مواطنون يلجؤون إلى أدوية فاسدة، مزورة ومستنسخة، مهرَّبة من الجزائر، في ظل ارتفاع أسعار الأدوية المغربية الرسمية، ومروجون «تفقهوا» في علم الأدوية وحفظوا عن ظهر قلب أسماءها، بل برعوا في معرفة أنواع الأمراض وأعراضها وتحوّلوا إلى «أطبّاء» و»صيادلة» بفعل ممارسة التجارة في الأدوية المُهرَّبة من الجزائر، التي عجزت عن التخلص من عشرات الأطنان الفاسدة ومنتهية الصلاحية. بمجرد اقتراب أي مواطن من المدخل الرئيسي لسوق «الفلاح» في وجدة (الذي يستمد اسمه من الأسواق الجزائرية التي أنشاها الرئيس الراحل هواري بومدين في مختلف أنحاء الجزائر) تثير انتباهَه نداءاتُ واستفسارات بعض شبان المدينة المصطفين على جنبات رصيف شارع علال الفاسي عند مدخل السوق، والذين يترقبون بعض الزبناء الذين يعرفونهم حق المعرفة أو «يتفحّصون» مواطنين قد يكونون زبناء محتمَلين مصابين بمرض ما أو في حاجة إلى اقتناء دواء لهم أو لمرضاهم من أفراد أسرهم أو أقاربهم. أدوية مهربة بالتقسيط يبادر شبان، اتخذوا من تهريب الأدوية المهرّبة والمنتهية صلاحية بعضها مهنة، إلى تطويق زوار سوق الفلاح في وجدة بأسئلة من قبيل «واشْ يْخصّك شي دوا؟».. ينادون المواطنين ويستفسرونهم عما إذا كانوا يبحثون عن اقتناء أدوية مهرَّبة من الجزائر بأثمنة منخفضة عن تلك التي يتم عرضها بهل في صيدليات المدينة، بل منهم من يقدّمون النصائح ويحددون وصفة الدواء، إنْ ذكر له مواطنٌ بعض أعراض مرض ما، كما أن في إمكان هذا المواطن اقتناء حتى نصف العلبة أو جزء من محتواها... بل هناك من يقتنون أدوية تحت الطلب إنْ لم تكن متوفرة في الحال لدى هؤلاء «التّجار». «لقد صار ترويج الأدوية المهربة يتم بطريقة شبه سرية ومتخفية، بل محتشمة، خلافا لما كانت عليه الوضعية من قبلُ، حيث كانت تباع بطريقة علانية وحيث كانت الأدوية معروضة أمام الجميع، ولا يختلف الوضعان في شيء لأنّ الواقع لم يتغير».. يؤكد الدكتور إدريس بوشنتوف، عضو النقابة الجهوية لصيادلة مدينة وجدة. «تفقَّه» هؤلاء «التّجار» في علم الأدوية وحفظوا عن ظهر قلب أسماءها، بل برعوا في معرفة أنواع الأمراض وأعراضها وتحوّلوا، جراء ذلك، إلى «أطباء» و»صيادلة» بفعل ممارسة التجارة في الأدوية المهربة من الجزائر، وهو الأمر الذي يؤكده أحد الشبان حين وضح أن لا يميز الصيادلة والمشتغلين في تهريب هذه الأدوية إلا الوزرة البيضاء.. فكلّ منهما يتاجر في الأدوية، التي تحمل عُلبها أسماء وعناوين للعلاج وتتضمن وصفات توضح التركيبة الكيماوية والأمراض المستهدفة وكيفية الاستعمال بالتدقيق. «لقد أصبح سوق الفلاح يعجّ ببائعي الأدوية المهرَّبة من الجزائر، كما أصبح البائع الأمي «خبيرا» في معرفته بالدواء وصار يتاجر في الأدوية بشتى أنواعها بكل حرية».. يقول الدكتور الصيدلي توفيق اهندور، المسؤول المدير العام للتعاونية الشرقية للأدوية، موضحا في مداخلته التي ألقاها في موضوع «الجهة الشرقية بين آفة التهريب وآفاق التنمية» في معهد للدراسات العليا للتجارة والمعلوميات في وجدة، أن «بائع الأدوية المهربة أصبح يوجّه الزبون و»ينصحه» دون دراية بعواقب أفعاله ولا المضاعفات التي يمكن أن ينجم عنها استهلاك تلك الأدوية، التي لا يعلم أحد مصدرها ولا نوعيتها ولا فعاليتها... ناهيك عن ترويج الأقراص المهلوسة -القرقوبي» وتعرف تجارة الأدوية المهربة رواجا كبيرا وتشغّل مجموعة من الشباب العاطلين وحتى النساء، اللائي تمرّسن في ممارسة أنشطة التهريب المعيشية، ومنها ترويج الأدوية، كباقي السلع والبضائع المهرَّبة، من ملابس وتمور وأجبان وغيرها من المواد الاستهلاكية التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين منعدمي الدخل أو ذوي الدخل المحدود، لانخفاض أثمنة الأدوية والمواد شبه الطبية المهرَّبة بالمقارنة مع الأثمنة المغربية ولضعف قدرتهم الشرائية، والذين لا يتوفرون على التغطية الصحية غير المنخرطين في التعاضديات... إن المواطن الوجدي أو مواطن الجهة الشرقية، عموما، لا يتساءل عن فعالية الدواء الذي يقتنيه بقدْر ما يفكر في سعره عندما يكون مجبرا على اقتنائه، حيث يتعلق الأمر بصحته أو صحة فرد من أفراد أسرته، فيكون إقباله كبيرا على الأدوية المهرَّبة نظرا إلى أسعارها المنخفضة جدّا مقارنة مع الأسعار الرسمية للأدوية المغربية في الصيدليات. تباين أسعار الأدوية المهرّبة والوطنية خلصت دراسة لغرفة التجارة والصناعة والخدمات في وجدة إلى أن التباين كبير في الأثمنة بين الأدوية المهربة والأدوية الوطنية، حيث تصل نسبة الفارق إلى 23% كحد أدنى وإلى 54.6% كحد أقصى، بالنسبة إلى المواد الشبه طبية، بينما تصل نسبة الفارق بالنسبة إلى الأدوية إلى 15.2% كحد أدنى و80.7% كحد أقصى. كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة 85.7% من المواد شبه الطبية و73% من الأدوية تفوق نسبة الفرق فيها بين ثمني المنتوج الوطنيّ والمهرَّب 40 %، ثم إن أثمنة الدواء المهرب ليست مستقرة، بل يمكنها أن تنخفض إلى حدود الضعف أو الضعفين، حسب العرض والطلب، وحتى إن تغيرت نحو الارتفاع، فهي لا تصل أبدا إلى مستوى أثمنة الدواء الوطني. وأحصت غرفة التجارة والصناعة والخدمات في وجدة أكثرَ من 72 عيّنة من الأدوية والمواد شبه الطبية موضوع التهريب، التي اكتفت بدراستها، حسب ما جاء في «الكتاب الأبيض» عن ظاهرة التهريب في الجهة الشرقية، واعتبرت الرقم ضئيلا لكنه معبّر بالمقارنة مع الحجم الحقيقي لهذه المواد ومدى تنوعها في الأسواق. وقد لوحظ أن الأدوية تباع على نطاق واسع وأنها لا تخصّ أنواعا محددة من الأمراض وأن تلك القادمة من الجزائر مستنسَخة ومزورة، إضافة إلى المواد شبه الطبية التي طالتها عمليات النسخ (Contre façon) خاصة منها الواردة من إسبانيا. كما أن طريقة عرضها تختلف من سوق إلى آخر، غير أنها تبقى، في مجملها، خالية من أدنى الشروط الصحية، بسبب انعدام ظروف التخزين الملائمة. كما أن هذه الأدوية لا تخضع لمراقبة وزارة الصحة، حيث تبقى مُعرَّضة لأشعة الشمس والغبار طيلة اليوم، وهي عوامل تؤثر على فعاليتها، علما أن بعض الأدوية لا تتحمل درجات معينة من الحرارة (محلول Sirops، اللبوسات، suppositoires والأنسولين وأيضا هرمونات FSH وCH). وتؤكد غرفة التجارة أنه إضافة إلى ذلك هناك بين هذه الأدوية ما يُمنَع استعماله إلا بوصفة من طبيب مختص، كأدوية أمراض القلب والشرايين، الرأس، المعدة والرئة... اعتبارا لكون تركيبة هذه المواد حساسة ومعقدة وتتطلب دقة كبيرة في تحضيرها لتستجيب للمواصفات التي تلزم بها وزارة الصحة. وتشمل الأدوية تشكيلات مختلفة من مواد بيطرية، صيدلانية وأدوية للأمراض النفسية، وهي غالبا على شكل أقراص ومراهم. ويشار إلى أن 73.4% من المواد المحصاة هي من مصدر جزائريّ ومن مليلية عبر قنوات التهريب بنسبة 8.9% فقط من هذه المواد، وهي في غالبيتها مواد شبه طبية. وتؤكد الدراسة، المنجَزة ومن خلال تقصي الحقائق عن الأدوية المهربة، أن هناك ثلاثة أنواع من الأدوية، أولها الأدوية الواردة من قطر حدوديّ (الجزائر) والتي تكون إما مستورَدة أو مصنعة محليا وفي مختبرات معروفة، ثم الأدوية الواردة من قطر حدودي (الجزائر دائما) والتي تكون مستورَدة ولكنها، في الأصل، مستنسخة ومزورة، أو مصنعة محليا عن طريق النسخ (contre-façon) والأدوية المحلية المصنعة بطرق النسخ في مختبرات سرية، حيث تستعين بمطابع متخصصة في تصنيع علب الأدوية بطريقة محكمة ومطابقة تماما للعلب الأصلية.. خطر استهلاك الأدوية المهربة وقفت النقابة الجهوية للصيادلة على عدة حالات لأدوية مزورة. وأشار الدكتور إدريس بوشنتوف إلى أن هناك عدة حالات خطيرة تسبب فيها استهلاك الأدوية المهربة، وينتظر من هؤلاء الضحايا الإدلاء بشهاداتهم. كما أن كميات من المواد شبه الطبية تعرف طريقها إلى بعض المصحات في مختلف المدن المغربية كخيط العمليات والكحول الطبي.. إن الأدوية المهربة مزورة ومقلدة ومنتهية صلاحيتها باعتبار أنه يتم تغيير تواريخها، إضافة إلى فقدانها لفعاليتها نظرا إلى ظروف نقلها وعدم احترام شروط حفظها، مثل الأنسولين، التي يجب أن تكون في أمكنة خاصة. وقد وقفت النقابة الجهوية للصيادلة على عدة حالات لأدوية مزورة. وأشار الدكتور إدريس يوشنتوف إلى أن هناك عدة حالات خطيرة تسبب فيها استهلاك الأدوية المُهرَّبة، وينتظر من هؤلاء الضحايا الإدلاء بشهاداتهم. ومن هذه الحالات وفيات. «بلغ إلى علمنا، مؤخرا، أن إحدى النساء توفيت جراء اقتنائها دواء من سوق الفلاح.. وحالة لأحد المرضى بالقلب اقتنى دواء «الفياغرا» من سوق الفلاح، بعد أن رفض الصيدليّ بيعه له لِما يشكّله من أخطار على تلك الحالة بالذات».. هي حالات لا تمثل إلا النزر القليل مما قد يحدث للمواطنين، إضافة إلى استعصاء واستفحال الأمراض لدى المواطنين الذين يفضلون اقتناء تلك الأدوية الفاقدة لفعاليتها أو لتحوُّلها إلى سموم. وقد يجد مشترو هذه الأدوية داخل علبة دواء مهرب من سوق الفلاح أنواعا مختلفة من الأدوية، حبات حمراء وأخرى بيضاء، صغيرة وكبيرة الحجم بتواريخ استعمال مزورة.. والغريب أن تجد تاريخ الاستعمال على لوحة الأدوية الداخلية غير تاريخ استعمال الأدوية على وجه العلبة. وقد تم مؤخرا على الصعيد الدولي الحديث عن دواء «بلافيكس» باهظ الثمن، والذي تم تقليده بشكل يصعب اكتشافه. وخلصت التحاليل المخبرية في فرنسا إلى أن هذا الدواء المقلد والمصنوع في الصين، الذي يباع عن طريق الاأنترنت، له «صفر» في المائة من الفعالية.. مع العلم أنه دواء حيويّ، حيث يستعمل في الحالات المستعجَلة، كالشلل النصفي أو حوادث العضلية العصبية. لا بدَّ للمرء أن يقتنع بأن جلّ الأدوية المهرَّبة التي تباع في «سوق الفلاح» مزورة ومستنسَخة ومنهية صلاحيتها، حيث لا يعقل أن تباع تلك الأدوية بأسعار أقلَّ من أسعارها عند المصدر، فأين هو الربح وأين هو رأسمال المنتوج ومصاريف نقله وتكاليف توزيعه؟.. «وهو ما يجب أن يفهمه المواطن، لأنه يخاطر بحياته من أجل دريهمات يُخيَّل له أنه سيكسبها ويضع حياته وحياة أطفاله وحياة أسرته في خطر مؤكد، فلا يجب علينا أن نستبدل الشك باليقين»، يوضح الصيدليّ، موجها رسالته للمواطن مفادها ألا يقتني الأدوية مجهولة المصدر والمتوفرة عند أشخاص غير مؤهلين لبيعها حفاظا على حياته وصحته، مؤكدا أن في الأدوية الجنيسة حلّا شافيا والتي تعَدّأثمنتها في متناول الجميع، وهي أقل بكثير من أثمنة الأدوية التي تباع في سوق الفلاح في وجدة.. «صيدليات» سرية للأدوية الفاسدة المهربة تمكنت عناصر الأمن الولائيّ، التابعة لمصالح الشرطة القضائية في ولاية أمن وجدة، زوال الأحد، 11 نونبر 2012، من حجز كميات مهمّة الأدوية المهرَّبة من الجزائر، تتكون من 756 علبة من مختلف الأدوية وكذا 470 قرصا من المنشط الجنسي «الفياغرا» وقنينتين مسيلتين للدموع من الحجم الصغير بسعة 80 ملغ. من صنع ألمانيّ، مهربة من الجزائر، كما تم حجز 38 علبة من الأدوية منتهية الصلاحية وسبق لعناصر فرقة المجموعة الثانية، التابعة لمصالح الشرطة القضائية في ولاية أمن وجدة، أن أحالت، صباح الخميس، 19 نونبر 2009، على العدالة شخصين من أجل تهريب الأدوية من الجزائر وترويجها في المغرب وحيازة عملة صعبة بدون سند قانونيّ، في أكبر عملية والأولى من نوعها لمحاربة ترويج الأدوية المهرّبة على صعيد التراب الوطني، في حملة نفّذتها مصالح الأمن المذكورة، حيث تمكنت من حجز 2200 علبة ل220 نوعا من الأدوية المهربة من الجزائر، تتضمن كمية من الأدوية منتهية الصلاحية، تفوق قيمتها 120 مليون سنيتم، إضافة إلى مبلغ مالي من العملة قدر ب80500 دينار جزائري. وكان «المرآب -الصيدلية» عبارة عن مستودع للأدوية أو «صيدلية» تنقصها أجهزة التبريد والمحافظة وواجهة ورفوف لتصنيف الأدوية وعرضها ورخصة لفتحها.. حيث تم حجز كميات كبيرة من الأدوية المهرَّبة من الجزائر ومنتهية الصلاحية، تظهر على علبها الأثمان بالعملتين الدينار الجزائري أو الأورو. كما أفضى اعتقال مروج الأدوية المهرَّبة إلى إيقاف أحد مزوديه الرئيسيين البالغ من العمر 53 سنة وحجز لديه كمية من نفس الأدوية هي عبارة عن أقراص وتحاميل وسوائل وحقن وعلب فارغة تم تصريف محتوياتها. كما تتضمن هذه الأدوية أنواعا تخصّ علاج أمراض العظام والجهاز البولي والجهاز الهضمي والسكري والفطريات وأوجاع الرأس والحمى والمسكنات والمضادات الحيوية والإبر وخيوط العمليات الجراحية وقياس السكر في الدم ومواد تنظيف الأسنان... كما حجزت عناصر السرية الجمركية، التابعة للمديرية الجهوية للشمال الشرقي في الناظور، في السنة ما قبل الماضية، 8700 لتر من الكحول الطبية معبَّأة في 348 برميلا من فئة 25 لترا للواحد، بقيمة 1044 درهما على طريق «تاويمة»، محمولة على متن شاحنة -ثلاجة صغيرة من نوع «ميتسوبيشي»، مرقمة في الناظور. ولا بد من الإشارة إلى أن المشرّع خوَّل، بموجب المادة ال6 من ظهير 19 فبراير 1960، حق امتلاك وبيع الأدوية بصفة انفرادية للصيدلي، وقد اعتبرالمشرّع في هذا الشأن كل ممارسة من طرف غير الصيدلي غيرَ شرعية. كما أن الأخير هو الشخص الوحيد المختص والمؤهل لضمان السلامة الصحية للمواطنين على صعيد الأدوية، وهو الذي يمثل سلطة حماية صحة المواطنين، لذا فحق احتكار وبيع الأدوية يقتصر عليه وعليه فقط. أدوية مغربية بأثمنة منافسة «يحب على للمواطن أن يعلم أنه إذا كان في نيته اقتناء دواء مهرَّب من سوق الفلاح في وجدة أو غيرها من المدن التي تعرف هذه الظاهرة، بسبب غلاء الأدوية، أن ذلك حجة واهية ولم تعد مقبولة، حيث إن الأدوية المعادلة الجنيسة لها موجودة بأثمنة جدِّ منخفضة بكثير من أثمنة الأدوية الأصلية.. وبمعنى آخر، فإن الحاجز الذهنيّ لرخْص الأدوية لم يعد له من مبرر»، يوضح رئيس النقابة الجهوية لصيادلة في وجدة. وشدّد المتحدث نفسُه على أن هذه الأدوية متوفرة في الصيدليات وبجودة عالية، مشيرا إلى أحد الأدوية الخاصة بعلاج مرض المعِدة، والذي كان ثمنه 330 درهما وأصبح له دواء جنيس ب29 درهما فقط وبنفس الفعالية، ناصحا إياه بألا يستبدل الشك باليقين. ومن جهة أخرى، طالب صيادلة وجدة الجهات المسؤولة بأن تتيح لرجال الأمن والدرك والجمارك وسائل وأدوات أكثر لتكثيف جهودهم للحد من ظاهرة تهريب الأدوية من الجزائر. يُذكر أنه يتم إتلاف جميع الأدوية المهربة المحجوزة بالإحراق، حتى لا يخاطر باستهلاكها مرة ثانية. ومن جهة ثانية، تقوم المصالح الأمنية والجمركية والدركية بمحاربة ظاهرة تهريب الأدوية، إنْ على مستوى سوق الفلاح أو على مستوى المسالك والمعابر التي يسلكها المُهرِّبون. ويتخوف بعض الصيادلة والمهنيين وموزعي الأدوية في الجهة الشرقية والمواطنين من أن تتحول أسواق الجهة الشرقية وغيرها إلى مزابل للأدوية منتهية الصلاحية، المهرّبة من الجزائر، والتي تحتفظ مخازنها بعشرات الأطنان من الأدوية الفاسدة والقاتلة، باعتراف مصالحها الرسمية.
أدوية الجزائر القاتلة تدق ناقوس الخطر كشفت مديرة البيئة في وزارة تهيئة العمران والبيئة في الجزائر العاصمة، في تصريح لها في فبراير الماضي، وجودَ مخزون من 42 ألفاً من الأدوية منتهية الصلاحية الواجب التخلص منها، سواء عن طريق الحرق أو المعالجة الخاصة في خانة النفايات الخاصة. ويتواجد مخزون الأدوية منتهية الصلاحية المستورَدة أو المُنتَجة محليا أو التي تم رفضها، لعدم استجابتها لمقاييس اليقظة الصيدلانية أو لعدم حصولها على تصريح تسويقها في كل من الجزائر العاصمة ووهران وسكيكدة وتبسة . واستنادا إلى جريدة «الشروق»، الجزائرية، في طبعتها ليوم الأربعاء، 27 يوليوز 2012، فقد كلفت هذه الأدوية منتهية الصلاحية المؤسسة الوطنية الجزائرية لتوزيع الأدوية بالتجزئة خسارة ب20 مليار دينار جزائريّ خلال 6 أشهر فقط.. ودق مجموعة من موظفي المؤسسة الجزائرية ناقوس الخطر بخصوص مستقبل المؤسسة الوطنية لتوزيع الأدوية بالتجزئة، جراء ارتفاع فاتورة خسائر المؤسسة بسبب الأدوية والمواد الصيدلانية منتهية الصلاحية، حيث كشفوا عجزا ماليا يزيد على 20 مليار سنتيم خلال الأسدس الأول من العام الجاري، جراء الأدوية» منتهية الصلاحية»، معبّرين عن خشيتهم من وصول المؤسسة إلى مستوى أدنى من المستوى الذي وصلت إليه . ومن جهة أخرى، أقرّت وزارة الصحة الجزائرية، حسب ما أوردت صحيفة «الشروق» الجزائرية، في نسختها ليوم 3 مارس الماضي، بوجود مافيا تجارة الأدوية أغرقت السوق الجزائرية بأطنان من الأدوية ومواد التجميل منتهية الصلاحية، المسمومة والقاتلة، حيث بيعت بأقلَّ من أسعارها المعروفة في السوق، وعمد موزعو الأدوية إلى إعادة تزوير لاصقات تاريخ الصلاحية بالنسبة إلى الأدوية.