بالنسبة لكم ككتلة، ألم يكن بينكم بعض من يريدون المشاركة وآخرون لا،وكذلك الأمر داخل نفس الحزب خاصة وقد صرح الملك في خطاب 6 نونبر 1993أن شبابا من أحزابكم طلبوا منه أن يدفعكم إلى المشاركة كونهم يريدون التعلم وخدمة الوطن؟ لقد حرص السي امحمد بوستة، والذي كان من الممكن أن يتولى منصب الوزير الأول، كل الحرص على أن تبقى الكتلة مجتمعة وكان مخلصا في هذا، وما كنا نناقشه ونخلص إليه كان ملزما لنا جميعا. وكان بوستة قدم مقترحات خلاصات التشاور مع أعضاء الكتلة غير أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار، فبطبيعة الحال سيكون الرفض. وقد تبين إخلاصه خاصة في حكومة التناوب الثانية لما كانت الاستشارة وقبل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي تولي منصب الوزير الأول ، فقد كان من الممكن أن تكون الكتلة هي الربان وتناقش الأمر وتقدم رأيها، غير أن ذلك لم يتم،وتم الاقتصار على شخص واحد دون أن يرجع في اخذ القرارات إلى الكتلة بل وحتى إلى حزبه،أحيانا كان يستشير امحمد بوستة، وحسب ما وصلني فحتى ما قدمه القيادي الاستقلالي لم يتم أخذه بعين الاعتبار، ولهذا السي عبد الرحمان اليوسفي لعب دورا كبيرا في فشل التجربة الثانية والتي لم تعط النتائج المطلوبة والمرجوة. قبل المقارنة بين التجربتين وظروفهما نكمل حديثنا عن التجربة الأولى، فهناك من يؤاخذ على السيد امحمد بوستة عدم القبول بالمشاركة، ما قولك في هذا وأنت أحد الحاضرين أثناء النقاشات؟ لقد كان على حق في اتخاذ القرار في ظل عدم استجابة الطرف الآخر لشروطنا، وما يحسب له كذلك أنه كان ملتزما في إطار الكتلة وكان يقول إن قبلت الكتلة بالمشاركة فأنا عضو فيها، وكان يدافع على أن تكون الكتلة هي القاطرة والقوة الأساسية في الحياة السياسية المغربية، لان ذلك سيعطي نتائج ويمكنها من الاستمرارية،في حين كانت لعلي يعته اقتراحات أخرى منها ضرورة التساهل والأخذ بعروض الملك لأن هناك مجموعة من الأوضاع تستلزم ذلك،بالنسبة لنا داخل تنظيمنا كنا واضحين حيث رفضنا المشاركة في ظل شروط تقيد عملنا،لأنه كلما كان هناك تردد وعدم ثبات في الموقف سيخسر المرء كل شيء، فمثلا لو كان موقفنا ثابتا بخصوص عدم التصويت على دستور 1996 ب «نعم» لكانت النتائج أخرى وكلام آخر، خصوصا وكنا قدمنا مذكرات تخص الإصلاحات ولم يؤخذ بها،بل ولم نتلق جوابا بخصوصها. التجربة الأولى فشلت لأسباب تفضلتم بذكرها، بعدها تم التصويت على دستور 96، وبعدها انتخابات 97 التي أعطت أسبقية للاستقلال على مستوى القرويات والبلديات وللاتحاد على مستوى البرلمان،هنا وقع «تنافس وتسابق» من اجل تشكيل الحكومة انتم داخل الكتلة كيف تعاملتم مع هذا الوضع؟ أولا كان من حق الملك أن يختار طبقا للدستور،أما فيما يخص قضية الأغلبية لحزب معين لم تكن دستورية،وهنا أعود إلى مقترحاتنا كنا نريد أن نجعل الأمر دستوريا بحيث ينص الدستور- كما جاء في الحالي- على أن يكون الوزير الأول من الحزب الذي حصل على الأغلبية ،لان الحزب لن يكون في الحكومة إلا إذا كان عنده الأغلبية أو كان يمثل مشروع تحالف معين،إذن هذا التجاذب وقع، وماذا نتج عنه؟ نتج أن الاتحاد لما ترأس الحكومة في 1998 لم يكن يمثل الأغلبية بل أعطيت له وهو ما رفضناه في التجربة الأولى،وهذه الأغلبية لم تعط له ببرنامج ولكن بتعليمات،وبأحزاب مصنوعة وإدارية هي التي شكلت الأغلبية. هذه عملية غير سليمة وغير ديمقراطية، لأن التكتل والأغلبية يكونان عادة مع أحزاب تشترك معها في برنامج سياسي وان كنت تختلف معها ايدولوجيا. فالتحالفات كما هو متعارف عليها ديمقراطيا يمكن أن تكون حتى بين اليمين واليسار، ولكن هناك نقط أساسية تهم قضايا اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية حولها يتم التحالف انطلاقا من برنامج موحد،هذا لم يحصل آنذاك فالأحزاب التي شكلت مع بعض أحزاب الكتلة في 1998 الأغلبية لا يجمع بينها أي خيط ناظم وكانت تبحث عن مصالحها الشخصية، امسكوا الوزارات وفعلوا ما أرادوا غير مراعين إلا مصلحتهم ومصلحة أحزابهم وتوظيف من يريدون،الوزير الأول لم يقدر على محاسبتهم فهم ليسوا تحت سلطته . لكن هنا كيف تمت المفاضلة بين اليوسفي وبوستة خاصة وقد أشرتم إلى أن عملية الاختيار من الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد لم تكن مسألة دستورية؟ الاتحاد الاشتراكي لم يسبق له أن صوت للدستور حتى سنة 1996 في حين صوت الاستقلال سنة 1962، كذلك بالنسبة للمشاركة في الحكومة فمشاركة الاستقلال كانت أكثر من الاتحاد لذا اختار الملك أن يأتي بالاتحاد الاشتراكي لقيادة الحكومة . لماذا الاتحاد الاشتراكي بالضبط؟ مادام الحزب سيقبل حكومة صاحب الجلالة، ولا توجد عنده إرادة فأهلا وسهلا به، فلو كانت الإرادة عند الوزير الأول آنذاك فقد كانت الفرصة مواتية لطرح ومعالجة العديد من القضايا،فان لم تتم الاستجابة ليتقدم باستقالته، وهو ما لم يحدث. فقد كانت هناك فرصة لتصحيح الكثير، فمثلا تعيين السفراء لم يكن يعلم بها الوزير الأول حتى تذاع في وكالات الأنباء، نفس الأمر بالنسبة لتعيين الولاة والعمال الذين كانوا تحت سلطة وزير الداخلية وكان يصنع لهم الخريطة كيفما شاء،كذلك قمع المحتجين والمتظاهرين وأصحاب الحق لا يكون للوزير الأول أي علم به حتى يسمعه في الإذاعة كما اسمعه أنا كمواطن عادي ...وهذا كله قلته للأستاذ اليوسفي لما عرض علينا المشاركة. يتبع