ليهنأ عاطلو المغرب، فليسوا وحدهم الذين يبحثون عن منصب شغل بالعرق الناشف والدم المستباح، بل حتى شباب ورجال دول يودون الهجرة إليها باعتبارها في نظرهم «الجنة المفقودة» أصبحوا يولون وجوههم شطر المغرب في هجرة مضادة قلبت الموازين. إنهم إسبان أفقرتهم الأزمة الاقتصادية في بلدهم فبدأوا يفدون على المغرب للعمل والاستقرار فيه، وقدرتهم إحصائيات رسمية بأزيد من 1113 مهاجرا إسبانيا. وطبعا لم تكن هذه الهجرة اعتباطية أو أن يكون اختيار المغرب كعامل استقطاب للعاطلين الأجانب من باب الصدفة وهو البلد الذي يعيش بدوره أزمة بطالة خانقة لم تستثن حتى أصحاب الشهادات العليا... بل كانت وراء هذا الاختيار عوامل سياسية، اجتماعية واقتصادية يعجز هذا الحيز عن التطرق لها جميعا. فمن الوجهة السياسية نجد أن المغرب عرف كيف يتجنب تداعيات ما يسمى بالربيع العربي وما أفرزه من أحداث وقلاقل طوحت بالعديد من الحكام وأغرقت بلدانا عربية في ثورات دموية لا تريد أن تنتهي... في ظل هذا الوضع عرف المغرب كيف يحافظ على استقراره وتماسكه مما يغري بالعيش فيه. والمغرب أيضا تمكن من الثبات أمام إعصار الأزمة الاقتصادية العالمية بفضل السياسة الحكيمة التي ينهجها من خلال تشجيع واستقطاب الاستثمارات التنموية وما تدره من مناصب شغل وعائدات. وهنا لا بأس أن نشير إلى أن غالبية المهاجرين الإسبان تدفقوا على مدن بعينها يوجد فيها مستثمرون إسبان يوافقون على تشغيلهم.. مع امتياز يمثله الثغران المحتلان سبتة ومليلية بسبب القرب. واجتماعيا لوحظ في ثنايا هذه الهجرة المضادة الإقبال الكثيف لهؤلاء المهاجرين على الأسواق المغربية، لأنهم يجدون أسعارها في متناول إمكانياتهم عوض الأسعار الباهظة التي اعتادوا عليها في بلدهم الأصلي. إنها حكاية جديدة.. وعش رجبا ترى عجبا.