توجت عملية عالمية غير مسبوقة أشرفت عليها المنظمة العالمية للجمارك ، بداية أبريل الماضي لمكافحة المنتجات التي تهدد صحة و سلامة المستهلكين في 23 دولة إفريقية من بينها المغرب بحجز مليار من المنتجات المشبوهة من بينها 550 مليون جرعة من الأدوية و المستحضرات الصيدلية غير المشروعة تناهز قيمتها 275 مليون دولار أمريكي ، و تهم أساسا مضادات حيوية و مسكنات آلام و عقاقير طبية لمعالجة أعراض السكري و الضغط الدموي فضلا عن مكملات غدائية مزيفة أو مشبوهة المصدر . و بالنسبة الى المغرب يشكل الدواء المزيف أو المزور هاجسا رئيسيا بالنسبة للمهنيين و لسلطات الرقابة و إن كانت الظاهرة لا تأخذ حجما بالخطورة الذي تشهده في مناطق أخرى من العالم و خاصة بافريقيا و أوروبا . و يؤكد الدكتور إدريس بوشنتوف عضو رابطة اصيادلة الاستقلاليين أن رقم معاملات الأدوية المزورة أو المقلدة يمثل في أوربا ما بين 8 الى 10 في المائة من مجموع مبيعات الأدوية و يحتل مساحات واسعة في المعاملات التجارية التي تجرى أساسا عبر شبكة الانترنيت و يضيف أن هذه النسبة ترتفع الى 80 في المائة في حالة دول إفريقية كنيجيريا مستحضرا أن رقم معاملات الأدوية المغشوشة قدر بأزيد من 44 مليار أورو خلال سنة 2011 . و بالنسبة لحالة المغرب و على الرغم من المساطر المشددة لتوزيع و بيع الأدوية و المستحضرات الصيدلية ، فإن المصدر ذاته يقدر بأن حوالي 20 في المائة من الأدوية التي تروج في المغرب خارج سلسلة الصيدليات المعتمدة مزيفة أو مزورة و لا تستجيب لمواصفات السلامة الصحية . و تعتبر الحدود المغربية المشتركة مع الجزائر و المعابر الحدودية لشمال المملكة مصدر دخول حصص هامة من الأدوية المقلدة أو المنتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات المطلوبة لحودة التصنيع و شروط التوزيع و الخزن . و توجد بالمغرب سوق موازية نشيطة لترويج الأدوية المغشوشة بجل المدن الكبرى في غياب سياسة دوائية تسمح لمختلف الشرائح الاجتماعية من الولوج المنصف و العادل لمنظومة العلاج و أيضا بسبب غلاء الأدوية و واقع الاحتكار الذي يدفع المواطنين الى اللجوء للأدوية المعروضة بأسواق التهريب و دكاكين البقالة التي تحولت الى موزع غير قانوني لمستحضرات صيدلية واسعة الاقبال . وقد وقع المغرب في دجنبر من السنة الماضية على"اتفاقية محاربة تزويرالمواد الطبية والمخالفات المماثلة المعروفة باسم "ميدي كرايم" ، والتي تعد أول اتفاقية دولية تهدف إلى تجريم تزوير أو تقليد الأدوية وارتكاب جرائم مماثلة بغاية حماية الصحة العمومية. و قد رحب منسق الاتفاقية عن مجلس أوربا كريستيان بارثولين بالجهود التي بذلها المغرب على الصعيد الوطني لتنسيق أنشطة مختلف الهيئات المسؤولة عن مراقبة جودة ومشروعية الأدوية في السوق_ بما في ذلك وزاراتي الصحة والداخلية . مشيرا إلى أن المرضى أضحوا واعين على نحو متزايد بخطورة الأدوية التي يتم اقتناؤها خارج الإطار القانوني. كما سجل المسؤول الأوروبي أن المغرب منخرط في التعاون الدولي كعضو في شبكة المختبرات الرسمية لمراقبة الأدوية ، مما يسمح له بتبادل المعلومات حول الأدوية المشتبه بتزويرها. وتمثل هذه الشبكة التي أحدثت بمبادرة من مفوضية الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا نمطا جديدا من التعاون في مجال مراقبة جودة الأدوية ذات الاستخدام البشري والبيطري. ووفقا لآخر تقديرات مجلس أوروبا فان مبيعات الأدوية المزورة على الصعيد العالمي ، تفوق 57 مليار أورو ، بعد أن تضاعفت ما بين 2005 و 2010.