خرجت الجلسة الشهرية الأخيرة لرئيس الحكومة عن المألوف منذ تولي الحكومة الحالية مسجلة عدة مستجدات. فقد تجاوزت الجلسة حول الأثار المباشرة وغير المباشرة لتجميد جزء من الاستثمارات مدة النصف ساعة بقليل، بسبب وجود الأغلبية في قاعة الجلسات العمومية بمجلس النواب، ومقاطعة فرق المعارضة لهذه الجلسة تنفيذا لنتائج الاجتماع الذي تم بينها احتجاجا على التوقيت المخصص للمعارضة. وكان رئيس الحكومة هذه المرة يخاطب الفرق المشكلة للأغلبية الحكومية دون حاجة إلى الالتفات نحو أقصى اليمين الذي اعتاد أن يتخذه فريق الأصالة والمعاصرة أو أقصى اليسار المخصص للفريق الاشتراكي، فيما كان رد رئيس الحكومة على قرار المقاطعة بعقد الجلسة بمن حضر. وفي سياق التوضيحات بشأن محور الجلسة الشهرية أوضح عبد الإلاه بنكيران أن تجميد الاستثمارات لايهم المشاريع القائمة أو ذات الأولوية بل يعني المشاريع القابلة للتأجيل. وأوضح أن القرار يهم في الواقع 9 ملايير درهم لأنه لم يكن في كل الأحوال صرف 15 مليار درهم كاملة، مضيفا أنه تمت مراعاة وقع ذلك على المقاولات، حيث بادرت الحكومة إلى عقد المجالس الإدارية للمؤسسات العمومية بانتظام والمصادقة على ميزانياتها، كما سجلت الاعتمادات المستحقة للمؤسسات العمومية ارتفاعا ب 17 في المائة مقارنة مع الربع الأول من السنة الماضية وذلك لتفادي أي تأثير على المقاولات. وأبرز رئيس الحكومة أن هذا القرار كان اضطراريا لتفادي تسجيل عجز الميزانية في 8 في المائة، مقابل 6.1 في المائة في السنة الماضية علما أن الحكومة السابقة كانت تتوقع العجز في 3.5 في المائة. الميزة الأخرى في هذه الجلسة تمثلت في انتفاء مؤشرات التوتر والتشنج بين مكونات من المعارضة ورئيس الحكومة الذي أراد إعطاء الانطباع بضبط النفس وعدم الانزعاج من غياب المعارضة، لكنه لم يخرج عن طبيته المعتادة بانتقاد المشوشين على عمل الحكومة ونعت المعارضين لتجميد الاستثمار بالذين ألفوا الاغتناء من السياسة قائلا «من الطبيعية أن الذين ألغوا المصالح الشخصية أن يقلقوا من طريقة عمل الحكومة». وفي نفس الاتجاه ظل هاجس التصويت ملازما لخطاب بنكيران قائلا في هذا الإطار إن الشعب يتفهم القرارات التي نتخذها وإذا أراد أن يصوت «عليَّ» على خاطرو وإذا لم يرد التصويت فله واسع النظر». وهو خطاب لاحظ تكراره في معظم الجلسات الشهرية وكان محط انتقاد عدة أطراف ذهبت إلى حد وصف ذلك بحالة شرود لكونه خارج السياق. هذا وقد شدد رئيس الحكومة على ضرورة الانتباه إلى رقم الدين الخارجي الذي وصل إلى 600 مليار درهم، وأرجع أحد أسباب «أزمة الميزانية» إلى ما أسماه السياسة التوسعية للحكومات السابقة، وقد أمكن للرأي العام الوطني الذي قال بنكيران إنه يخاطبه من خلال النواب أن الزيادة في الأجور غير واردة خاصة وأن الكتلة بلغت 100 مليار سنتيم، وبذلك تبقى الزيادات الواردة بالنسبة للرأي العام في أسعار المواد. ويبقى السؤال الذي تم تداوله في كواليس البرلمان، ماهي خبايا الجلسة الشهرية المقبلة في ظل مقاطعة المعارضة؟!