كون وزير العدل السابق لجنة متفرعة إلى عدة لجن لإعادة النظر في مجموعة القانون الجنائي لسنة 1962 مع ما عرفه من تعديلات في ضوء توصيات المناظرة الأولى التي عقدتها وزارة ا لعدل سنة 2004 في موضوع «السياسة الجنائية» . وقد تم «الضغط» من أجل إخراج هذه التعديلات إلى الوجود في الولاية السابقة، إلا أنه من حسن الحظ أن عمل بعض هذه اللجن ظل عالقا، حيث سبق أن طالبنا بالتريث لكي لا يزداد المولود مشوها على مستوى تناغم النص القانوني وتفادي فدلكة الفصول على غرار مقتضيات قانون المسطرة الجنائية الذي دخل حيز التنفيذ يوم فاتح أكتوبر 2003، خاصة فيما يتعلق بتعقيد الإحالة على نفس مواد القانون وقوانين أخرى يستحيل على القضاة والمحامين المتمرسين فك طلاسيمها، أو من جانب الثغرات ببعض المواد كحالة طعن النيابة العامة في الأوامر الصادرة بالسراح المؤقت عن الغرفة الجنائية (الابتدائية) والتي مازالت مطروحة رغم محاولة الترقيع ، أو من زاوية عدم مراعاة الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية عند سن مقتضى قانوني لكي لا يولد ميتا، كشأن القانون المنظم للمؤسسات السجنية، وقانون المسطرة الجنائية الذي قال وزير العدل السابق أن تفعيله يحتاج إلى 800 قاض، و 1000 موظف ومبالغ مالية. وقد دأبنا في «العلم» وسنظل نثير ما اصطلحنا عليه ب «أزمة التشريع» التي استعرضنا بعض مظاهرها في العدد المنصرم من صفحة «المجتمع والقانون» في أفق صياغة نصوص قانونية محكمة من قبيل ما أقرته قوانين الحماية «المتجاوز» على مقاسها ووفق مصالح، وما تم إقراره في بدايات الاستقلال. ولن يتأتى هذا التوجه إلا بالعمل على: اطلاع المجلس الأعلى كمحكمة قانون بتوحيد الاجتهاد القضائي القار تبعا لوظيفته بالنظر لتضارب الاجتهاد داخل الدائرة الاستئنافية الواحدة وأمام نفس المحكمة، علما أن هذا الموضوع لا يكلف اعتمادات مالية من خزينة الدولة وله انعكاسات كبيرة على مستوى جلب الاستثمارات والتنمية المستدامة، والسياسة الجنائية كضبابية مفهوم «الضمانات» المعتمدة في الاعتقال في ظل اكتظاظ المؤسسات السجنية ، حيث أن نسبة الوافدين على السجون الذين لم تكن قرارات وأوامر اعتقالهم صائبة انتقلت من أكثر من 23% ، و40% ثم 50% أحيانا حسب أحد تصريحات وزير العدل، إضافة الى إشكالية «شهادة متهم على متهم»، ومصادرة الأموال المتحصلة من المخدرات، ومفهوم المال العام وغير ذلك مما يعرفه ذوو الاختصاص. اعتماد هيئة استشارية قانونية لدى لجنتي العدل والتشريع بالبرلمان ، وفتحهما (اللجنتين قنوات تواصلية مع المجلس الأعلى،مع إقرار الاجتهاد القضائي القار كمصدر من مصادر التشريع. إعادة هيكلة المصالح الإدارية الموكول إليها حق الترافع أمام القضاء بشكل جذري، بدءاً من مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة، وإدارات الجمارك، والضرائب، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والأملاك المخزنية، بموازاة مراجعة آليات اشتغال الشعب الإدارية القضائية بمختلف الإدارات العمومية والجماعات المحلية. تشجيع الاستشارة القانونية لدى الفاعلين السياسيين وجمعيات المجتمع المدني. اعتماد استراتيجية إعلامية (مرئية ومسموعة) لتشجيع الثقافة القانونية، التي سيكون من مميزاتها أيضا تخفيض كلفة التقاضي الباهظة الثمن والمكلفة لخزينة الدولة، والحد من تشريد بعض العائلات بفعل غياب الثقافة التصالحية في ظل مصيبة منع شواهد المجاملة الطبية... إلخ. وضع مساطر مضبوطة وشفافة لتعيين أعضاء اللجن المكلفة بإعداد الدراسة ، أو إبداء الرأي بشأن مسودات مشاريع القوانين ومقترحات القوانين. إن هذه المسألة المتعلقة بصرف أموال عامة، أو هبات دولية تفرض بالضرورة وضع المقاييس في اعتماد أعضاء اللجن ومكاتب الدراسة مع تقييد أشغالها بضوابط لأنه لا يعقل أن تؤدى المبالغ ونتائج العمل غير مرضية ولا ترقى إلى ما هو مطلوب. الامتناع عن تقديم مشاريع ومقترحات قوانين بنقط الحفظ. قيام الأمانة العامة للحكومة بجرد النصوص القانونية الصادرة بالجريدة الرسمية لتفادي تعارض المقتضيات القانونية وتضاربها كما أوضحنا في العدد الماضي من هذه الصفحة المتخصصة. هذه إذن بعض النقط الجوهرية التي تخدم استقرار التشريع والمعاملات، ومواكبة المجهودات المبدولة لجلب الاستثمارات.