قتل شخص وجرح العشرات في تجدد الاشتباكات المذهبية في مدينة غرداية جنوبالجزائر، حيث لم تدم الهدنة المعلنة بين السكان العرب الذين يتبعون المذهب المالكي، والسكان الأمازيغ الذين يتبعون المذهب الإباضي سوى أسبوع واحد، لتندلع المواجهات الدامية داخل أحياء غرداية ليلة الأربعاء الماضي. وأدت الاشتباكات الليلية إلى سقوط قتيل لا يتجاوز 20 من عمره، بعد تعرضه لضربات في الرأس فيما أصيب العشرات بجروح متفاوتة الخطورة. وأفاد شهود عيان من المدينة بقيام ملثمين بإغلاق الطريق الرئيسية الرابطة بين بلديتي غرداية والضاية، والهجوم على السيارات، حيث انهالوا بالضرب على السائقين. وأجهزت أعمال الشغب والاشتباكات المتصاعدة بين مجموعات من الشباب تنتمي إلى الطرفين على عدد من المنازل التي تم تخريبها وحرق ونهب عدد من المحال التجارية، تجاوزت 50 بين منزل ومحل تجاري وفق شهود عيان. وفي هذا السياق اضطرت معظم المحال التجارية في وسط المدينة إلى غلق أبوابها. مناشدة السلطات الأمنية وسارعت قوات مكافحة الشغب إلى الانتشار في الأحياء المتوترة، وقامت بملاحقة الأشخاص المشاغبين، وأطلقت وابلاً من القنابل المسيلة للدموع. وطالب أعيان غرداية، عقب تجدد التوتر في أحياء المدينة، السلطات الأمنية بالإسراع في ضبط الأمن، ومنع انزلاق الأوضاع إلى حالة يصعب السيطرة عليها. وأخفقت قوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الاشتباكات في ضمان الأمن والاستقرار في المدينة الواقعة على بعد 600 كلم جنوبالجزائر العاصمة ، ما أدى إلى موجات من نزوح لسكان أحياء المدينة المشتعلة إثر التصعيد المتواصل. حسابات السلطة في هذا الصدد، يرى الكاتب والصحفي عبد الوهاب بوقروح من الجزائر العاصمة، أنه أولا يجب الإشارة إلى مسؤولية الدولة الجزائرية متمثلا في الحكومة والسلطات المدنية والعسكرية، والشيوخ والنخب الموجودة في المنطقة، حيث لم تقم السلطات بالدور المطلوب منذ سنوات طويلة نظرا لانشغالها بأمور أخرى بالعاصمة خاصة الصراع المحتدم حول الانتخابات الرئاسية، وتركت الوضع يصل إلى هذه الدرجة من الخطورة بالمدينة. وأضاف بوقروح في تصريحات لوسائل إعلام، أن حقيقة الأمر على الأرض هي وجود صراع حقيقي بين المذهبين المالكي والإباضي، فالبعض من الإباضية يقولون بأنهم يتعرضون لمحرقة، لكن المالكية أيضا يتعرضون بدورهم لاعتداءات متكررة على أيدي مجهولين وأشخاص يدعون أنهم يمثلون المجتمع المدني، ما يجعل من عدم تدخل السلطة بين الجانبين لتهدئة الأوضاع ينذر بمزيد من المشاحنات القاتلة.