إن من أغراض هذه الندوة كما يدل على ذلك عنوانها: التأكيد –من جهة- على ضوابط الفتوى الشرعية فهما وتنزيلا ومآلا باعتبارها تدينا، والإسهام في بناء وعي وثقافة الفتوى مقرونة بضوابطها الشرعية والمؤسسية تنآى بها عن الجراءة المجاوزة للجد أو الاستعمال المنفلت من ضوابطه ومقوماته العلمية التي قد تبتعد بها عن روح ومقاصد الشريعة المبنية على التيسير ورفع الحرج أمام تعدد وتنوع المنابر واختلافها، وكذا عن الثوابت والاختيارات المعمول بها في البلد ومن جهة أخرى التأكيد على كون الفتوى معاصرة لزمانها ومكانها، معتبرة لواقعها ونوازله ومستجداته في الحقول والمجالات المختلفة، مما يقتضي تحيينا مواكبا واجتهادا مضطردا في فقه تنزيل الأحكام الشرعية المعادل لفقه الأحكام نفسها بما يضمن توجيه حياة الجماعة المسلمة وتأطير حركتها المجتمعية ضمن ثوابت الشرع وأصوله. ومن الخلاصات العامة التي يمكن تقريرها في هذا السياق، ما يلي: - التأكيد على أن الإفتاء ضرب من الاجتهاد وعقد بين العالم والأمة في إطار النصح والتوجيه والإرشاد؛ - ضرورة استناد الفتوى إلى أصولها وضوابطها وقواعدها الشرعية التي تسدد وترشد هذا العمل في إطار كليات الدين القائمة على جلب التيسير ورفع الحرج والتوسط والاعتدال في الأمر كله؛ - ضرورة تأسيس الفتوى على أصول المذهب المالكي المستوعبة واختيارات مجتهدي المذهب وأعلامه النيرة والغنية في هذا الباب؛ - ضرورة حسن استعمال الفتوى كسلطة معنوية درءا للمفاسد وجلبا للمصالح التي تعود بالنفع على الأمة وعلى الأفراد فيها؛ - اعتبار الفتوى على الدوام وسيلة تحصين وصيانة ثوابت الأمة واختياراتها والدفاع عن وحدتها ولحمتها ضد خصومها وأعدائها، وحماية قيمها من مظاهر الاستيلاب العقدي والفكري والسلوكي؛ - ضرورة الأخذ، بعين الاعتبار، في سياق علاجي، تيارات الإفتاء المتشددة التي تضيق ما وسع الله وتحرم ما أحل وأباح، وكذلك تيارات التحلل من ضوابط الفتوى ومستنداتها الشرعية؛ - استيعاب الفتوى للأولويات واعتبارها للمآلات في نطاق الأصول الشرعية في علاقتها بالواقع والمتغيرات أثناء التنزيل وبعده في المحيط الخاص والعام؛ - اضطلاع الفتوى بمهمة الملاءمة مع قضايا الشأن العام الكبرى في علاقتها بالاجتهاد؛ - ضرورة اعتبار أهمية الفتوى الجماعية لما تتيحه من فرص التشاور والاستنارة بالتخصصات المختلفة ومن قوة وحجية الدليل والعمل المؤسسي المنظم والضابط لها عبر التاريخ؛ - ضرورة اعتبار مكونات الساحة الوازنة والمؤثرة في قضايا الإفتاء العام والمكاسب المتحققة في التقدم والتنمية الاجتماعية والمدنية؛ - التنبيه إلى مخاطر الإفتاء العام من خلال المنابر الإعلامية، الذي لا يراعي خصوصيات في الأعمال والأعراف والبلدان المختلفة، فيفسد أكثر مما يصلح ويعسر أكثر مما ييسر؛ - الاحتراس من السائلين الذين يستصدرون من الفقهاء الفتاوى التي يرغبون فيها؛ - ضرورة الاهتمام بفتاوى الجالية وخصوصياتها في البلدان الأجنبية لما يفضي إليه الانحراف فيها، تضييقا وتشديدا، من التشنيع على الإسلام والمسلمين في الغرب بمختلف الصور والأساليب؛ - إيلاء ما يجب من العناية والاهتمام بفتاوى الأسرة وقضايا المرأة ومشكلاتها المختلفة والتحديات التي تواجهها بما يحفظ على هذه النواة كيانها الذاتي ودورها في بناء وتنمية المجتمع.