هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التجديد تنظم ندوة حول واقع الجالية الإسلامية بأوروبا وفرنسا
نشر في التجديد يوم 16 - 08 - 2002

نظمت جريدة التجديد ندوة مساء الإثنين 5 غشت الجاري بمشاركة الأستاذ محمد جاء بالله عضو مجلس الإفتاء الأوروبي والأستاذ الحاج عمر أبو بكر عضو اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا وحرميهما الأستاذتين: نورة أم حاتم وقمر أم بكر لمدارسة واقع الجالية الإسلامية بفرنسا وأوروبا عامة، والإشكالات التي تواجهها والمساعي التي تبذلها كثير من الهيئات على مستوى التأطير الديني والعلمي والسياسي وآليات إدارة الاختلاف للحفاظ على هوية الجاليات الموجودة بالغرب والتحديات المطروحة أمام هذه الهيئات كمسألة الحجاب والتمثيل السياسي وواقع المرأة المسلمة والتوفيق ما بين التشريع الإسلامي والقوانين الوضعية العلمانية، وما أثر هذه الثنائية على حياة الجالية المسلمة بأوروبا عامة وفرنسا خاصة وقد نشط الندوة كل من الأساتذة حسن السرات، خليل بن الشهبة، وعبدلاوي لخلافة عن جريدة التجديد والأساتذة الفضلاء الذين شرفوا مقر التجديد بزيارة خاصة.
للذكر فالأستاذ محمد جاء بالله أو أبو حاتم هو عضو مجلس الإفتاء الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله والمؤسس سنة 1983 والأستاذ الحاج عمر أبو بكر عضو اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا ومهتم بقضايا الجالية الإسلامية بالغرب عامة وفرنسا خاصة وأستاذ جامعي بفرنسا و رئيس المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية. وإليكم وقائع الندوة:
التجديد: نرحب بداية بالأساتذة الأفاضل، في البدء نود أن نسائلكم عن أحوال الجالية الإسلامية بأوروبا عامة وبفرنسا خاصة؟
أبو حاتم: الحديث عن أوضاع المسلمين في أوروبا عامة، وفرنسا على وجه الخصوص، نعتقد بحمد الله أنها في تحسن وفي تطور نتيجة الجهود المبذولة في تثبيت الوجود الإسلامي والشخصية الإسلامية ومحاولة الانخراط في الواقع الأوروبي في البلاد الغربية، رغم ما يولده من عقبات وعراقيل تعود إلى أسباب وعوامل عدة، والوضع عموما فيه إيجابية نحو المستقبل.
التجديد: أحداث 11 شتنبر أصبحت علامة في التاريخ المعاصر، لاشك أن لها أثرا على المسلمين عامة، نريد معرفة آثارها على وجود الجالية بفرنسا وأوروبا عامة؟
أبو حاتم: الشيء الذي لاحظناه حقا في أوروبا، أن الوضع مختلف من دولة وأخرى، وقد أثارت هذه الأحداث بالإضافة إلى ما أثاره الإعلام بشكل عام كعادته عند تعامله مع وقائع من هذا القبيل في الغالب أن يتم عرض الإسلام عرضا يغلب عليه الجانب السلبي، لكن في الوقت نفسه واستنادا إلى مقولة "رب ضارة نافعة" أثارت هذه الأحداث لدى الأوروبيين تساؤلات عن الإسلام والمسلمين والوجود الإسلامي في بأوروبا بشكل خاص ومستقبل هذا الوجود، وكيف ينظر المسلمون إلى المجتمعات التي يعيشون فيها، وفرض هذا الواقع طلبا كبيرا لمعرفة حقيقة الإسلام ومواقف المسلمين اتجاه القضايا المختلفة، وأعتقد أنه في مختلف البلدان الأوروبية أتيحت فرص عديدة للتعريف بالإسلام عن طريق قنوات وملتقيات ولقاءات مع الصحافة والإعلام، ولاحظنا أن الإعلام فتح أبوابه أوسع مما كان عليه الأمر في مناسبات سابقة، وأحداث سابقة حصلت لبعض المسؤولين سابقا، وكان هذا الانفتاح فرصة للتعريف بالمسلمين وأحوالهم ومواقفهم اتجاه القضايا المختلفة، هذا من الجانب الإيجابي من الموضوع، وفي نفس الوقت نجد من يريد أن يستثمر هذه الأحداث لإشاعة جو من الخوف من الإسلام، وبدأت سياسات بعض
البلدان بأوروبا تسعى في هذا المنحى، ففي هولندا مثلا كان في السابق انفتاح واسع يشمل الأديان بشكل عام، ولكن الحكومة الهولندية بدأت مؤخرا تراجع مواقفها خاصة مع المسلمين، وتحاول اتخاذ أشكال من الرقابة، على سبيل المثال، وقع العثور على شريط فيه الحديث عن الجهاد وغير ذلك، فتفجر هذا الأمر في الإعلام والدوائر السياسية، فتم إقرار أن الخطب يجب أن تكون بالهولندية حتى يكون المجتمع على علم بما يقال في المساجد وغيرها وأصبحت بعض الأحزاب تدعو إلى مراقبة المسلمين وأنه لاينبغي باسم الحرية ترك الأبواب مفتوحة للجميع، ولاحظنا أيضا، خلال الفترة الأخيرة بعد 11 شتنبر في البلاد التي حصلت فيها انتخابات بروز الأحزاب اليمينية المتطرفة، وهذه قضية مشتركة بين أكثر من دولة أوروبية، ولا أعتقد أن هذا هو الوحيد من تداعيات 11 شتنبر، لأن الصور التي قدمت استثمرتها الأحزاب العلمانية واليمينية المتطرفة لإشاعة نوع من الخوف اتجاه الإسلام والمسلمين، وأعتقد أن الحوار العميق الذي يجري الآن يدل على رغبة جادة لدى شريحة من أبناء المجتمعات الأوروبية وذوي التأثير السياسي والإعلامي لمعرفة الإسلام والمسلمين بشكل أعمق. ففي وقت سابق كان
الحديث عن الإسلام يتم بصورة نمطية لا يريد أن يقترب لمعرفة التفاصيل، وهذا أعتقده إيجابيا في الموضوع.
التجديد: من الظواهر التي يتم الترويج لها حاليا، قضية محاربة اللاسامية أو الدفاع عن السامية، ما حقيقة هذه الحملة؟ وهل هناك فعلا أيادي صهيونية من ورائها لإلصاقها كتهمة جاهزة؟
الحاج عمر أبو بكر: في الحقيقة الجهات اليهودية المسؤولة في فرنسا مثلا قامت برصد كل ما يحدث من أعمال، يظنون أنها اعتداء على السامية أو اليهود سواء كانت صغيرة أو حتى تلك التي لا وزن لها أدخلوها في معاداة السامية، فتضخم العدد، وباستحضار لما يقوم في فلسطين هناك حصلت ردات فعل شخصية، فبهذا الترصد لما يحدث، وقع تضخيم هذا الأمر على عادة اليهود في استغلال هذه الأحداث التي يعيشون فيها، لإبراز أنهم المستضعفون والمضطهدون وأن هناك جهات ضدهم، لكن هناك جهات أخرى لها نظرات لما يحدث لأبناء العرب والمسلمين وجدوا أنه بدون تضخيم، أن الاعتداءات الواقعة لأبناء العرب والمسلمين إن لم تتجاوز ما يتعرض إليه اليهود فهي مماثلة له.
فإبراز ظاهرة اللاسامية الآن في أوروبا هي مغالطة ارتكزت على بعض الأحداث التي وقعت في بلد دون آخر، كمحاولة إحراق بعض المعابد اليهودية، ولا يمكن ربطها بالجالية الإسلامية.
أبو حاتم: ما يمكن أن أضيفه بخصوص هذه النقطة، هو موقف أوروبا وفرنسا بالضبط، فهو موقف متميز فيه قدر من التوازن لا بأس به، وهذا لا يعجب التيارات الصهيونية عموما، وبالتالي يحاولن الهجوم على الموقف الفرنسي انطلاقا من فكرة معاداة السامية لإضعاف الموقف السياسي الفرنسي اتجاه قضية فلسطين.
التجديد: ماذا عن تمثيلية المسلمين في فرنسا خاصة وأوروبا عامة، ما موقع اتحاد منظمات المسلمين بفرنسا؟
الحاج عمر أبو بكر: سأتكلم عن الوضع بفرنسا، على أن أترك للأخ أبو حاتم الحديث عن الجالية بأوروبا عامة، فالجالية الإسلامية بفرنسا أصبحت من العدد الذي لا يستهان به، حيث انتقلت من جالية نازحة أو عابرة إلى جالية مستقرة، وأبناء المسلمين الذين يحملون الجنسية الفرنسية بأعداد كبيرة تفوق الملايين، فأصبح الأمر يفرض ضرورة التفكير في إطار يجمع المسلمين بفرنسا، وهذا أمر يعني الحكومة الفرنسية أيضا، لأن هناك قضايا كثيرة تفرض هذا، كبناء المساجد وقضية اللحم الحلال والتعليم الإسلامي في مدارس إسلامية، وإيجاد المدارس الإسلامية الحرة، والأمور التعبدية، كل ذلك يحتم إيجاد هيئة تتكلم باسم المسلمين، وتكون همزة وصل مع الحكومة الفرنسية، يعطي قيمة للجالية الإسلامية ويكون للصوت الإسلامي وزنه الحقيقي، والحكومات الفرنسية يعنيها هذا الجانب، فقد كانت هناك محاولات من عشرين سنة تقريبا، وكانت أول مؤسسة كخطوة جادة في هذا المجال هو اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا، تأسس سنة 3891، كمؤسسة جامعة للجمعيات الإسلامية، هدفها يدل عليه اسمها، بما هي تجميع للمنظمات الإسلامية في إطار موحد يرمز لوحدة المسلمين ويتكلم باسمهم ويدافع عن
حقوقهم ويساعدهم لتحصيل ما يتعلق بالعبادات الإسلامية، بعد ذلك تكونت مؤسسات أخرى كالفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا عام 5891، ومسجد باريس بما له من رمزية في قلوب المسلمين وهو أيضا فيدرالية ترتبط به مساجد أخرى، هذه المؤسسات موجودة، وتحاول التنسيق بين بعضها إلا أنه في المحاولة الأخيرة منذ سنتين عندما كان جون بيير شوفينمون وزير الداخلية، وكانت المحاولة الأكثر جدية في تقارب جهود هؤلاء المسلمين هيئة واحدة تتكلم باسمهم، وباختصار فجون بيير شوفينمون هذا دعا خمس فيدراليات كبرى في فرنسا وخمسة مساجد كبرى اعتبرها مستقلة وخمس شخصيات اعتبرها مستقلة أيضا، فتم حوار كبير معه لماذا هذه الجهات هي المدعوة فقط، واعتماد هؤلاء الأشخاص، وخاصة وأنها شخصيات لا مكان لها في الواقع، وإنما دعاها من جهته ليعطي للصوت العلماني مكانا مع الجهات العلمانية.
التجديد: هل يمكن إعطاء أسماء هؤلاء؟
الحاج عمر أبو بكر: لا داعي لهذا، بل هم أشخاص لا وجود لهم في الساحة الإسلامية. فدعانا جون بيير إلى التفكير لإيجاد هيئة تمثل الإسلام بفرنسا، واستمر الحوار لمدة سنة ونصف تقريبا والحقيقة، تم الحوار بصعوبة، لأن الأطراف الموجودة كأشخاص أو كمساجد أو حتى كتجمعات، لم يكن الهاجس الإسلامي العام هو الحرص على مصلحة المسلمين وتجاوز المصالح الذاتية الذي يحكم الكثير منا كان من بين هذه الأطراف من يحاول إيجاد حيز لنفسه، أو ما يميز تجمعه أو مسجده أو شخصه، فكان الأمر في الحقيقة يحتاج إلى جهود كبيرة حتى يتم التأقلم بين بعضنا وإىجاد الأرضية المشتركة، والتي وضعنا خطوطها في ورقة تحدد البنود التي يمكن اعتمادها، وخرجنا بتوجه لو ننجح في التحرك به، هو أمر طيب جدا، باختصار شديد، فالأرضية التي توصلنا إليها هي أنه:
1 لابد أن يكون التمثيل ديني، لا نريد تمثيل الجالية المسلمة على مختلف مشاربها.
2 التمثيل يمر عبر المساجد، يمكن أن يكون فيه شخصيات أو مفكرين أو مدارس ومسؤولي المساجد والأئمة ولكن التمثيل يجب أن يمر عبر هذه القناة.
3 لابد أن ينبع التمثيل من ديموقراطية وشفافية.
4 لابد للحكومة الفرنسية انطلاقا من علمانيتها، أن تواكب هذا العمل ودون أن تتدخل فيه.
5 عندما تبرز هيئة إسلامية تمثل الإسلام داخل فرنسا لا تكون لها سلطة على المساجد والتجمعات القائمة، وإنما سلطتها وعملها عمل تنسيقي وتنظيمي للإسلام المسلمين، والحوار مع السلطات الفرنسية، وليس الضغط على ما وجد من عمل إسلامي وتوجيه الإسلام للوجهة التي تريدها هذه المؤسسة.
وبعد أخذ ورد توصلنا إلى حقيقة: إن كنا حقا نريد أن نبرز بهيئة تمثل الإسلام لابد أن ننطلق من هذه الأرضية وأمضى عليها الجميع، ثم أتت الانتخابات الفرنسية الجديدة وبرز معطى جديد، هو أن المحاور في هذه القضية كان جهات لها ارتباطات مع الحكومات العربية أكثر من غيرها وكان موضوع البلاد الأصلية حاضرا، كان بعض الإخوة يجعلوه خطا أساسيا في التمثيل، في حين اتحاد المنظمات الإسلامية، طبعا رغم حبنا لبلادنا الأصلية وشعوبنا، نعتقد أن هذه الجالية المسلمة أصبحت قائمة بذاتها بفرنسا، هذا الارتباط بالبلاد الأصلي، نعتقد أنه سلبي في مسار عملنا ويمنع الاندماج الكلي بين الجالية أكثر من دفعها إلى الأمام، فبعض الجهات لأسباب سياسية كانت تنحو إلى هذا المنحى ومنها مسجد باريس، له قرار مع اليمين والرئيس جاك شيراك، فحالما جاء اليمين إلى الحكومة إلا حاول إقحامه في تحرك جديد يقضي على ما وصلنا إليه أو يعين هيئة لا تمثل البنود التي تكلمنا عنها سابقا.
والآن كل الحوار منصب على السؤال:
هل نستطيع انطلاقا من القواعد التي ذكرنا، تجاوز أثر هذه التقلبات السياسية، وهذه المناورات مع هذا وذاك التي ستؤدي إلى هيئة شكلية وغير نابعة من المسلمين، فلا تجد الدفع اللازم لها، وهذا ما نخشاه.
التجديد: هل هناك موعد محدد لانتخاب هذه الهيئة؟
الحاج عمر أبو بكر: أعتقد أنه سيكون في شتنبر أو أكتوبر القادمين ووزير الداخلية الحالي سار كوزين، فقد استقبل كل الجهات التي لها وزنها في الهيئة الاستشارية، واستقبل عدة جهات أخرى واطلع على رأيها، فشعر بأن هناك مجموعة تدفع إلى ما تم ذكره، ولكن لارتباطاته بمسجد باريس، ولكون الحكومة الفرنسية للأسف، مهما كانت ديموقراطية، فهي ترتاح أكثر لتبرز جهة ترتكز على دولة وتحركها دولة أكثر من أن تنطلق مؤسسة مستقلة كليا وتتكلم باسم الدين الإسلامي كلية، ويجد تواصلا معها ملايين المسلمين، في الجانب الثاني، يحتاج الأمر إلى شجاعة للقبول بهذا التوجه فالحكومة الفرنسية الآن، بين مطالب المسلمين في الاستقلالية وبين محاولة البعض إيجاد هيئة مسماة فقط، وفي شهر شتنبر أو أكتوبر تبرز هذه الهيئة، بالنسبة لنا الحكومة الفرنسية لا دخل لها في الأمر، لأن الأمر متعلق بالمسلمين وليس بما يريده الفرنسيون، وعلى الحكومة الفرنسية أن تعترف بالواقع، وللأسف الشديد، فإشكالنا في داخلنا لكون بعض من المسلمين ، كما ذكرت في البداية، لا ينظرون بالبعد الكافي لإيجاد هيئة مستقلة تجد اعترافا لدى كل المساجد الموجودة في فرنسا، ويقع التواصل معها بكل
راحة واطمئنان، وإنما ينظرون إلى الآفاق القريبة ومصالح قريبة فيضعون حواجز أمام هذا المشروع.
التجديد: الدكتور أبو حاتم المسلمون يعيشون في دول علمانية، كيف يتصرفون ودينهم لا يفرق بين دين ودولة، وكيف تصرف المسلمون في الانتخابات، وهل كان لهم وزن معين؟
أبو حاتم: فيما يخص موقفنا من العلمانية في الغرب، فالمسلمون في الغرب استطاعوا أن ينضجوا موقفا في هذه المسألة، وهو أنه لا يمكن أن ننكر أن الإسلام كدين شمولي، ومنهج حياة، ينظم حياة المسلم في جميع الميادين المختلفة، ولكن وضع المسلمين كأقلية في بلاد غير إسلامية، وضع له خصوصية، فالإسلام إذا أردنا أن نقسم أحكامه وتعاليمه إلى مجموعة دوائر يمكن أن نقسمه إلى ثلاث دوائر:
1 الفردية الشخصية والتي تتعلق بالمسلم كفرد وهذه الدائرة أعتقد أن الدوائر العلمانية في الغرب لا تمنع المسلم أن يعيش الإسلام بشكل كامل، وهذا ينطبق على كل الأديان، وليس امتيازا خاصا بالإسلام، أما ممارسة المسلم لشعائره التعبدية فله مكان شاسع، والأمر مكفول للجميع.
2 المجموعة الدينية أو الطائفة: أي التطبيق الجماعي الديني وهذا أيضا لا ينطبق على الإسلام لوحده، ولا أعتقد أن القوانين العلمانية تمنع أي طائفة من التمتع بوضعها الديني المتكامل أو بتعبيرها الديني بشكل متكامل.
3 دائرة المجتمع: ماله صلة بتنظيم الهيئة الاجتماعية أعتقد أن المسلمين في الغرب كأقليات ليس عليهم السهر لتطبيق الشريعة وأحكامها في المجتمع، وفي الشريعة الإسلامية عندما نريد أن نطبق الشريعة الإسلامية يجب أن نكون في مجتمع إسلامي، يحتكم إلى الإسلام، وحتى الدول الإسلامية التي تنص دساتيرها على أن الإسلام هو دين الدولة، المنظرون المسلمون المعاصرون يقولون: إذا لم يتهيأ المجتمع ليحكم بالشريعة فلا يمكن أن نفرض عليه ذلك، فكيف لو كان المسلمون أقلية في مجتمع غير إسلامي، ولا يحتكم إلى الإسلام، فنحن من هذا الجانب موقفنا واضح، ونقول: كل ما يتعلق بالتطبيق الإسلامي فرديا وفي إطار الطائفة الدينية هو من حقنا، وهو حق ضمنته العلمانية نفسها التي تقول بحرية ممارسة الدين للأفراد والمجموعات، أما ما يخص بالدائرة الثالثة الاجتماعية العامة، وهذا لا يمنع المسلم من المشاركة في الحوار العام الدائر في المجتمع حول قضايا عامة: أخلاقية، سياسية، فكرية. فللمسلم الحق في أن ينطلق فيها من خلفية إسلامية، ولكن ينبغي أن يكون طرحه طرحا عاما، يتوجه به إلى جموع المجتمع ولكن يكون طرحا من القناة الدينية الإسلامية فقط، لأنه بهذا
الشكل سيخاطب فقط الطائفة الإسلامية.
هذا فعلا ما وصلنا إليه فيما يتعلق بالعلمانية والموقف منها.
التجديد: ما هو موقف فرنسا العلمانية من الحجاب؟
أبو حاتم: طبعا، هذه هي النقطة السوداء، إن صح التعبير لدى فرنسا، التي تسمح بحرية التدين والتعبير الديني ولكن، للإنصاف، يجب أن نقول: الدوائر الرسمية والقانونية، والدستورية كمجلس الدولة باعتباره مرجعا قانونيا في فرنسا عندما استفتي في الموضوع أجاب أن لبس الحجاب لا يتعارض مع مبدأ العلمانية، ولكن أثاروا قضية أخرى: وهي أن الإنسان يريد الدعاية الدينية انطلاقا من مظهر ديني، فمسألة الدعاية الدينية يصعب إثباتها يعني أن أي إنسان لا يمكن أن تتهمه بكونه يذهب إلى المسجد ويطلق لحيته، أوالمرأة تلبس حجابا أنها تمارس دعاية إذ كيف نفرق بين من ترتدي الحجاب دعاية وبين من تلبسه التزاما دينيا، فنحن الذي نقوله: أن النساء اللاتي يلبسن الحجاب بحرية واختيار منهن كالتزام ديني بعيد عن أي موقف سياسي، الذي سيس هذا الموضوع هو الإعلام الذي أعطاه بعدا سياسيا، ونحن لازلنا مصرين على أن هذا الموقف المناهض، موقف عدد من مدراء المدارس والمعاهد القاضي بمنع المحجبات الالتحاق بحجابهن بالمدارس والمعاهد، نقول إنه قرار مناقض لمبدإ العلمانية، ومناقض لقرار المجلس الدستوري.
أبو بكر الحاج عمر: لو سمحتم لي، إضافة بسيطة في هذا الموضوع، أنه يمكننا الالتزام بالدوائر الأولى: الفردية والجماعية في كل دولة علمانية، لا يعني أن المجتمع الذي نعيش فيه، المجتمع العلماني مهيأ تماما حتى نستطيع العيش على المستوى الفردي أو المجموعات، موضوع الحجاب، أو الحجاب في المدرسة بصفة خاصة، وجود بنات يلبسنه في المدرسة الفرنسية، هو حقيقة شائكة بالنسبة للمجتمع الفرنسي، لأنها ترجع به تاريخيا إلى أكثر من قرن من الزمان وإلى معارك جامعة حصلت في موضوع اللباس وفي قضية إخراج الكنيسة من المدارس من خلال اللباس، فكثير من اللائكيين الذين وقفوا ضد الحجاب في المدارس ليس بالضرورة ضد الإسلام، ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام معركة جديدة مع الدين يرجع إلى معقل المعركة الأولى التي كانت هي المدرسة، ما أقصد من هذا، أن وجود جالية إسلامية في فرنسا وفي الغرب تحتاج إلى عملين متوازيين.
1 التعريف بالإسلام لدى المجتمعات الغربية حتى تحصل معرفة حقيقية، ليس فقط من خلال ما يقوله الإعلام، وبعض المستشرقين ولكن انطلاقا من المبادئ الإسلامية، كما يقول بها مفكرو الإسلام وعلماؤه.
2 وبالنسبة لنا نحن المسلمين الذين أتينا من بلاد إسلامية ولا نحمل خلفيات التاريخ الغربي، وما عشته هذه البلاد كفرنسا مثلا من تعاملها مع بعض المظاهر الدينية، لابد أن نتعرف حقيقة على المجتمع الفرنسي وما يحركه، انطلاقا من رواسبه التاريخية والفكرية، وليس انطلاقا من تعامل معين مع الإسلام.
التجديد: جاءت أفراد الجالية بداية للرزق وصاروا جزءا من هذا الغرب وصار لهم جيل أول وثان وثالث، هذا يطرح مشكلة: كيف يتعامل الإسلام مع وضع جديد غريب، وهل تخرج المعاهد هناك علماء يوفقون بين الواقع وما تعلموه من مبادئ الإسلام؟
أبو حاتم: سؤالكم والله يحمل الجواب في طياته.
التجديد: يشاع أن فرنسا لا يوجد فيها معاهد دينية؟
أبو حاتم: فيما يتعلق بتعليم الإسلام، كنقطة توضيحية في البداية هناك ما يسمى بالمدارس الحرة أو الخاصة، وهي مدارس في الأصل تدرس المناهج المقررة في البلد وتضيف له مواد دينية أخرى، هذا في كل البلاد الأوروبية مقبول بالقانون لجميع الأديان، صحيح أن فرنسا في هذا الجانب متخلفة، فليس عندنا إلى يوم الناس هذا مدارس حرة خاصة.
الحاج عمر أبو بكر: عدا بعض المدارس الخاصة.
أبو حاتم: نعم مدارس متعلقة بالسفارات، وقد بادرت الجالية المسلمة بتأسيس مدارس خاصة كما في بريطانيا وهولندا وألمانيا والسويد، وليس هناك قانون حتى في فرنسا يمنع وجود هذه المدارس، وللحق فهذا يعود إلى تقصير المسلمين وهذه قضية خاصة بهم.
الصنف الثاني المتعلق بالتعليم الإسلامي أو التعليم الشرعي والذي هدفه تعليم الشريعة وعلومها وتكوين الأئمة والدعاة والوعاظ والمفكرين، هذا التعليم موجود في فرنسا، والتجربة الجادة في فرنسا ممثلة في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الذي اطلقت تجربته قبل عشر سنوات خلت في بعض البوادي شاتنيف في وسط فرنسا، ثم قبل أربع سنوات فتح فرعا في بريطانيا ومنذ سنتين فتح فرعا بباريس، الحقيقة أن الهدف من إنشاء هذا المعهد وهو مؤسسة أوروبية بمبادرة من اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، الهدف هو أننا بدأنا نشعر مع هذا الاستقرار الإسلامي وهذا الوجود الإسلامي بأجياله المتعاقبة، بأنه سيصبح وجودا مستقرا، وهذا إن شاء الله هو الذي سيكون، فحتى الجيل الذي قدم بنية الهجرة المؤقتة نجده قد استقر به المقام، فكيف بالأجيال التي ولدت ونشأت بهذه البلاد، فقد أصبح لزاما أن نفكر لهذه الأجيال، ولاشك أن الأئمة والوعاظ والمفكرين إذا لم يجمعوا بين فهم الدين والاستيعاب الكامل للواقع، فإنهم لن يستطيعوا تأدية الواجب الذي عليهم.
فعدم استيعاب بعض الأئمة لواقعهم جعلهم يخطئون في تقديراتهم وفتاويهم، وبعيدين عن أسس هذا الواقع، وكان هناك إشكال، ولا يزال، إشكال اللغة، الأجيال التي نشأت في الغرب، أجيال لا تتكلم العربية، فإذا كان الإمام أو الخطيب لا يحسن لغة البلد الأوروبي الذي هو فيه، طبعا سيكون بينه وبين هذه الأجيال حاجز، لا يستطيع التواصل معهم، ولهذا كان لابد من تأسيس شيء على مستوى أوروبا يفي بهذا الغرض، أما الجامعات الإسلامية كتلك التي في بلدان الخليج فقد كانت تستوعب أعدادا من الجالية بأوروبا لتكوينهم، لكننا نعتقد أن هذا لا يحل المشكل، لابد من إنشاء مؤسسات للتعليم الشرعي داخل أوروبا حتى يكون هذا التواصل موجود بين الشرعي وبين الواقع.
وكخطوة عملية، مشأ منذ ثلاث سنوات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وقد نشأ لتلبية حاجة، لأن المسلمين مع استقرارهم جدت لهم مشكلات كالاستقرار، وأسئلة المسلمين اختلفت عن تلك السابقة، فأصبح السؤال: عن تملك البيوت وعن المشاركة في المجال الاقتصادي، عن البورصة، عن التعامل السياسي وحدوده وضوابطه، فكان هذا مدعاة لإنشاء هذه الهيئة انطلاقا من مبادئ الدين ومتطلبات الواقع وهو يتبنى قاعدة الإفتاء الجماعي فيما يعرض عليه من مسائل، ويرأسه الدكتور يوسف القرضاوي ويضم نخبة من علماء المسلمين ممن لهم دراية وتواصل مع المجتمع الغربي وأوروبا، ونصفهم من القائمين بالوعظ والدعوة والفتوى في بلدان أوروبية مختلفة، وله أعضاء يملكون بعض الدول الأوروبية.
التجديد: أستسمح أساتذتنا الكرام، بداية لدي سؤالان:
الأول: آليات وتدابير تصريف الاختلاف المذهبي على مستوى الإفتاء والتمثيل علما بأن الجالية الإسلامية ليست موحدة، ليس سنة أو شيعة فقط بل هي خليط من هذا وذاك؟
الثاني: ألا تخافون على تدين الأجيال الجديدة، باستحضار أن الجالية التي سافرت لأجل الرزق كانت لها تربية دينية معينة، أما الجالية اللاحقة فهي تخضع لتكوين وتربية خاصين؟
أبو حاتم: أجيب عن السؤال الأول والثاني أتركه للأستاذ أبو بكر، السؤال الأول لصيق بالمجلس الأوروبي، حقيقة أن المسلمين بأوروبا ينتسبون إلى مذاهب فقهية وحتى عقديا، أما المذاهب العقدية، فالشيعة يشكلون أقلية في أوروبا، الغالبية العظمى بأوروبا من المسلمين السنة والمطاهب تتوزع حسب الدول، فلو أخذت مثلا فرنسا يغلب عليها المذهب المالكي لأن أغلب المسلمين من أهل المغرب الكبير وعلى رأسه المغرب الأقصى طبعا، لو ذهبت إلى بريطانيا مثلا تجد الإخوة الباكستانيين والهنود وهم على المذهب الحنفي، وألمانيا تجد الأتراك، لكننا في المجلس الأوروبي حاولنا أن يكون هناك تمثيل لكل هؤلاء، وأن الفتاوى الصادرة لا تتعلق بمذهب واحد، فالفتوى في شؤون الأمة العامة ينبغي الاستفادة من سعة التعدد الموجودة في المذاهب الإسلامية، فهي فتاوى تعتمد الدليل، وتنطلق من التراث الإسلامي ومن كل مدارسه، وتأتي ليس وفقا لمذهب معين، ولكن انطلاقا من كل المذاهب والنصوص.
والفتاوى التي تصدر بهذا الشكل لا توقع إشكالا أو اعتراضا مع الزمن، والسؤال الثاني يشير إلى هذا، القضية المذهبية بمفهومها الضيق ليس إشكالا وستتجاوز.
الحاج عمر أبو بكر: أخي بالنسبة للأجيال القادمة، فالقضية مطروحة الآن مع تطور الإعلام والعولمة علينا كمسلمين بإلحاح، فالطفل الذي يعيش بالغرب تكون لديه تحديات أكبر، لأن المدرسة لا تحمل الصبغة الإسلامية، وكلما يحيط به لا يعطيه المكونات الإسلامية التي بواسطتها يقوم بدينه إلا البيت أو المراكز الإسلامية أو ما يمكن أن ينشأ من مؤسسات تخدم تربية هذا الطفل، مما يوضح جسامة المسؤولية والسعي لتكوين مدارس إسلامية والمدارس الحرة حتى يكون البديل للمدرسة العلمانية الكاملة بمدرسة تعطي بعض المبادئ وتربي الطفل على تعلم العربية وبعض المبادئ الإسلامية، وهذا الإشكال يفرض أن تتطور المراكز الإسلامية في فهمها مع المجتمع، وللأسف تجد المسجد منغلق على نفسه ويقتصر على الصلوات وينعدم التواصل مع الجالية بعمومها والأطفال بصفة خاصة، فلابد أن ننمي هذا الحس، فيصبح المركز عبارة عن ناد وروضة وعن مدرسة ومكان يجد به الطفل ضالته حتى اللعب، ومن خلاله يأخذ الغذاء الإسلامي، والتحدي كبير في الحقيقة، فكل ما يعطيه الشارع والمجتمع والمدرسة في البلاد الإسلامية يجب أن تتحمله الأسرة والمركز الإسلامي كبديل.
التجديد: العلمانية توجد في دار الإسلام والإسلام يوجد في دار العلمانية، ماذا يمكن أن يقدم المسلمون في الغرب للإسلام؟
أبو حاتم: الإسلام في الغرب يعتقد البعض أنه فرصته وللإسلام نفسه، وأنا أعتقد هذا، وهذا اعتقاد أبناء الغرب من غير المسلمين، فالحضارة الغربية بمكاسبها المادية والتكنولوجية، لاشك أنها تعيش أزمة عل ىمستوى القيم ووجهة هذه الحضارة إلى أين والناس يتساءلون؟
الإسلام له رصيد خلقي وإنساني، وقيمي إضافة إلى الحضاري يمكن للمسلمين إذا ارتفعوا إلى مستوى من الفهم الإسلامي الصحيح، وهذه مشكلة أخرى: كون فهمنا الإسلامي لا يرشحنا لإعطاء صورة حقيقية عن الإسلام، وتخدم الإنسانية، إذا ارتفع المسلمون إلى هذا الفهم، بإمكانهم أن يسهموا في إثر هذه الحضارة والإسهام في تكميل النقص في هذه الحضارة والإسلام سيستفيد من الغرب في مجالات أخرى.
في الحقيقة، الغرب استطاع أن يصل إلى درجات في إدارة التعددية رغم اختلاف المشارب، ورغم ذلك حافظوا على نوع من الاستقرار والتقدم واحترام الرأي الآخر، هذه أزمتنا في العالم الإسلامي، إذا استطاع المسلمون الاستفادة من احتكاكهم بهذه التجربة، فإن هذا من المكاسب المهمة، وكذلك على مستوى التقدم العلمي والتقني. وستكون الجالية جسرا نقل الخبرة يستفيد منها العالم الإسلامي.
فالعلاقة في عصر العولمة، لابد أن تكون كل الدول في العالم في تواصل إيجابي بين الغرب والإسلام.
التجديد: هل يمكن أن نجد الإسلام يوما ما في ماتنيو/ مقر الوزير الأول الفرنسي أو الكونغريس؟
الحاج عمر أبو بكر: ولما لا في ماتنيو، في الحقيقة، لدينا اليوم كاتبة للدولة من أصل جزائري بفرنسا، وإن كان هؤلاء لا يعترفون بهويتهم الإسلامية كما ينبغي، لكن تصور أن المجتمع الفرنسي، أصبح يقبل أن المسلم يمكن أن يتحمل أي مسؤولية في هذه البلاد، ولا أستغرب في زمن غير بعيد يكون مسؤولا من أصل إسلامي يحمل الهوية الإسلامية حقا وليس بالإسم، وبالنسبة لقول أبي حاتم لحرية التفكير والتقدم والجو غير المكهرب في البلاد الغربية، أظن أنه يمكن أن يكون له انعكاس حقيقي في بلادنا الإسلامية، لأننا نعيش واقعا مخالفا تماما.
التجديد: ماذا عن واقع المرأة المسلمة في بلاد الغرب؟
قمر أم حاتم: بالنسبة للنساء المسلمات في أوروبا، هناك اللاتي هاجرن مع أزواجهن، هناك أيضا بنات الجيل الثاني، وفيهن المتدينات كما فيهن مثقفات.
وعيا بالمسؤولية، أي مسؤولية المرأة في المجتمع، بتربية الأجيال ومشاركتها في المجتمع في كل الميادين فنجد الأخوات في تطور حقيقي، في البداية ربما حينما بدأت الجمعيات الإسلامية أو المراكز الإسلامية تفتح في الغرب يمكن الأخوات مكانتهم وجودا وحضورا في الجمعيات، والآن والحمد لله مع مرور الوقت فالأخوات ليس فقط نشارك الإخوان، بل أصبحت تأخذ المبادرات في تأسيس الجمعيات والاهتمام بالشباب والأطفال، وتنشئ النوادي وتقيم الأنشطة الصيفية والأنشطة الثقافية للبنات وللنساء. وإن شاء الله، سيكون استمرار لهذا العمل .
تدخل الأخت قمر أم بكر:
ربما الأخت المتدينة بحجابها، فرضت الإسلام لأنها أساسا هي تحمل راية الإسلام بحجابها وبوجود الإسلام في فرنسا... وأنا شخصيا التقيت بمسؤولين في البلديات فأول ما شد نظرهم هو هذا الحجاب كيف انتشر؟
فالمرأة المسلمة بحجابها ولله الحمد أثبتت الإسلام في فرنسا، وجعلته في تزايد، حتى أصبح ظاهرة كبيرة، والأحسن من ذلك هو أن شباب الجيل الثاني يتشبتن به، فاللواتي يلبسنه يلبسنه عن اقتناع ليس بتقليد الأمهات اللاتي يلبسن الحجاب بالعادة أو التقليد الاجتماعي المتوارث، الآن الحجاب في فرنسا بالنسبة لهؤلاء البنات قضية يحاربن من أجله، فتجدهن يذهبن إلى القضاء من أجله، وهناك أخت شاركت في الانتخابات التشريعية، في لقاء مع خصمها فقال لها: كيف تحملن هذا الحجاب وهو لا يعدو أن يكون ظاهرة اجتماعية مفروض عليكن؟
وكان جوابها ثابتا في التمسك به، وهذا راجع إلى عمل الحركة الإسلامية في فرنسا.
التجديد: على مستوى الأحوال الشخصية كيف توفقون بين اتباع المسطرة الوضعية في المهجر وأحكام الشريعة؟ وما هو حجم الإكراهات التي تواجهكم في هذا الصدد؟
جاء الله أبو حاتم: هذه واحدة من القضايا التي يهتم بها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية بين التشريع الإسلامي والقوانين الغربية، حقيقة هناك مساحة واسعة ليس فيها تناقض، لأن رأي الإسلام في هذه المسائل، مسائل المعاملات مبني على قواعد المصلحة والمنطق، وبالتالي ليس هناك إشكالا معتبرا، نأخذ مثلا عقود الزواج بأركانه المعروفة، وكما يتم في البلاد الغربية في البلديات والمقاطعات والدوائر الرسمية، ليس هناك تعارض في أركانه العقد، والمسألة الوحيدة غير مشترك بين التشريعين هو قضية الصداق أو المهر، وهذا لا يمنعه القانون لشخصين مسلمين، فللمسلم أن يسميه ويدفعه للزوجة، أما فيما يتعلق بمحاكم الطلاق فالمسألة عالجها المجلس الأوروبي للإفتاء، هل القرار الذي يحكم به في المحكمة الرسمية بالطلاق، هل يعتبر قرارا مشرعيا مسلم به ويعمل به أم لا؟ الفتوى ذهبت إلى الجواب بنعم، فالطلاق لابد أن يكون بيد القاضي، لقد جربنا في كثير من المراكز الإسلامية، عندما تحصل مشكلات اجتماعية، يقوم الأئمة بالصلح، ولكن في كثير من الحالات يصل الأمر إلى الطريق المسدود، ولا تصل الأمور إلى السلطة، وهذا يفرض في هذه
الحالة تدخل سلطة قضائية تمكل القرار وتستطيع إنفاذه، وإلا أن المسألة لا تنتهي، ولذلك فاليوم لدينا إشكال: هناك بعض الناس الذين يتزوجون بما يسمى ب "الزواج الإسلامي" وهو في الحقيقة زواج عرفي لا يقوم على عقد زواج رسمي مسجل معترف به لدى السلطات الرسمية، يتزوجون بهذه الطريقة، لأنه في اعتقادهم أن عقد الزواج الرسمي المدني الذي يتم في البلديات عقد غير شرعي وغير إسلامي، ولكن عند حصول المسكلة، وتفشل محاولات المصالحة، تبقى هذه المرأة معلقة بين رفض الرجل تطليقها وهو الذي يملك الطلاق شرعا، وليس .هناك إثبات للسلطة القضائية للدتخل لحسم الموضوع، وبالتالي هناك مساحة كبيرة مشتركة، ونحن المسلمين نحتاج كأي أفراد في المجتمع إلى سلطة لتحسم الأمر، وفي نقط الاختلاق والاعتراف نقوم في ملجس الإفتاء بريجاد حلول لها، وهذا بحث لا يزال مجال بحث ودراسة لدى المجلس.
إعداد: حسن سرات-خليل بن الشهبة-عبدلاوي خلافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.