كلما حاولت أوروبا من خلال إسبانيا تشديد الخناق على الهجرة السرية البحرية المتدفقة عليها من دول جنوب الصحراء، وتحديداً عبر المنافذ البحرية بمناطق البوغاز، والبوران، والخالدات.. إلاّ وتنوعت وسائل (العبور)، واشتد الإقبال، وارتفعت أرقام المغامرين بحياتهم من الرجال والنساء والحوامل والأطفال والرضع.. وإذا كانت عمليات تهريب البشر ما بين مولاي بوسلهام، والعرائش، وطنجة، والقصر الصغير، وسبتة السليبة، ووادي لو، قد تراجعت نسبياً بسبب خطورة التقلبات المناخية بمنطقة البوغاز.. فإن الحريك المتواصل، وبالشكل الجماعي بمنطقة البوران بالبحر الأبيض المتوسط (مابين الحسيمة والناظور بشمال المغرب، وبين ألميريا ومُوتْريل بجنوبإسبانيا)، يعود للصدارة، وهو ما تؤكده حالات ضبط الزوارق المكدسة بأجناس بشرية، جلها من دول جنوب الصحراء، من ضمنهم أطفال ونساء حوامل.. والملاحظ أن الحريك الجماعي، ليس خافياً على عيون وآذان المسؤولين في مناطق تهريب البشر والمخدرات، وأن انطلاق مجموعة يتجاوز عدد أفرادها المائة من الرجال والنساء والأطفال وفي رحلة واحدة وعلى متن زورقين من السواحل التي تحرسها وتراقب تحركاتها بالليل والنهار عناصر مسلحة والتي لا تسمح لأي (طَيْف) من الاقتراب ليلاً بالشواطئ ، يعني أن هناك خللاً أمنيا حدودياً بحرياً، وإن لم يكن إهمالاً، أو تقصيراً، فهو بشكل أو بآخر، نوع من التواطؤ. ليس إلاّ.. وللإشارة ، فإن الصورة المرفقة، هي لمجموعة (103) من الحراكة الذين تم ضبطهم على متن زورقين بمنطقة بحر البوران، وقد تدخلت لإنقاذهم ونقلهم بحراً، باخرة إنقاذ تابعة للحرس المدني الإسباني، وخافرة حربية برتغالية تعمل في مياه المتوسط، ضمن وحدات الوكالة الأوروبية (FRONTEX).. وبالمناسبة أيضاً، فإن وصول دفعة (103) من الحراكة الى (مُوتْريل) انطلاقا من (شمال شرق المغرب) تزامن مع الملتقى المغربي الإسباني المنظم بالمغرب حول تهريب البشر والمخدرات، وهي نفس (الصدفة) التي تزامنت مع اكتشاف (50) حراكا بعد انطلاقتهم من ميناء طنجة و (افتضاح) أمرهم ببرشلونة...