تتشعب وتتشابك قضية محاربة الرشوة في المغرب يوما بعد يوم سواء في الواقع عبر التزايد المستمر لهذه الآفة، أو بالنظر إلى الأطراف المتدخلة للحد منها، منذ أن قدمت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة أجوبتها على ملاحظات جمعية «برلمانيون مغاربة ضد الفساد» بخصوص مسودة القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، حتى آخر مبادرة في هذا الاتجاه لحكومة عبد الإله بنكيران الخاصة بإطلاق طلبات عروض لاختيار خبراء في مجال الرشوة وذلك لإنجاز دراسات في هذا الميدان. وانتقدت مصادر عليمة الحكومة لإطلاقها حملات تحسيسية من خلال وصلات إشهارية على القنوات العمومية، معتبرة هذه العملية سابقة لأوانها وموضحة أن الجانب التحسيسي على أهميته يدخل في إطار المستوى الأخير للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة. وأكدت المصادر ذاتها لجريدة «العلم» أن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة سيكون لها ما يكون في نهاية العمل وأنها ستقوم بعملها على أحسن وجه خاصة حين يتم الإعلان على نهاية إعداد هذه الاستراتيجية من خلال تقييم النتائج المتوصل إليها وتقييم تنفيذ الحكومة لهذه الاستراتيجية. واعتبرت الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة أولى الأولويات، وأكدت على ثلاثة مستويات أساسية لتكون هذه الاستراتيجية متكاملة ومندمجة، مشيرة إلى الجانب الزجري والجانب الوقائي والجانب الأخير هو التحسيسي، وقالت إن هذه الجوانب الثلاثة هي المعايير الدولية في كل تجارب العالم لمحاربة هذه الآفة، وأفادت أن الحملات التحسيسية تأتي بعد استكمال الوسائل الوقائية. وإن كانت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة تؤكد على ثلاثة م مستويات لإعداد الاستراتيجية الوطنية، فإن عبد العظيم الكروج الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة كشف في تصريح صحفي على أربعة محاور للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، أول هذه المحاور التقييم والتشخيص وثانيها تحديد الأهداف والتوجهات والمرحلة الثالثة وضع نظام حكامة والرابعة تقتضي تفعيل البرامج. وصلة بالموضوع فقد نشرت ترانسبارنسي الدولية في يوليوز الماضي نتائج البارومتر العالمي للرشوة لسنة 2013، أكدت أن النتائج المحصل عليها بالنسبة للمغرب منذرة بالنسبة لجل القطاعات تقريبا، وتعتبر الصحة والشرطة (بنقطة 2،4 على 5) من القطاعات الأكثر تضررا، وتعتبر الإدارات العمومية بنقطة (1،4 على 5) والنظام القضائي (4 على 5) والمنظومة التربوية (3.7 على 5) أكثر القطاعات فسادا، وأوضحت ترانسبارنسي الدولية أن 60% من المستجوبين في المغرب أعلنوا استعدادهم للانخراط في تحركات لدفع الحكومة على عمل جدي ضد الرشوة وذلك عبر مظاهرات سلمية وعرائض.