بعد غد الجمعة ستنطلق رسميا عملية عبور أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج لموسم 2011... وهو الموعد الذي تم تحديده خلال اجتماع عقدته الأسبوع الماضي لجنة مشتركة مغربية إسبانية بمدريد بحضور وزير الداخلية الإسباني «خوستو سامبدانا» ومندوبي الحكومة الإسبانية بقادس، مالقة اليكانطي، وسبتة ومليلية السليبتين وممثلي وزارات الصحة والنقل والدفاع والأمن، والشؤون الخارجية والتعاون والوقاية المدنية والصليب الأحمر. ومن الجانب المغربي حضره مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية السيد خالد الزروالي، وممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، والتجهيز والنقل، والإدارة العامة للأمن الوطني، والوقاية المدنية، ومؤسسة محمد الخامس للتضامن. وكان من أبرز ما تطرق إليه هذا الاجتماع في المجال الأممي تكثيف عملية تبادل المعلومات والمعطيات الأمنية، ودعم الدوريات الأمنية الموجودة في الموانئ، وتعزيز التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا من خلال نقطتي العبور الموجودتين في ميناءي الجزيرة الخضراء وطنجة. ومن خلال قراءة متأنية لما أسفرت عنه قرارات اللجنة المشتركة المغربية الإسبانية بخصوص عملية العبور، يتضح جليا طغيان الهاجس الأمني على ما عداه من قرارات اجتماعية أخرى... وذلك من خلال الحرص على تحريك العمليات الأمنية بتشديد المراقبة، ودعم الدوريات الأمنية في الموانئ وتعزيز التنسيق الأمني وتسريع تبادل المعلومات... هذا الهاجس الأمني كان حاضرا بكل قوة لدى الجانب الإسباني بالخصوص، وأبسط مثال على ذلك حرص إسبانيا على حضور ممثل عن وزارة دفاعها إضافة إلى ممثلين عن الأمن... ويبدو أن هناك ما يبرر هذا التوجه بحكم القلاقل والأحداث الدرامية التي يجتازها العالم المغربي الإسلامي الذي تطالب شعوبه بالإصلاح. ثم تأتي بعد ذلك القرارات الاجتماعية الأخرى من قبيل تنظيم عملية العبور بتجهيز الموانئ بالتجهيزات الضرورية ودعم المصالح الطبية وتفادي الازدحام وطول الانتظار.. وهي القرارات التي تمثل حجر الزاوية في عملية العبور ويجب التركيز عليها قبل أي شيء آخر. فالأمر في حقيقته يتعلق بعودة مهاجرين مغاربة اضطرتهم ظروف البحث عن عمل وتحسين وضعيتهم إلى الهجرة نحو أوروبا من أجل العمل.. ومن الواجب والمنطقي الاهتمام بعودتهم إلى بلدهم الأم لقضاء أيام مع أهلهم وذويهم، خاصة وإن بعض المصادر الاسبانية تتوقع هذه السنة عودة مليونين و500 ألف مهاجر إلى المغرب، وعبور 500 ألف سيارة عبر سبعة موانئ (الجزيرة الخضراء، ألميريا، سبتة ومليلية المحتلتين، طريفة، مالقة واليكانطي). والمؤمل حقا ألا تتكر نفس هفوات وأخطاء مواسم العبور السابقة حيث ظل المهاجرون يشتكون من سوء الاستقبال، ومن صعوبة المرور، ومن معاناتهم مع عذاب الازدحام وطول الانتظار، ومن الإهانة أيضا مما ينغص عليهم فرحتهم بالعودة إلى أرض الوطن ولقاء الأحبة. ثم إن هؤلاء المهاجرين لاتنتهي معاناتهم بمجرد اجتيازهم «لصراط» العبور بل غالباً ما تلاحقهم المشاكل حتى وهم داخل الوطن. مهاجرونا في حاجة إلى اهتمام جدي يلبي طموحاتهم ويجعلهم يفتخرون بانتمائهم الوطني.