احتضنت قاعة الحاج محمد باحنيني بوزارة الثقافة والاتصال يوم الإثنين 18 مارس الجاري، ندوة تقديمية لكتاب المجاهد أبي بكر القادري "الخمر آفة خطيرة على المجتمع". وهي ندوة نظمتها مجلة "الفرقان" التي يرأس تحريرها الدكتور سعد الدين العثماني، النائب البرلماني، ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية. ولم تكن هذه الأمسية عادية مثل باقي الندوات، لأنها جمعت بين أشياء كثيرة منها، صاحب الكتاب المجاهد المعروف أبو بكر القادري، الذي أعطى حضوره للندوة قيمة مضافة، ومنها احتفاء الأساتذة المساهمين سواء على ظهر المنصة أو في وسط القاعة، بالكتاب وصاحبه، ومنها القضية التي واجهها الكتاب ومؤلفه، وهي آفة الخمر. وليس بدعا أن يتصدى أصحاب الغيرة على الدين والمجتمع لأم الخبائث ومآسيها أيام الحركة الوطنية منذ الثلاثينيات، وفي أيامنا هذه. أما في أيام الحركة الوطنية التي أصر المجاهد أبو بكر القادري على وصفها بالإسلامية، فقد قام الغيورون وهو على رأسهم، بحملة ضد الخمر وترويجها بين المغاربة، وأما في أيامنا هذه فإن حركة التوحيد والإصلاح تقوم بحملة ضد الخمر وترويجها في مجموع التراب الوطني، منذ أكثر من شهرين ونصف. وفي هذا الصدد، أصدرت الحركة عددا من الوسائل المكتوبة والسمعية والبصرية باللغة العربية والفرنسية و عددا خاصا من جريدة «التجديد»وكتاب "واضح البرهان في تحريم الخمر والحشيش في القرآن" للعلامة عبد الله محمد بن الصديق، ومطوية عن "الخمر أم الخبائث" باللغة العربية والفرنسية، ، وورقة حول دور العلماء في النهي عن المنكر، وورقة حول استفحال ظاهرة الخمر بالمجتمع المغربي المسلم، وعددا خاصا من مجلة «الفرقان»حول نفس الموضوع، وشريطا سمعيا بعنوان "الخمر أم الخبائث" للدكتور فريد الأنصاري بمشاركةالدكتور مصطفى بنحمزة، ونداءا لعموم المواطنين لمقاطعة أماكن بيع الخمور، ووسائل أخرى اجتهد أعضاء الحركة في مناطقهم في إبداعها والعمل بها.كما كان رئيس الحركة قد وجه رسالة للتخلي عن إنتاج الخمور وبيعها،موجهة إلى المعنيين. وقد جاءت هذه الندوةلتكريم أحد المجاهدين ورمز من رموز الحركة الوطنية الإسلامية، وللتعاون على محاربة أم الخبائث ومواجهة مروجيها وآفاتها ومآسيها التي تعصف بالمجتمع المغربي عصفا، وتكاد تجعل منه قاعا صفصفا. وهكذا، صعد على منصة الندوة، فضلا عن الدكتور سعد الدين العثماني، كل من الأساتذة محمد بلبشير، مؤسس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وأستاذ بها، وشيبة ماء العينين، والدكتور أحمد الريسوني، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، ومحمد يتيم رئيس جريدة "التجديد"، لحسن الزروالي الباحث المتخصص في الخمر. وكان مسك الختام هو كلمة الأستاذ المجاهد أبي بكر القادري. وقد أجمع الأساتذة المتحدثون، على خطورة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يحياها المجتمع المغربي، بسبب الخمر وترويجها، وسفهوا خرافة الأرباح الاقتصادية التي تلوكها ألسنة المروجين والمتلاعبين بعقول وأبدان المغاربة. وهي خرافة كانت تتردد منذ الثلاثينات وأوردها المجاهد أبو بكر القادري في كتابه المحتفى به. كما اجتمعت كلمات الأساتذة على اعتبار الكتاب عظيم الفائدة ثقيل الوزن رغم ضغر حجمه وخفة أوراقه، واستشهد الدكتور أحمد الريسوني على ذلك بالحديث المعروف "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان على الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"، مع الفارق طبعا، كما بين وأفاد. الأستاذ محمد بلبشير:أضرار الخمر أضعاف مضاعفة لما يتوهم من منافعها الأستاذ محمد بلبشير، قدم عرضا موجزا لمضمون الكتاب، ونوه بالمؤلف وما كتب، واستشهد بالعديد من مقاطع الكتاب، وربط بين البارحة واليوم، مذكرا بتزامن هذه الندوة ومضمونها مع اليوم العالمي للمستهلك، خاصة وأن التشريح الاقتصادي والمالي لهذه الآفة الخبيثة يثبت أن أضرارها المالية والعقلية والصحية والاجتماعية، هي أضعاف مضاعفة لما يتوهم من منافعها. واختتم قائلا: «إن القارئ المتمعن لما جاء في هذا الكتاب، يشعر بما يحس به صاحب هذا الكتاب الجليل من مشاعر الحسرة والألم على ما يجري في بلادنا من جراء انتشار هذه الآفة، ومن الغيرة على القيم الأخلاقية والتعاليم الإسلامية بلهجة إقدام وشجاعة وصدق، وبلسان الداعية المصلح، الذي يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». الأستاذ شيبة ماء العينين:لابد من مكارم الأخلاق الأستاذ شيبة ماء العينين، وجه تحية إلى الأستاذ المجاهد أبي بكر القادري، ولسيرته المجيدة في الكفاح والنضال والعلم، واعتبر إعادة إصدار الكتاب وتوزيعه، مساهمة هامة في مواجهة آفة تنخر المجتمع المغربي، ودعا إلى حشد الطاقات للجماعات والهيئات والمسؤولين لمواجهتها ومقاومتها.وشدد على ضرورة العودة إلى مكارم الأخلاق والشمائل الإسلامية الرفيعة،إذ هي التي ستنقذ المغرب من الهوة التي تدحرج فيها. الدكتورأحمد الريسوني:الحركة الوطنية كانت تسعى إلى تحرير الإنسان قبل تحرير الأوطان الدكتور أحمد الريسوني عبر عن سعادته بالمشاركة في هذه الندوة والأمسية التي تحتفي بشخص الأستاذ المجاهد أبو بكر القادري، وشكر مجلة الفرقان وصاحبها، الدكتور سعد الدين العثماني، ووصف الكتاب بأنه وثيقة مركزة وبيان حاسم في حكم تحريم الخمر، وذكر أن عامة المغاربة وحتى الذين يعاقرون الكؤوس الخبيثة يعرفون ذلك، إلا الذين انسلخوا من الدين عن وعي وإرادة وهم قلة. وأضاف أنه من خلال استقراء تام عن الكتب ودواعي تأليفها وجد أن الكتب التي تكتب لحاجة ماسة إليها هي التي تبقى وتدوم، وكتاب "الخمر آفة خطيرة على المجتمع" واحد منها. ووصف الكتاب أيضا بأنه وثيقة إصلاحية صدرت من رجل وطني، يصف حال المجتمع المغربي، والمجتمع الإسلامي الذي كانت تريده الحركة الوطنية الإصلاحية، وذكر أن هذه الحركة "هي حركة إسلامية في كل شيء، كانت تسعى إلى تحرير الإنسان قبل تحرير الأوطان، وهي معركة لا تزال قائمة مثلما كانت قائمة في الثلاثينيات والأربعينيات. وقال الدكتور أحمد الريسوني «إن هذا الكتاب جعلني أقول ما أشبه الليلة، فقد كان المستعمرون الفرنسيون يقولون، هذه الخمر ليست للمسلمين، بل هي للفرنسيين وللمعمرين، وهذا المنطق لا يزال يقال لنا لحد الآن، فعندما نتحدث اليوم عن طوفان الخمر الذي يغرق المجتمع، يقول لنا المسؤولون، هذه الخمر ليست للمسلمين، بل هي للسياح الأجانب، في حين أن الجميع يعرف أن السياح الأجانب لا يشربون إلا 5% من وديان الخمر المتدفقة المعروضة، وأن 95% يشربها المسلمون المغاربة». واستشهد الريسوني بمثال طريف يوجد في سطر أو سطرين من كتاب أبي بكر القادري، يعرج فيه على قصة شاحنة كانت تحمل الخمر إلى قرية مغربية كل مرة في الأسبوع، ولما خرج الفرنسيون، أصبحت تستقبل القرية المغربية شاحنة في كل يوم، وبما أن الكتاب ألف منذ عشرين سنة، فإن صاحبه الجليل يقول، إن هذا وقع قبل عشر سنوات من التأليف، ودعا الريسوني الحاضرين إلى الحساب لمعرفة عدد الشاحنات التي تذهب اليوم إلى القرى المغربية للتخدير والتخمير، إلى جانب الدراسات المنهجية لكيفية تخمير المجتمع المغربي، والدخول إلى مطابخه وموائده عن طريق المرأة، وما افتتاح خمارة خاصة بالنساء في الرباط العاصمة، إلا بداية لذلك. الأستاذ محمد يتيم:ندعو إلى جبهة عريضة من أهل الخير والصلاح لمقاومة هذه الآفة الأستاذ محمد يتيم، رئيس تحرير جريدة «التجديد» وإن لم تدعه المنصة إلى امتطائها إلا قبيل انطلاق أشغالها، إلا أنه عبر عن سعادته بالمشاركة في الاحتفاء بالأستاذ المجاهد أبي بكر القادري، وفي مقاومة الخمر ولوبياتها، وقال في معرض حديثه «كفى أهمية لهذا الكتاب الصغير الحجم الكبير في مضمونه، أن يكون قد تناول قضية من أكبر القضايا التي شن عليها القرآن الكريم حملة متدرجة وطويلة لاستئصالها من المجتمع العربي، خاصة وأن الكتاب العزيز ربط بين رجسها ورجس الأوثان». ودعا بدوره إلى تكوين جبهة عريضة من أهل الخير والصلاح لمقاومة الآفة المستفحلة وإنقاذ المجتمع المغربي.دعوة الأستاذ محمد يتيم جاءت مقرونة بمواجهة قوية لجبهة الإفساد التي تنشر الإخلال بالأمن العام من خلال الترويج للخمر وبيعها علانية للمغاربة،وترك الحبل على الغارب للمخمرين والمروجين ليفعلوا ما يشاؤون،في حين يحاصر ويحاسب دعاة الأمن والسلام الاجتماعي. الأستاذ لحسن الزروالي:الدراسة الميدانية أثبتت أن الخمر كارثة اقتصادية اجتماعية وقبل أن يدعى الأستاذ المجاهد أبو بكر القادري إلى إلقاء كلمة المسك الختامية، نودي على الأستاذ لحسن الزروالي، المتخصص في دراسة الخمر، إذ أن له رسالة دكتوراه بالفرنسية في الموضوع، وفي كلمات وجيزةوبإحصاءات بليغة، أظهر الدكتور الزروالي أن الخمر كارثة من جميع النواحي، وأخبر الحاضرين بدراسات إحصائية ميدانية قام بها في المحاكم والمستشفيات والطرقات، تبين جميعا الخسائر الفادحة التي تذهب بالأموال والأرواح والأبدان والعلاقات، أدراج الرياح، ويجني ثمراتها لوبي أجنبي وداخلي نافذ بالمغرب. الأستاذ أبو بكر القادري:نحن في حاجة إلى برامج عملية ..ولا صلاح للمجتمع إلا بالوازع الديني ورغم وهن عظمه، وبلوغه من الكبر عتيا، صعد المجاهد أبو بكر القادري، في خطوات وئيدة إلى المنصة، وفي كلمات صادقة عبر حبال صوتية مرتجفة، رفع سبابة اليد اليمنى، وسبابة اليد اليسرى، والتفت عن اليمين وعن الشمال، وقال «اشترطت على الدكتور سعد الدين العثماني قبل الحضور ألا أتكلم وألا أصعد المنصة، ولكنه خالف وأبى... وإني لا أطلب منكم مديحا ولا تحية.. ولكن أطلب دعواتكم الصالحة.. وأقول لكم إن المجتمع المغربي في تطور خطير، وحان الوقت لإنقاذه ببرامج عملية، يجتمع عليها الشرفاء من كل الهيئات والأحزاب.. وأضاف إن الحركة الوطنية كانت إسلامية، ويوم انحرفت عن صفتها الإسلامية، بدأ المجتمع المغربي في الانحدار، ولا يمكن إصلاحه اليوم إلا بإحياء الوازع الديني، إذ هو الوحيد القادر على إنقاذه. حسن السرات