سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لطفي: أداء الحكومة ضعيف في مواجهة ترويج الأدوية المزورة والمغشوشة قال إن الفقراء لا يجدون حلا سوى التوجه نحو الدواء الرخيص المتواجد في الأسواق أو عند «العطارة»
- كيف تنظر الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة إلى موضوع الأدوية المهرّبة والمزورة؟ يمكن القول إن إستراتيجية الحكومة في مواجهة استعمال وبيع وترويج أدوية مزورة ومغشوشة ضعيفة جدا، إن لم نقل منعدمة، والمسؤولية لا تقع على عاتق وزارة الصحة وحدها، بل هناك عدة جهات تتقاسم مسؤولية حماية المواطن ضد هده المواد السامة، وبالتالي فالظاهرة في تزايد وبشكل مخيف لاعتبارات متعددة، منها ضعف القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من المواطنين، مقابل غلاء الدواء، وبالتالي فلا حل للفقراء وذوي الدخل المحدود إلا التوجه نحو الدواء الرخيص، الذي يوجد في الأسواق وعند بعض «العْطّارة».. أو تناول واستهلاك الأدوية واستعمال المستحضرات رخيصة الثمن، والتي يتم اقتناؤها من الأسواق والدكاكين، وهي تفتقر إلى الكثير من مواصفات السلامة الدوائية والعلاجية، وتطال عدة أصناف من المستلزمات الطبية والعلاجية والأدوية والمستحضرات الصيدلانية والتجميلية والمُعدّات واللوازم الطبية العلاجية والجراحية والعدسات اللاصقة والعازل الطبي وأدوات تشخيص أمراض القلب ووسائل قياس نسبة السكري في الدم وأجهزة التنفس والأكسجين، وأدوات الحقن، وأدوات الجراحة.. وغيرها من المواد الطبية والمستحضرات الصيدلانية والتجميلية، وخاصة المضادات الحيوية ومضادات الطفيليات والهرمونات والكورتيزون وأدوية تتعلق بالعجز الجنسيّ، مثل «الفياكرا».. فقد أضحت العقاقير الخاصة بالأمراض النفسية والجنسية مجالات مربحة للبعض، ويتم ترويجها واستعمالها في السوق الوطنية بشكل كبير.. فلوبيات التهريب لمواد الغذائية أضحت، هي الأخرى، تتاجر في المواد والأدوية المغشوشة والمزورة، التي يتم استهلاكها بشكل مخيف، رغم رداءتها وعدم مطابقتها للمعايير والمواصفات الدولية والعلمية. - كيف تصديتم للأوكسجين المهرّب الذي استفادت منه مستشفيات عمومية؟ لم يتوقف الأمر عند ترويج وبيع أدوية ومستحضرات صيدلانية وتجميلية مزورة ومغشوشة، بل وصل الأمر إلى حد التزوير والغش في مادة الأوكسجين، التي تستعمل لأغراض طبية. وقد سبق للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أن دقت ناقوس الخطر بعد توصلها من الجمعية المغربية للغازات الصناعية الطبية ببلاغ تنبه فيه السلطات العمومية والصحية إلى موضوع الترويج لمادة الأكسجين الطبي، التي لا تخضع للمواصفات وللمعايير والطبية والعلمية المطلوبة، وهي مزورة وتباع وتزود بها بعض المستشفيات العمومية وبعض المصحات الخاصة.. وقد طالبنا وزارة الصحة، حينها، بالتدخل السريع لإيقاف النزيف، لخطورة ما يجري، وأصدرنا حينها بلاغا في الموضوع للرأي العامّ، وطالبنا بخلق مؤسسة وطنية مستقلة لمراقبة سلامة المواد الغذائية والأدوية والدم ومشتقاته، ككل دول المعمور التي تحترم حقوق الانسان وتضع حياة البشر فوق كل اعتبار.. وحذرنا من أن ما يقع اليوم من تسيّب وفوضى وغياب للمراقبة المستمرة لجودة وسلامة هذه المُعدّات واللوازم الطبية تشكل خطورة كبرى على حياة المواطنين وتعتبر من الأسباب الرئيسية لارتكاب أخطاء مهنية أثناء العمليات الجراحية وفي انتقال العدوى والتعفنات داخل المستشفيات والمصحات الخاصة. وبحكم ارتباطنا بالقطاع الصحي لا يمكننا إلا أن نؤكد أن المراقبة الحقيقية والمنظمة لتوزيع مادة الأوكسجين الطبي وجودته ومدى احترامه المواصفات الطبية تظل مفقودة لكون المستشفيات العمومية لا تتوفر على تقنيات ومختبرات وأطر وكفاءات متخصصة للمراقبة.. إنها «سوق» مفتوحة على كل الاحتمالات حتى داخل المراكز الاستشفائية الجامعية، التي تستهلك كميات كبيرة من هذه المادة. وحتى لا يقال إن المستشفيات العمومية تتوفر على «مناعة» من تسريب مُعدّات أو أوكسجين طبي مغشوش أو أدوية متهيئة الصلاحية، نذكر هنا الفضيحة المدوية التي فجّرها وزير الصحة نفسه عندما حل بالصيدلية المركزية في برشيد ووجد 250 طنا من الأدوية منتهية الصلاحية وقدّر غلافها المالي ب150 مليون سنتم.. علاوة على أن جل المستشفيات العمومية والمندوبيات الصحية في المغرب تتوفر على مخازن فيها أطنان من الأدوية منتهية الصلاحية أحيانا يتم استعمالها بعد شهرين أو أكثر من نهاية صلاحيتها.. فلا تحقيق ولا مساءلة.. إنها أموال الشعب تهدَر بدون وجه حق وعشرات الآلاف من المواطنين المرضى محرومون من الحصول على الدواء في الوقت المناسب وبالكمية والجودة المطلوبتين، مما يتسبب في ارتفاع نسبة الوفيات العامة في بلادنا نتيجة الأمراض المختلفة، المُعْديّة والمزمنة. - كيف فقد بعض المواطنين الثقة في جودة الأدوية الموجودة في الصيدليات؟ لا يمكن الحديث عن فقدان الثقة في جودة الأدوية إلا في حالات معزولة، وغالبا ما تكون نتيجة سوء تشخيص المرض وتناول أدوية غير ملائمة مع المرض والعوارض المرضية.. أما جودة الدواء، فإن المغرب -حسب المختبر الوطني لمراقبة الأدوية- حصل على اعتراف وعلامة الجودة من المنظمة العالمية للصحة، رغم وقوع بعض التجاوزات عند مختبرات أو صيادلة معزولين، كفضيحة سطات، التي كان «بطلَها» صيدليّ يبيع أدوية مغشوشة ومزورة ومنتهية الصلاحية والذي تم تقديمه للقضاء.. لكن السبب الرئيسي في ضعف استهلاك الأدوية التي تباع في الصيدليات راجع، من جهة، إلى الغلاء والارتفاع غير المقبول والفاحش لأسعار الأدوية في المغرب مقارنة مع دول بالمستوى الاقتصاديّ نفسه، وحتى مقارنة مع بعض الدول المصنعة، ونظرا إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطن المغربي، علاوة على ضعف التغطية الصحية، من جهة ثانية، والدليل على ذلك أن عددا كبيرا من الصيدليات تتعامل مع المرضى من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والفقراء بطريقة «الكريدي» حينما يصعب عليهم أداء فاتورة الدواء ولا يثقون في الطب البديل أو التداوي بالأعشاب. فالخطر نفسُه يهدد اليوم مجال الصيدلة في المغرب ومصالح أصحابها، حيث أسس الصيادلة، يوم السبت الماضي في الدارالبيضاء، ائتلافا جديدا يحمي مهنتهم من التجاوزات، بعد أن بلغ إلى علمهم أن شخصا أسّس شركة لتوزيع الدواء على المواطنين في منازلهم في الدارالبيضاء.. وقرروا تنفيذ وقفة احتجاجية يوم 13 فبراير 2013، وهي وضعية تعبّر عن حالة «التسيب» الذي أصيب به هذا القطاع الحيويّ، مما دفع الصيادلة إلى التكتل في جبهة موحدة ضد ظاهرة الغش والتزييف في الأدوية والمواد والمُعدّات الطبية والصيدلانية ومستحضرات التجميل، التي أصبحت تشكّل خطرا على النظام الصحي الوطني لما لها من آثار مباشرة على صحة الإنسان وعلى مهنتهم المنظمة بالتشريعات والقوانين الملزِمة. - لماذا تبقى اسعار الأدوية في فرنسا أقلّ من نظيرتها في المغرب بنسب تتراوح ما بين 20 و70 في المائة أجل، إنها الحقيقة الساطعة التي أكدتها كل الدراسات وأجمعت عليها التقارير الوطنية والدولية، وآخرها تقرير أكبر مكتب دراسات دوليّ أمريكي أنجِز لصالح وزارة الصحة، وتم تبني النتائج نفسها من طرف المنظمة العالمية للصحة، التي تؤكد ارتفاع وغلاء أسعار الأدوية في المغرب بفوارق جد شاسعة مع دول بالمستوى الاقتصاديّ نفسِه، كتونس والأردن ومصر وبعض الدول الصناعية كفرنسا، التي أشرت إليها. وقد اعتبر وزير الصحة المغربي أنه قام بتخفيض أسعار حوالي 320 دواء في نهاية سنة 2012، رغم «هزالة» العملية، والتزم بتخفيض أثمنة 1000 دواء جديد سنة 2013، رغم أن حجم السوق الوطنية يفوق أو يعادل 7000 دواء تختلف أثمنتها حسب الشركة المصنعة، رغم أنه الدواء نفسَه يحمل علامة تجارية مختلفة فقط.. ونحن في انتظار تنفيد ما التزمت به وزارة الصحة بخصوص تخفيض أسعار الأدوية ومراجعة وإصدار قانون جديد يتعلق بتحديد أسعار الأدوية وهوامش ربح للصيدليات لتحافظ على توازنها الاقتصاديّ.. إننا، اليوم، أمام معاناة المواطنين مع ارتفاع أسعار الأدوية وأمام الصعوبات التي يتحملها ويعاني منها الصيادلة في المغرب، باعتبارهم عنصرا فاعلا وأساسيا في المنظومة الصحية، لكون عدد كبير منهم يلعبون دور الطبيب والصيدلي، لأنك لن تجد أحيانا طبيبا أو ممرضة في بعض المناطق النائية، ولكنك ستجد دائما صيدليا أو مساعدَ صيدلي ليقدم لك وصفة علاج للتخفيف من حدة الألم، وأحيانا العلاج من أعراض مرض ما.. فالمستفيد الأكبر من كل هذه العملية المربحة والريعية في بلادنا، وبامتياز، هي شركات صناعة الأدوية متعددة الجنسية، التي تستنزف جيوب المواطنين وبتواطؤ سياسي مكشوف يحمي مصالحهم على حساب آلام المرضى..
علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة