سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأغاني التي أدتها نادية داخل السجن كانت جزءا من العمل السري مع الفدائيات الفلسطينيات احدى السجينات اليهوديات كانت تعمل معها والسجانات ساعدنها في ذلك دون أن يدرين
عشية عودتي إلى إسرائيل، اقترحت نادية بأن نشرب شيئا ما في أحد المقاهي الفاخرة، وقالت انظري الى غروب الشمس الرائع، وانسي هذا اليوم، وخيبات أملك. ولكنني فضلت العودة إلى البيت وقلت نعود حتى نسمع بعض الأغاني التي كتبتها في السجن، قلت ذلك في محاولة أخيرة لأثير فيها وميض الحنين والتعاطف مع إسرائيل. ولكنها عارضت ذلك فيما أبدت شقيقتها مرلين رغبة في ذلك. وهكذا لم تنضم نادية الينا في الغناء وقالت انها لاتحب الأغاني. وأضافت تقول أنت بالتأكيد لاتعرفين، ياعدنه، ان كل أغنية سمعتها كان لها معناها الخاص، الذي لم تفهموه. ان كان أغنياتي كانت جزءا قويا من عملنا السري. أي عمل سري؟ * عملنا السري في السجن.. عمل من هذا؟ * عملنا السري مع الفدائيات الفلسطينيات في القسم الأمني. حتى أن احدى السجينات اليهوديات كانت تعمل معنا. كما أن السجانات ساعدتنا في ذلك، ولكنهن لم يفهمن ما يفعلن. ماذا تقولين يا نادية، هل هذه نكتة؟ * لا، ليست نكتة، إنه أمر جدي. وكنت أحاول أن أقول لك ذلك منذ زمن بعيد، وأنت لاتفهمين أنني لم آت الى إسرائيل عبثا، أو لأنني غبية، انني جئت بدافع ايديولوجي، وكنت مقتنعة بأنني أعمل الصحيح. وقد كان لدينا قصة جاهزة لمحققيكم، جزء منها حقيقي والجزء الآخر غير حقيقي. ولماذا كنت بحاجة إلى العمل السري في السجن؟ كلهم عاملوك معاملة جيدة، وكنت تفعلين ما تشائين. * من أجل أن نبقى على اتصال مع رجالنا في لبنان،ولكي نكون دائما في الصورة، وأن يكونوا هم على معرفة دائمة بأوضاعنا من أجل أن يساعدونا. وقد خططنا ذات مرة للهروب من السجن. وكيف كان يتم هذا الاتصال؟ * عن طريق أسر الفدائيات الفلسطينيات، في القسم الأمني المغلق. فقد كن يحظين بزيارات، وكن يخبئن عندي أغراضا أحضرتها لهن مثل: الرسائل. ومعلومات مني والي، والنقود وأنت تعرفين بأن المال مهم في السجن. أن السجانات كن يثقن بي، ولم يقمن بتفتيش غرفتي أما أنا فلم تكن أسرتي تزورني. وكان الذي يزورني صهاينة، وبخاصة أنت. وكان أبي عوز يهرب لي رسائل أحيانا إلى الخارج. فقد أرسلت من خلاله رسائل الى العائلة. وكانت هناك أيضا سجانة تقوم بإرسال رسائل مهربة مني، ليس بدافع النفع المادي، إنما بدافع التفهم لوضعي. نادية، انك ببساطة خدعتنا جميعا. فقد انكرت الجميل. وقد كنت تقولين انك تشعرين بأنك جزء من اسرائيل، وبكيت عام ضحايا «الإرهاب» وقلت بأنك تفهمين بأن للشعب اليهودي الحق في الحياة بهدوء، فهل كانت كل هذه الأقوال كذبا؟ * لم يكن أمامي خيار، فماذا كنت تفعلين لو كنت تقبعين في سجن عربي، على سبيل المثال؟ انني ببساطة فهمت بأن هذا هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن بفضله أن أعيش في السجن وأن أخرج من هناك بحالة جيدة، وبأسرع ما يمكن. وفي الحقيقة لم أكن اعتقد بأنني سأخرج من السجن بالسرعة التي خرجت بها. ولكنني بحق أحببتكم، انكم تعتقدون بأنكم على حق، ومهم جدا بالنسبة لكم أن يوافق الآخرون على حقكم هذا، وهذا الأمر سهل علي المهمة. كذلك، عندما كانت الحقائق معكوسة، رفضتم الوثوق بها. - ماذا تقصدين؟ ٭ أحيانا قلت لكم هذا من خلال الأغاني، وأنتم لم تفهموا، فعلى سبيل المثال أغنية «في الأمس ذهبت» والتي أحببتها أنت كثيرا، كتبتها بمناسبة ذكرى وفاة بوديه، رئيس مكتب الجبهة الشعبية» في أوروبا. فعندما قتل عرفنا بأنكم قتلتموه، وكنا نحبه كثيرا وكنا حزينات من أجله. وقد تظاهرنا أمام مديرة السجن رعيه افشتاين بأننا سعيدات حقا بوفاته، ولكن ما أن ذهبنا بعد ذلك إلى المنطقة الزراعية، حتى بكينا بمرارة لمقتله، وقد كتبت الأغنية لذكراه مع كثير من الألم. أتريدين مثلا آخر؟ عندما ألقي القبض على اودي أديب وداني فيريد، كانت قلوبنا معهما وأردنا أن نشجعهما، ولهذا كتبت لهما قصيدة هربتها إلى سجن الرملة. وأنت تذكرين هذه القصيدة التي كتبتها حول سمكتين غادرتا فجأة حوض السمك وسارتا على أرض صلبة وجافة من أجل أن العثور على ما تريد، فنظرتا إلى الخلف وإذا بهما أمام سرب من السمك،،، لقد أردنا أن نشجع أودي وداني، ونعطيهما الأمل حتى لا يبقيا وحيدين. أما أنتم فقد كنتم تفسرون كل قصيدة أو أغنية بمعنى آخر، في حين أن كل كلمة كتبتها كان لها معناها، أنا لا أرغب في أن تنشري ما قلت في إسرائيل، لأن هذا قد يضرك، فحافظي عليه فقط لنفسك. - لماذا، ربما من الجدير بنا أن نتعلم من ذلك درسا؟ ٭ ستبدون أغبياء، وربما يضر ذلك أيضا بمديرة السجن. ولا تنسي أيضا أنني أنا الذي كنت أنظم الإضرابات في السجن، وهي لم تعرف عن هذا شيئا. - وماذا يضرها، هل ستتضرر لأنها منحتك الثقة، أم لأنها وثقت من أن البذرة التي زرعتها في معاملتها للفدائيات هي مساهمتها المتواضعة في السلام وتقريب القلوب؟ أنتم لا تريدون السلام، يا عدنه. انتم تريدون أن تلتهموا كل شيء، ولديكم شهية كبيرة.. في اليوم الثاني كنت اعد امتعتي للعودة إلى اسرائيل. وقد فاجأتني كل من ناديه ومرلين في غرفتي وأنا احزم امتعتي. وبناء على طلب ناديه نزلنا لنحتسي كوبا من الشاي في حديقة القصر الذي انزلوني فيه. وهنا قدم واحد من الطائفة اليهودية لوداعي، وذهبت نادية ومرلين لتتجملا لمدة عشر دقائق ثم توجهتا فجأة وبسرعة إلى هيئة جريدتهما وتركتاني بسرعة قائلتين انهما ستعودان في الساعة الثالثة بعد الظهر من أجل وداعي في المطار» ووعدت ناديه بذلك قبلتني.