولة وتم اعتبارها من الدول الراقية المتقدمة لهذا كان من الضروري تغيير تلك الصورة المتوارثة عن المرأة في الدراسات الفقهية، الصورة التي تنتمي إلى الماضي، ولم تعد صالحة للبقاء في الحاضر، وهي لا تسيء فقط للمرأة، وإنما للفقه الإسلامي وللفقهاء كذلك، وذلك لأن واقع المرأة المسلمة اليوم يقدم صورة مغايرة تماماً لتلك الصورة القديمة.
ومن هذا المنطلق برزت دعاوى الغرب إلى الاهتمام المكثف بقضايا المرأة المسلمة ؟ وتحرص الأمم المتحدة على وضعها على رأس قائمة أولوياتها في التعامل مع الأقليات المسلمة؟ فهل ما تطرحه وثائق مؤتمرات المرأة من قضايا هو انعكاس لأولويات واحتياجات المرأة المسلمة بالفعل؟
أين دور المؤسسات الدينية والمجامع الفقهية في حماية مقومات الاسلام ومرتكزاته القيمية والمفاهيمية الخاصة بقضايا المرأة؟وهل الاجتهاد في فقه مستجدات المرأة يمكن تصديره معلبا وجاهزا للمرأة المسلمة في الغرب انطلاقا من واقع مغاير تعيشه المرأة في البلدان الإسلامية؟ و إلى متى ستتخلص المرأة المسلمة في الغرب من ظاهرة الفتوى الفردية لتنتقل إلى الفتوى المؤسساتية؟ وكيف يمكن الحفاظ على مراعاة وتلبية حاجات ومتطلبات المسلمات الجدد لاستمرار إسلامهن؟هذه بعض الأسئلة وغيرها سنطرحها للنقاش من خلال هذه الورقة وهي نابعة من تجربتي مع حيرة المرأة في الغرب بين مطرقة تعدد الفتاوى وسندان المحرك الإيديولوجي والانتماء المذهبي للمجتهدين!!
التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في الغرب عديدة:
التشريع الإسلامي هو المظهر المعبر عن التزام المسلم بدينه، وامتثاله لأوامر ربه تبارك وتعالى والتطبيق العملي الدال حقيقة على إيمان الفرد وطاعته وموضوع المرأة المسلمة وأحكامها الشرعية أكثر الميادين خطورة وأهمية، نظرا لكثرة السهام الموجهة إلى هذا الجانب من التشريع، ولكثرة النوازل وحدتها في حياة الجالية المسلمة المقيمة في مجتمع غير إسلامي.
فالغرب يشير إلى مفهوم التهديد الإسلامي نتيجة ازدياد عدد المسلمين الذين يصبحون مواطنين أوروبيين وعدد الأوروبيين الذين يتحولون إلى الإسلام، وقد برزت قضايا المرأة بشكل كبير على الساحة السياسية والاجتماعية الغربية استدعت إيجاد صيغ للاجتهاد والفتاوى تناسب واقعها في تلك المجتمعات الغربية، ومن جهة ثانية تأثرت النساء في الغرب بطرق التفكير والحياة الأوروبية مما أحدث وجود اختلافات حول مفهوم الاجتهاد في الفتاوى:
بين اتجاه يميل لإعادة إنتاج الفتاوى الخاصة بالمرأة في الغرب انطلاقا من واقعها في المجتمعات الإسلامية ، واتجاه اندمج بالأغلبية الأوروبية وتميل اجتهاداته نحو التكيف مع متطلبات المجتمع الغربي واتهاماته الموجهة ضد الإسلام بأنه دين يعادي المرأة ،.لاسيما في خضم واقع فرضه ازدياد نسبة التعليم بين أبناء الجيل الثاني والثالث من الفتيات المسلمات المتشبعات بالثقافة الغربية من خريجات المدارس والجامعات الأوروبية هذا بالإضافة إلى توافد الكثير من المسلمات الجدد على الدخول في الاسلام مما أثار إشكاليات جديدة صاحبتها أسئلة مغايرة ومختلفة عن أسئلة الجيل السابق وتحتاج لإجابات جديدة ومختلفة يكون لواقع ومنظومة الثقافة الغربية التي نشأن فيها دور كبير في التعامل معها وفهمها لإيجاد حلول مناسبة لها، وفي ظل هذا التجاذب بين اتجاهات دور ومجامع ومؤسسات الاجتهاد والإفتاء ،يبقى موضوع تشويه صورة المرأة المسلمة في الغرب أكثر من مجرد تزييف حقائق أو تحيز يقف عائقا أمام حريتها وقناعاتها والتزاماتها ، حيث ينظر الغرب عموماً إلى المرأة المسلمة بالمنظار الذي يخول له التدخل في شؤونها الداخلية باسم رفع الحيف و التخلف والمظلومية التاريخية عنها!!
وطبقا للمنظور الغربي فأن الإسلام لا يعطي للمرأة المساواة مع الرجل بل يعتبر مكانة المرأة في الإسلام أدنى من مكانة الرجل، ، ومن الافتراءات المنتشرة في الغرب أن الإسلام يعتبر المرأة قاصرا لذا فهو يعتبرها نصف رجل فلا تحصل إلا على نصف نصيب الرجل في الميراث وتعتبر شهادتها نصف شهادة الرجل. وان الإسلام يعطي للرجل المسلم حق شراء زوجته حيث يدفع لها مهرا أي ثمن حبسها في البيت وتحجيبها ثم ينفق عليها طوال مدة الزوجية فيصبح من حقه أن يحبسها ويضربها ثم يطلقها بلا أي سبب حين يشاء ويطردها من بيت الزوجية ويحرمها من حضانة أولادها. 
والغربيون يصدقون هذا الافتراء بل نجدهم يرددون ذلك في كل مكان نلتقي بهم فيه بل حتى مع مفكريهم في بعض المؤتمرات الدولية. أما الافتراء الأكثر انتشارا في الغرب فمفاده أن المرأة المسلمة محبوسة في بيتها وممنوعة من ممارسة حقوقها الاجتماعية وحقوقها السياسية وهذا خلط واضح بين الدين والتقاليد الاجتماعية والعادات في بيئة بعض المجتمعات المنغلقة ،وليس منبعها الدين الإسلامي حيث أن الإسلام أقر حقوق المرأة الاجتماعية كما أقر حقوقها السياسية. كما أن مقولة المرأة المسلمة ليس لها رأي في مسألة زواجها واختيار شريك حياتها وان رجال أسرتها سواء أبيها أو أخيها أو عمها هم الذين يختارون لها زوجها ويفرضونه عليها، مقولة ظالمة الإسلام بريئ منها وان كانت بعض المجتمعات القبلية لا تزال أسيرة لمثل هذه التقاليد التي لا تمت للإسلام بصلة حيث أن الإسلام منح المرأة حق اختيار زوجها ويكون عقد الزواج باطلا بدون موافقتها, وفي بريطانيا مثلا العيون مترصدة لبعض الأسر العربية أو الأسيوية التي غالبا ما يلجأ الآباء فيها حفاظا على بناتهن إلى تزويجهن كرها بمن يرونه مناسبا لثقافتهم وأعرافهم وتقاليدهم ،ولو حصل سوء تفاهم وان بنسبة خمسة في المائة تضخم المسألة وتفخم إعلاميا وسياسيا بحيث يكون الإسلام المتهم الأول قبل ثقافة وأعراف مجتمع !!
أما الافتراء الذي تعاظم في السنوات الأخيرة خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر فهو الافتراء على المرأة المسلمة بسبب ارتدائها الحجاب الشرعي وعلى الأخص غطاء الرأس حيث يعتقد الغربيون أن المسلمين الرجال هم الذين يفرضون على المرأة المسلمة ارتداء الحجاب وطبقا لهذا الافتراء فان حجاب المرأة المسلمة بالنسبة لهم دليل على خضوع المرأة للرجل حيث يدعون أن المرأة المسلمة تابعة للرجل وترتدي الحجاب لتتوارى وراءه فلا يكون لها ظهور ولا وجود إلى جوار الرجل بل تعيش في الخفاء وراء حجاب فرضه الرجال المسلمون عليها ليحجبوها عن المدنية الحديثة وعن العمل وعن المشاركة الفعالة في المجتمع. وكلنا نعرف مدى تعسف بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا التي شنت حملة شعواء على الحجاب الإسلامي وأصدرت قانونا تم التصويت عليه في البرلمان الفرنسي وحصل على أغلبية ساحقة بمنع التلاميذ من ارتداء الرموز الدينية ومن بينها الحجاب في المدارس الابتدائية والثانوية الحكومية الفرنسية , وبالرغم من كل الاعتراضات من جميع أنحاء العالم ضد هذا القانون، إلا أن هذا القانون أعطي بعدا سياسيا وتم تطبيقه في فرنسا منذ العام الدراسي 2004., واعتبروه رمزا من الرموز الدينية وقرروا أنه رمزا لخضوع المرأة المسلمة للرجل ومن المعروف في القانون الدولي أن حق التعبير عن الرأي من الحقوق الأساسية المذكورة في دساتير جميع الدول الأوروبية وفي الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وهذا القانون الفرنسي يعد خرقا للمادتين 18 و 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اللتين تنصان على حق كل إنسان في حرية التعبير وفي حرية ممارسة وتطبيق عقيدته الدينية.
فجدلية الحجاب والنقاب في رأييي من التحديات العويصة التي تواجه المرأة المسلمة التي تعيش في الغرب الذي يؤمن بالإباحية المطلقة وبالمثلية ولا يقبل الإيمان بحجاب المرأة المسلمة ،فكيف ستتأقلم فتاة مسلمة ولدت وتربت في بلد تعتبره وطنها الأم، ويحثها عبر برامج تربوية وتعليمية على الاندماج في مؤسساته ومنظومته الفكرية والفلسفية ويشجعها على الحرية الشخصية والديموقراطية وحقوق الإنسان , لكنه يحتقرها ويهينها وينظر اليها نظرة رجعية ان هي التزمن بلباسها الشرعي ويزداد الأمر حدة وهجوما مع موضوع النقاب!
فالنساء المسلمات في الغرب بين خيارين أحلاهما مر: الاندماج أو الإحجام، اي إن عليهن الاختيار بين الانفتاح المشروط بشروط الغرب أو الانغلاق؛ فإما ثقافة الغرب التي تضمن لهن العيش الكريم والرضى أو قيم الإسلام التي تضمن لهن سخط الغرب وعدم رضاه. وتكاد مثل هذه الرؤية ذات البعدين الأبيض والأسود تهيمن على بنية التفكير لدي الفتيات المسلمات الموجودات في الغرب.
ولم يصبح التزام المرأة المسلمة في الغرب مجرد حرية شخصية ، بل أصبح محفزاً لتدافع عن معتقداتها وقناعاتها وإسلامها في الوقت ذاته؛ فلأنها تعيش في خضم مجتمع يرمقها صباح مساء ويعتبرها مظلومة؛ فإنها تضطر أن تدافع عن نفسها وخيارها الإسلامي في المدرسة والشارع والحافلة والمستشفى، وقد أدى كل ذلك إلى تكريس قناعاتها بالإضافة إلى إقناع الغير المسلمات بعظمة الإسلام
ومن اهم التحديات التي تواجهها المرأة المسلمة للدفاع عن معتقداتها والحفاظ على هويتها.
أولها: المجتمع الذي لا يستطيع أحد أن ينكره كمؤثر أول في تكوين الشخصية الإنسانية؛ فمجتمعاتنا المسلمة وإن كانت تخلت عن كثير من ملامحها الإسلامية والأخلاقية، إلا أن هناك حداً أدنى من المظاهر الإسلامية التي تؤثر علينا إيجاباً. 
ومن التحديات الأخرى التكوين الثقافي الغربي المفروض على الفتاة المسلمة داخل مناهج التعليم، ومن خلال القنوات الإعلامية. فالفتاة المسلمة في الغرب تصطدم بواقع لايمثل هويتها ، ومجتمعا لا تملك الانفتاح عليه، وعالماً تشعر بالغربة فيه، من خلال مفاهيمه وعاداته وتقاليده المختلفة عن كل ما اختزنوه من أفكار ومن عادات وتقاليد .إن المشكلة الصعبة، في هذا الواقع، هو أن الجيل الجديد الناشئ، لا يملك المفاهيم الواضحة العميقة في شخصيته، ليحمي نفسه من المؤثرات المتحركة في المجتمع الذي أُقحم فيه، إن الفتاة المسلمة قد انغرست في غير أرضها، ولذلك كان نموها بعيداً عن العناصر الطبيعية، التي تمنحها حالة النمو الطبيعي، الأمر الذي يفرض مراعاة الاجتهاد في قضاياها في نطاق خطة مدروسة واقعية وواعية.
فمن المعلوم أن القانون يلعب دورا مهما في تحقيق القيم الدينية على أرض الواقع في المجتمع الذي يُطبق فيه إن كان يحتوي على أحكام موازية لتلك القيم. ومن الطبيعي أن التزام الأفراد وتمسكهم بالقيم الدينية له أهمية بالغة في حياة تلك القيم في المجتمع، ولكن يجب أنْ لا يُنسى ما للقوانين والتشريعات من دور لا يمكن إنكاره في تحقيق تلك القيم على أرض الواقع،
وهو يؤثر في تلك البنية ويوجهها إلى حد ما، كما أنه يتأثر بها و بالتغيرات التي تحدث داخل البنية الاجتماعية، فلا يمكن تصور ميزان قانوني لا يُبالي بالتطورات والتغيرات الحاصلة في البنية الاجتماعية، وأي ميزان تشريعي بهذه الصفة فإنه يُهمَل تطبيقه مع الزمن من قبل المجتمع رسميا أو فعليا.
مريم آيت أحمد - أستاذة التعليم العالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.