ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس, مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل, عشية اليوم الثلاثاء بالقصر الملكي بمراكش, درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية. وألقى هذا الدرس بين يدي أمير المؤمنين الأستاذ محمد هيثم الخياط كبير مستشاري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق الأوسط, تناول فيه بالدرس موضوع "الإسلام والوقاية من الأمراض", انطلاقا من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "لا يورد ممرض على مصح". واستهل الأستاذ هيثم الخياط درسه بالتذكير بالقرار الأخير للمجلس الأوروبي للإفتاء بخصوص وباء "أنفلونزا الخنازير", والذي أكد فيه المجلس أنه لا يرى مسوغا لأي فتوى لتثبيط همم العازمين على أداء مناسك الحج والعمرة لهذا الموسم, وذلك في ضوء الإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات السعودية. وبعد ذلك شدد الأستاذ هيثم الخياط على أن حفظ الصحة, من حيث هو شرط لازم للحفاظ على الحياة, مسؤولية كبرى أمام الله عز وجل لأن "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة أن يقال له (ألم أصح لك جسمك)", مشيرا إلى أن الإسلام ما فتئ يلفت النظر إلى هذه نعمة العافية وينبه إلى أن كثيرا من الناس يخسرون الخسران المبين لعدم اكتراثهم لها. وأكد المحاضر أن نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل إليه إلا بصحة البدن والوقاية, مضيفا أنه لأجل ذلك جعل الإسلام الصحة في المقام الأول وحث على رعايتها والقيام بكل ما يبقيها ويعززها, موردا, في هذا الصدد, العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وفي مقدمتها الحديث المتفق عليه "إن لجسدك عليك حقا". ومن حقوق الجسد على الإنسان, يوضح المحاضر, الحق في الطعام والنظافة والحماية والوقاية والمداواة وأن لا يكلفه ما لا طاقة له به, مبرزا أن حق المحافظة على الصحة يستمد من أمرين فطريين يتعلق الأول بالحفاظ على التوازن في كل الأمور, منبها إلى أن الإخلال به يمكن أن يؤدي إلى أوخم العواقب, في حين يرتكز الأمر الثاني على أن الأصل في خلقة الإنسان هو السواء وذلك مصداقا لقوله عز وجل "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم وأشار الأستاذ هيثم الخياط إلى أن حفظ الصحة يكون بأمرين اثنين يهم أحدهما ما يقوم أركانها ويثبت مراعاتها, والثاني ما يدرء عنها الاختلال الواقع أو المتوقع, مضيفا, في هذا السياق, أن الإسلام أكد على عدد من التدابير والإجراءات ذات الطابع التعزيزي والوقائي لحفظ الصحة. فبخصوص التدابير التعزيزية, أوضح المحاضر أنها تشمل كل ما يحافظ على صحة الإنسان ويزيد من رصيده الصحي, مبرزا أن الدين الحنيف يعتبر أن التقصير في ذلك نوعا من العدوان, وأنه إذا كان تحريم الطيبات عدوانا على الصحة فإن الإسراف كذلك هو عدوان عليها, مذكرا بالقواعد الصحية التي ينبغي سلوكها واتباعها تأسيا بالسيرة النبوية. وكما أن الإسلام يحث على حفظ المسلم لصحته وعدم إذاية نفسه, فإنه لا يحل للمسلم أن يضار غيره كما لا يحق له أن يؤذي نفسه وأن يعرض غيره للعدوى وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار", وكل ذلك, يقول المحاضر, يندرج في مجال التدابير الوقائية التي أكد عليها الدين الإسلامي. وفي أعقاب هذا الدرس, تقدم للسلام على أمير المؤمنين الأستاذ محمد هيثم الخياط, والأستاذ محمد المامون فاضل امباكي داعية ومربي للطريقة المريدية بالسنيغال, والأستاذ الطالب أخيار بن الشيخ ماء العينين عضو هيئة الرقابة الشرعية بالبنك الإسلامي بنواكشوط (موريتانيا), والأستاذ سيف بن راشد الجابري مدير إدارة البحوث بدولة الإمارات العربية المتحدة.كما تقدم للسلام على أمير المؤمنين الشيخ أبو بكر فوفانا شيخ الأئمة بكوت ديفوار, والأستاذ أحمد تشيرلو درامي رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بغامبيا, والأستاذ حسن الشافعي من علماء الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية, والأستاذ ضياء الحق يوسف زئي عميد مؤسسة الدراسات الإسلامية بالجامعة الوطنية للغات الحديثة بإسلام أباد (باكستان), والسيد خالد المذكور أستاذ بكلية الشريعة بجامعة الكويت, والأستاذ حامد محمد علي رئيس الفيدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية بسبتة, والأستاذ عمر البوستاوي إمام بمسجد عمر بن الخطاب بمليلية, والأستاذ محمد رشيد لحلو رئيس جمعية الإغاثة الإسلامية بفرنسا من الجالية المغربية المقيمة بالديار الفرنسية, والسيدة زكية زوانات دكتورة في الانتروبولوجيا والتي قدمت لجلالة الملك الكتاب الذي ألفته باللغة الفرنسية تحت عنوان "مملكة الأولوياء" والذي يتطرق إلى موضوع التراث الصوفي وتاريخ الأولوياء الصالحين وخارطة تواجدهم داخل المملكة المغربية.